توالي إقالات الوزراء في تونس دون ذكر الأسباب يفتح الباب أمام التأويلات

الإقالات المتواترة للوزراء في تونس تطرح تساؤلات حول المعايير المتخذة في تعيينهم من الأساس.
الأربعاء 2024/04/03
إقالة البوغديري فاجأت الكثيرين

تونس- أقال الرئيس التونسي قيس سعيد مساء الاثنين وزير التربية محمد علي البوغديري من منصبه في خطوة فاجأت الكثيرين، خصوصا وأن الرئيس بدا راضيا عن تمشي الوزارة لاسيما في علاقة بنجاحها العام الماضي في احتواء احتجاجات نقابات التعليم، وفي إشرافها على الاستشارة الوطنية لإصلاح المنظومة التعليمية.

وعين سعيد البوغديري وهو نقابي، على رأس وزارة التربية في يناير من العام الماضي، في خطوة فسّرها خصومه حينها على أن محاولة لشق الصف النقابي، لاسيما وأنها جاءت في ذروة احتجاجات قادتها نقابتي التعليم الأساسي والثانوي.

ولم يوضح الرئيس سعيد سبب إعفاء البوغديري من منصبه وهو ثالث إعفاء يجري في أقل من شهر لوزراء في حكومة أحمد الحشاني بعد إعفاء كلّ من وزير النقل ربيع المجيدي ووزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي من مهامهما الشهر الماضي.

واكتفى بيان رئاسة الجمهورية بالقول إنه تقرر “إعفاء محمد علي البوغديري من مهامه وزيرا للتربية، وتعيين سلوى العبّاسي خلفا له”.

ويعتقد متابعون أن إقالة البوغديري مرتبطة بملف تدليس شهادات علمية، كانت كشفت عنه الوزيرة الجديدة واتهمت مسؤولا بوزارة التربية بالتوّرط في ذلك، مشيرة إلى حصول الوزير المقال على ملّف التدليس، لكنه لم يتخذ أيّ اجراءات بشأنه.

وكانت سلوى العباسي، وهي متفقدة عامة للتعليم الثانوي بوزارة التربية، توجهت في 18 مارس الماضي برسالة إلى الرئيس التونسي والرأي العام مؤكدة امتلاكها ملفا موثقا بالحجج والبراهين حول تدليس شهادات مدرسية، متهمة مندوب جهوي للتربية بالتورط في عملية التدليس.

 وجاء في رسالة العباسي أنّ وزير التربية ورئيس ديوانه حصلا على نسخة من ملف تدليس شهادات، متهمة الوزير المقال بالتلكؤ في اتخاذ القرارات اللازمة.

ودونت الوزيرة الجديدة آنذاك “بصفتي متفقدة عامة للتعليم الثانوي فقدت كل معنى وكل قيمة للعمل في مجال التربية والتعليم، بعد اطلاعي بالحجج والبراهين على ملف تدليس شهادات مدرسية منها شهادة باكالوريا تورط فيه مندوب جهوي حالي للتربية”.

وقالت الوزيرة الجديدة “أوجه من هذه الصفحة إنذارا أخيرا لهذا المندوب، حتى يُسارع إلى تقديم استقالته أو تتم إقالته أو سيكون الملف صبيحة الثلاثاء عند النيابة العامة مع الإدلاء بتصريح لوسائل الإعلام في هذا الغرض. لا يمكنني أن أواصل العمل بالتفقد والامتحانات الوطنية مع استمرار هذه الجريمة”.

بوكس

وعادة ما لا يعلن الرئيس سعيد في إقالاته للمسؤولين والوزراء عن الأسباب، لكن عادة ما تكون هناك مؤشرات تسبق الإقالة، حيث أن الإعفاءات السابقة جاءت في أعقاب زيارات غير معلنة للرئيس التونسي لعدد من المؤسسات الخاضعة لإشراف المسؤولين المعفيين، حيث عاين الرئيس سعيد حينها عددا من الإخلالات في التسيير.

وتزامن إعفاء وزير النقل ربيع المجيدي من منصبه بعد زيارة غير معلنة لرئيس الجمهورية إلى مستودع القطارات بجبل جلود بضواحي العاصمة ومحطة المترو الخفيف بتونس البحرية.

وجاء إعفاء وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي من منصبها بعد حوالي ثلاثة أسابيع من زيارة غير معلنة أدّاها رئيس الجمهورية إلى عدد من المنشآت الثَّقافيّة و المكتبات بالمدينة العتيقة بتونس العاصمة.

◙ إقالة وزير التربية محمد علي البوغديري هي ثالث إعفاء يجري في أقل من شهر لوزراء في حكومة أحمد الحشاني

كما جاء إنهاء مهام نصرالدين النصيبي في الثالث والعشرين فيفري من منصبه وزيرا للتشغيل والتكوين المهني بعد زيارة أداها إلى الفضاء المخصص لبناء مركز التكوين المهني بجبل الجلود.

وجرت إقالة عدد من الوزراء أيضا لأسباب أخرى من بينها اختلاف في الرؤى مع رئاسة الجمهورية، على غرار وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد الذي تم إعفاؤه من منصبه في أكتوبر الماضي وبدا القرار مرتبطا بتصريحات الوزير حينها عن عدم وجود خيارات أمام تونس للخروج من أزمتها سوى بالتعامل مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يرفضه الرئيس سعيد بشدة، حيث يرى في شروط صندوق النقد تهديدا للسلم الاجتماعي في البلاد.

وقبلها أعفى سعيد وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة نائلة نويرة القنجي، التي خلفتها مؤخرا فاطمة ثابت حرم شيبوب، حيث ربط متابعون إقالتها بحديثها عن إمكانية الزيادة في أسعار المحروقات وإعادة توجيه الدعم في مجال الطاقة لمستحقيه.

ويرى مراقبون أن الإقالات المتواترة للوزراء في تونس تطرح تساؤلات حول المعايير المتخذة في تعيينهم من الأساس، مشيرين إلى أن ما يحصل في الجهاز الحكومي يشكل رسالة عن حالة من عدم الاستقرار.

4