توترات الشرق الأوسط تهدد مشاريع النفط في العراق

شركات نفطية عاملة في حقول العراق تجلي كوادرها الأجنبية.
الثلاثاء 2025/06/24
لا شيء يدعو للقلق

البصرة (العراق) - يلقي تصاعد التوترات الأمنية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط بظلاله الثقيلة على استقرار مشاريع النفط في العراق الذي يعتمد بشكل أساسي على صادرات الخام كمصدر رئيسي للدخل.

وبات واضحًا أن الأوضاع الإقليمية غير المستقرة، من النزاعات المسلحة إلى الصراعات الجيوسياسية بين القوى الإقليمية والدولية، تشكل تهديدًا مباشرًا للاستثمارات النفطية في العراق، سواء على مستوى الإنتاج أو التصدير.

وكدليل على ذلك قيام شركات نفط أجنبية عاملة في حقول بجنوب العراق بإجلاء “بعض الكوادر الأجنبية” دون أن يؤثر ذلك على العملية الإنتاجية، على ما أعلنت الاثنين شركة نفط البصرة الحكومية.

وتأتي عمليات الإجلاء هذه “بسبب الوضع الأمني في المنطقة”، حسبما قال مسؤول في الشركة لوكالة فرانس برس طلب عدم الكشف عن هويته.

وقالت الشركة في بيان “إن الشركات العاملة في حقول شركة نفط البصرة (…) قامت بإجلاء بعض الكوادر الأجنبية وخصوصا شركة بي.بي البريطانية العاملة في حقل الرميلة بشكل مؤقت” في محافظة البصرة التي تُنتج معظم النفط الخام في العراق.

بي.بي وإيني وتوتال أجلت بعض كوادرها عكس الشركات الصينية ولوك أويل الروسية
بي.بي وإيني وتوتال أجلت بعض كوادرها عكس الشركات الصينية ولوك أويل الروسية

ونوّهت إلى أنه “لم يكن هناك تأثير على سير العملية الإنتاجية حيث الكوادر العراقية تقوم بعمليات التشغيل والمراقبة بصورة كاملة بالتعاون مع المشغّل عن بعد.”

وتابعت “أما الحقول الأخرى فهناك إجلاء بعض الكوادر مثل شركة إيني قامت بتخفيض كوادرها تدريجيا من 260 موظفا إلى 98 موظفا حاليا يعملون بشكل طبيعي في الحقل.”

ولفتت كذلك إلى أن “شركة توتال إنيرجيز قامت بإجلاء 60 في المئة من الكوادر تحسبا لأي طارئ ولم يتم التأثير على العمليات البترولية،” فيما “لا إجلاء” للموظفين الصينيين التابعين للشركات الصينية ولا للموظفين الأجانب لدى شركة لوك أويل الروسية.

وبي.بي واحدة من أكبر الجهات الأجنبية الناشطة في قطاع النفط بالبلاد، حيث يعود تاريخ إنتاج النفط إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما كان البلد تحت الانتداب البريطاني.

وتتركز معظم مشاريع النفط في الجنوب، خاصة في محافظتي البصرة وميسان، حيث توجد أكبر الحقول مثل الرميلة وغرب القرنة والزبير.

ودخلت هذه الحقول ضمن عقود تطوير مع شركات دولية مثل بي.بي وإيني ولوك أويل، مما ساهم في رفع الطاقة الإنتاجية بشكل كبير خلال العقد الأخير. كما تعمل شركات صينية مثل سي.أن.بي.سي وسينوبك في تطوير حقول أخرى في وسط وجنوب العراق.

ومن بين المشاريع الحيوية التي تسعى الحكومة إلى تنفيذها مشروع ميناء الفاو الكبير، الذي يُعد جزءًا من خطة لتوسيع البنية التحتية التصديرية، خاصة أن البلد يصدر معظم نفطه عبر الخليج العربي.

كما يُخطط العراق لزيادة طاقته التصديرية من خلال إنشاء أنابيب جديدة مثل خط البصرة – العقبة لنقل النفط إلى الأردن، وخطوط أخرى تربط العراق بتركيا وسوريا.

والسبت الماضي نفت شركة نفط البصرة في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية توقف تصدير الخام مع مشاركة الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل.

وذكرت الشركة أنه “تداولت بعض وسائل الإعلام، أخبارا عن توقف تصدير النفط من موانئ محافظة البصرة لمدة 9 أيام، بسبب التوتر في الشرق الأوسط. هذه الأنباء عارية عن الصحة تماما.”

وأكدت الشركة “تصدير النفط مستمر من موانئنا النفطية على وفق المعدلات الطبيعية لحصتنا في أوبك”. وختمت في بيانها “نهيب بوسائل الإعلام كافة اعتماد المصادر الرسمية في الحصول على الأخبار ونشرها.”

وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن إجمالي الموارد القابلة للاستخراج في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك إقليم كردستان، قد يصل إلى 246 مليار برميل تشمل النفط الخام وسوائل الغاز الطبيعي.

ويملك العراق 145 مليار برميل من الاحتياط النفطي المؤكد، وهو من بين أكبر احتياطات النفط الخام في العالم، بحسب البنك الدولي.

شركة نفط البصرة تنفي في بيان أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية توقف تصدير الخام مع مشاركة الولايات المتحدة في الحرب بين إيران وإسرائيل

ويوفر النفط نحو 90 في المئة من عائدات العراق، ثاني أكبر منتج للنفط في العالم ضمن أعضاء منظمة أوبك.

وفي أبريل، صدّر العراق أكثر من 3.3 ملايين برميل من النفط الخام يوميا، بحسب إحصاءات رسمية نُشرت في نهاية مايو.

وانخفضت الاثنين أسعار النفط العالمية لفترة وجيزة بعد ارتفاعها مدفوعة بالضربات الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية فجر الأحد، فيما كان المتداولون يترقبون ردا إيرانيا محتملا عليها.

ومن بين التطورات التي تثير قلق المتداولين، إمكان إغلاق إيران لمضيق هرمز، وهو ممر إستراتيجي لخمس إنتاج النفط العالمي وسبيل التصدير شبه الوحيد للنفط الخام الآتي من العراق والسعودية والإمارات والكويت وقطر وإيران.

وقبل التطورات الأخيرة أشارت تقييمات دولية صادرة عن أبرز المؤسسات المانحة أن الاقتصاد العراقي سيتعرض خلال العام 2025 لبعض الهزات المرتبطة بتقلبات أسواق النفط.

وتوقع صندوق النقد الدولي في أبريل الماضي أن ينكمش اقتصاد البلد العضو في أوبك بواقع 1.5 في المئة هذا العام، على أن يعود للنمو في 2026 بمعدل 1.4 في المئة.

وعزا خبراء الصندوق ذلك إلى تراجع أسعار النفط وتوقعات بتباطؤ الطلب بسبب ركود الاقتصاد العالمي المحتمل الناتج عن الحرب التجارية.

واللافت في توقعات الصندوق، بتقرير “آفاق الاقتصاد العالمي لشهر أبريل،” هو التراجع الكبير عن تقديراته في أكتوبر الماضي والتي كانت تقدر نمو اقتصاد العراق بنسبة 4.1 في المئة خلال 2025.

11