توتر أمني يسبق جلسة منح الثقة لحكومة حسان دياب

نقل 18 مصابا للمستشفيات جراء مواجهات وسط بيروت بحسب الصليب الأحمر اللبناني.
الثلاثاء 2020/02/11
لا ثقة في حكومة حسان دياب

بيروت ـ يعقد البرلمان اللبناني جلسة لمنح الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف حسان دياب، المدعومة من حزب الله، في أجواء من التوتر السياسي والأمني في الشارع الرافض لتشكيل حكومة لا تلبي مطالبه.

ويطالب المتظاهرون بتشكيل حكومة من اختصاصيين بعيدا عن سياسة المحاصصة الطائفية التي اغرقت البلد في دوامة الصراعات.

وفي مستهل الجلسة، قال حسان دياب "نحن وأنتم نواجه اعتراضاً شعبياً ومخطئ من يعتقد أنه سينجو من أي انهيار، فلنتواضع جميعأً ولنعترف أن إعادة الثقة تكون بالأفعال".

وتابع أن "لبنان يواجه أزمات اقتصادية واجتماعية خانقة وفقراً مدقعاً وانهياراً في البنى التحتية والخدمات الأساسية وتهديداً مباشراً لرواتب المواطنين ولقمة عيشهم".

وشدّد دياب على أن "الإصلاحات التي نلتزم بها نابعة من مطالب اللبنانيين إضافة إلى الدول المانحة"، مؤكدا بأن"الحكومة ستتخذ خطوات بعضها مؤلم ضمن خطة شاملة".

ومن المقرر أن يصوت النواب على بيان بسياسة الحكومة يفيد بضرورة اتخاذ "خطوات مؤلمة" لمعالجة الأزمة المالية التي أفقدت العملة ثلث قيمتها كما دفعت البنوك لفرض قيود على السحب من الودائع.

وقد شهد الشارع في لبنان تصعيدا جديدا بعد بدء مواجهات بين متظاهرين وقوات الأمن بمحيط مقر البرلمان أسفرت عن نقل 18 مصابا للمستشفيات جراء الاشتباكات الدائرة بحسب ما أفاد الصليب الأحمر اللبناني.

وذكر الصليب الأحمر، عبر حسابه على موقع تويتر، أن ثماني فرق من الجمعية تعمل على نقل الجرحى وإسعاف المصابين.

وكتب :"تم حتى الساعة نقل 18 جريحا إلى المستشفيات، وتم إسعاف 140 مصابا".

وأطلقت قوات الأمن اللبنانية في وقت سابق الغاز المسيل للدموع ومدفع مياه باتجاه محتجين يرشقونها بالحجارة لمنع النواب ومسؤولي الحكومة من الوصول إلى البرلمان لإجراء تصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة بزعامة رئيس الوزراء حسان دياب.

وحاول المتظاهرون عرقلة وصول النواب إلى مقر المجلس النيابي منعاً لإنعقاده إنطلاقاً من رفضهم منح الثقة للحكومة برئاسة حسان دياب، التي يرون إنها لا تحقق مطالب رفعوها منذ أشهر.

ودعا الجيش المواطنين في وقت سابق إلى "التجاوب مع التدابير المتخذة وعدم قطع الطرقات إنفاذا للقانون والنظام العام، وحفاظا على الأمن والاستقرار".

واعتبر الجيش اللبناني أن الشغب والتعدي على الأملاك العامة والخاصة يشوه مطالب المتظاهرين.

وكان الجيش أعلن على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية في محيط مجلس النواب والطرقات الرئيسية والفرعية المؤدية إليه قبل جلسة الثقة.

وبرغم انتشار المتظاهرين في محيط المجلس، نجح عدد من النواب من الوصول إلى مقر البرلمان. ووصل عدد منهم باكراً حتى قبل بدء التظاهرات، وفق وسائل اعلام محلية.

وحضر إلى المجلس النيابي رئيسه نبيه بري وعدد من النواب كما حضر رئيس الحكومة حسان دياب وعدد من الوزراء .

وأثناء محاولة أحد الوزراء الوصول إلى المنطقة، وقف متظاهرون أمام السيارة ورشقوها بالبيض، وصرخ أحدهم "استقيل! استقيل!". إلا أن القوى الأمنية أبعدت المتظاهرين بالقوى، وفتحت الأسلاك الشائكة أمام السيارة لدخولها.

وتواجه الحكومة اللبنانية الجديدة بقيادة حسان دياب الاختبار الأخير في محطات تشكيلها، حيث تنطلق الثلاثاء جلسات النظر في بيانها الوزاري تمهيدا لمنحها الثقة، قبل أن تبدأ مهامها الصعبة وفي مقدمتها إقناع الشارع اللبناني والمجتمع الدولي الذي يبدو غير متحمس لها ويفضل التريّث بانتظار الخطوات الأولى التي ستخطوها سواء في علاقة بإدارتها للأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، وأيضا بالنسبة لتموقعها السياسي.

ويحتاج لبنان إلى مساعدة فنية من صندوق النقد الدولي لصياغة خطة إنقاذ اقتصادي، بحسب تصريحات لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري أوردتها صحيفة النهار.

وأضاف بري أن البت في سداد سندات دولية تستحق في مارس ينبغي أن يستند لمشورة الصندوق.

ونقلت النهار عن شخصيات زارت بري إنه يرى أيضا أن لبنان لا يستطيع أن "يسلم أمره" لصندوق النقد نظرا "لعجزه عن تحمل شروطه".

وقال بري إن لبنان ينبغي أن يستغل الفترة المتبقية قبل استحقاق الدين القادم في التاسع من مارس لتوجيه رسالة للخارج "لعلها إلى الأميركيين تحديدا" مفادها أن لبنان يحتاج إلى الاستعانة بالصندوق من أجل تقديم مساعدة فنية.

بري: لبنان بحاجة لصياغة خطة إنقاذ مع صندوق النقد
بري: لبنان بحاجة لصياغة خطة إنقاذ مع صندوق النقد

وأضاف: "لا ‏يزال متاحا أمام لبنان خلال الأسبوعين المقبلين وقبل نهاية الشهر الجاري للاستفادة من هذا الإجراء على قاعدة أن يتمكن لبنان من صياغة موقفه من استحقاق (السندات الدولية) - بدفع التزاماته أو عدم دفعها - بناء على ما ينصحه به ‏صندوق النقد".

وبري من أكثر الشخصيات تأثيرا في البلاد ورشحت حركة أمل التي يتزعمها عددا من الوزراء في حكومة دياب التي تولت السلطة الشهر الماضي منهم وزير المال.

وولدت حكومة حسان دياب في 21 يناير الماضي من رحم مفاوضات قاسية بين حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر وتيار المردة، وفي الظاهر هي حكومة تكنوقراط، بيد أن مؤثثيها يرتبطون سياسيا بحزب الله وحلفائه.

وتقول أوساط دبلوماسية وإعلامية غربية على ضوء الأطراف المشكلة لحكومة دياب، إن الأخير يبدو في حاجة لعصا سحرية لإخراج البلاد من أزمتها المركبة، خاصة وأنه إلى حد الآن لا يبدو أن هناك طرفا دوليا مستعدا لتقديم يد العون.

وتخلف هذه الحكومة حكومة سعد الحريري، التي استقالت في 29 أكتوبر الماضي، تحت وطأة احتجاجات شعبية مستمرة منذ السابع عشر من ذلك الشهر.

ويطالب المحتجون بحكومة اختصاصيين مستقلين قادرة على معالجة الوضعين السياسي والاقتصادي، في بلد يعاني أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990.

كما يطالبون بانتخابات برلمانية مبكرة، واستقلال القضاء، ورحيل ومحاسبة بقية مكونات الطبقة الحاكمة، التي يتهمونها بالفساد والافتقار للكفاءة.

 

الشارع اللبناني غاضب
الشارع اللبناني غاضب

للمزيد: حكومة حسان دياب تواجه الاختبار الأخير قبل نيلها ثقة "هشّة"