توافق عراقي - كويتي على إطلاق مسار جديد لترسيم الحدود.. لكن دون رهانات كبيرة

زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى العراق تأتي في خضم توتر في العلاقة بين بلاده وإيران حول حقل الدرة.
الاثنين 2023/07/31
ضخ دماء جديدة في العلاقات بين البلدين

بغداد – شكلت زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح إلى بغداد فرصة لاحتواء الفتور في العلاقات بين البلدين الجارين، وإطلاق مسار لحلحلة القضايا العالقة بينهما، وفي مقدمتها ترسيم الحدود البحرية.

وهذه أول زيارة للشيخ سالم الصباح إلى العراق منذ تسلمه منصبه، ويرى متابعون أن هذه الزيارة، على أهميتها الكبيرة، وعلى الرغم من التصريحات الإيجابية التي صدرت خلالها، لكن من غير المنتظر أن تفضي إلى حلول للإشكاليات الكبرى لاسيما في علاقة بالخلاف الحدودي بينهما في ظل تمسك كل جانب بموقفه.

وحددت الأمم المتحدة في العام 1993 الحدود البحرية والبرية بين البلدين إثر غزو العراق للكويت في العام 1990.

وأعرب مسؤولون عراقيون في الماضي عن استعدادهم للاعتراف بالحدود البرية مع الكويت، لكن الحدود البحرية لا تزال تشكّل نقطة خلاف بينهما، حيث أن بغداد تريد أن يضمن لها ترسيم الحدود القدرة على الوصول إلى بحر الخليج، الذي تحتاج إليه اقتصادياً ولصادراتها النفطية.

ولا يزال الملف عالقاً منذ سنوات، ويصادر خفر السواحل الكويتي أحياناً مراكب صيادين عراقيين أو يقومون بتوقيفهم، لدخولهم بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية الكويتية.

وقال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكويتي الأحد “تحدثنا في ملف ترسيم الحدود وكان هناك نقاش مستفيض حول هذه المسألة”.

 

وتابع أنه تمّ التأكيد على “الاستمرار بالنقاشات في هذه المسألة من خلال اللجان الفنية المختلفة”، مضيفاً أنه “سوف تكون هناك لجنة عليا لإجراء الحوارات مع الجانب الكويتي”، سوف تشرف “على كل اللجان الفرعية”.

وأشار حسين إلى أنه “تم التأكيد على إنهاء المسائل الحدودية والملف الحدودي”. وقال لقد “ناقشنا أيضا ملف الحقول النفطية المشتركة وملف تهريب المخدرات وأهمية الاستمرار في حسم هذه الملفات بين البلدين وتشكيل لجنة عليا لمتابعة هذه الملفات”.

من جانبه، قال وزير الخارجية الكويتي خلال المؤتمر إنه “كان أيضاً هناك توافق كامل في وجهات النظر على أهمية حلّ المشاكل العالقة بين الدولتين وعلى رأسها موضوع إنهاء ترسيم الحدود البحرية بين البلدين”.

وأضاف أن “هناك اجتماعا للجنة الفنية القانونية في 14 أغسطس المقبل في بغداد لاستكمال التشاور بالنسبة إلى إنهاء ترسيم الحدود البحرية”.

وكان وزير الخارجية الكويتي التقى خلال الزيارة بالرئيس العراقي عبداللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني الذي شدد على أن بلاده لديها الرغبة الجادة في تجاوز الملفات العالقة بين العراق والكويت بالشكل الذي يحفظ مصالح الشعبين والبلدين.

إصرار طهران على الحصول على اعتراف كويتي بحقوقها المزعومة في الحقل، قبل الحديث عن أيّ اجراء آخر، يعود إلى إدراكها بأن ترسيم الحدود من شأنه أن يكشف أكذوبة تلك الحقوق

وتسعى الحكومة الحالية في العراق برئاسة السوداني إلى التقارب مع دول الخليج، حيث تريد بغداد تعزيز التعاون الاقتصادي ومكافحة تجارة المخدرات وتلقّت في الأشهر الأخيرة زيارات من مسؤولين رفيعين من تلك الدول.

وإبّان نظام الرئيس الراحل صدام حسين اجتاح الجيش العراقي في أغسطس 1990 دولة الكويت وضم هذه الإمارة الصغيرة الغنية بالنفط إلى العراق، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد سبعة أشهر. وبعد ذلك خضع العراق لحصار اقتصادي دام 13 عاما، واضطر لدفع تعويضات حرب كبيرة للكويت، عبر الأمم المتحدة.

وأنهت بغداد بحلول عام 2021 دفع كامل التعويضات المترتبة عليها، أي أكثر من 52 مليار دولار بعد مرور أكثر من 30 عاماً على غزو الكويت.

ورغم إبداء الجانبين رغبة في طي صفحة الماضي المؤلم بينهما، لكن العديد من الموانع تحول دون ذلك ومنها أن بعض القوى في منظومة الحكم الحالية في العراق لا تريد إقامة علاقات طبيعية مع الكويت لأسباب تتعلق بأجندات إيرانية.

وتأتي زيارة وزير الخارجية الكويتي إلى العراق في خضم توتر في العلاقة بين بلاده وإيران حول حقل للغاز متنازع عليه. وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي الأحد إن إيران ستسعى وراء حقوقها في حقل الدرة إذا أحجمت أطراف أخرى عن التعاون.

وأوضح أوجي “إذا لم تكن هناك رغبة في التعاون، فإن إيران ستسعى وراء حقوقها وامتيازاتها، بما في ذلك استغلال واستكشاف حقل غاز أرش، ولن تتسامح مع أيّ انتهاك لحقوقها” في إشارة إلى حقل الدرة.

وكانت الكويت عرضت على إيران ترسيم الحدود البحرية بينهما، لكن إيران رفضت ذلك وربطت الترسيم بإقرار أحقيتها في حقل الدرة.

ويرى مراقبون أن إصرار طهران على الحصول على اعتراف كويتي بحقوقها المزعومة في الحقل، قبل الحديث عن أيّ اجراء آخر، يعود إلى إدراكها بأن ترسيم الحدود من شأنه أن يكشف أكذوبة تلك الحقوق.

وقال وزير النفط الكويتي سعد البراك الخميس إن بلاده ستبدأ الحفر والإنتاج في حقل غاز الدرة دون انتظار ترسيم الحدود مع إيران، بعد شروط الأخيرة للترسيم.

وليس من المستبعد أن تكون زيارة الشيخ سالم الصباح إلى بغداد في إطار محاولة من قبل الكويت لإشراك العراق في ملف ترسيم الحدود بينها وطهران لاسيما وأن بغداد معنية أيضا بهذا الملف، وسبق وأن انتقدت عملية تهميشها.

ويقول مراقبون إنه على الرغم من كون حل الملف الحدودي لا يمكن أن يتحقق بمجرد زيارة مسؤول، أو إطلاق لجنة مشتركة نظرا لتعقيداته، لكن بالتأكيد فإن زيارة وزير الخارجية الكويتي من شأنها أن تعطي دفعة للعلاقات العراقية – الكويتية.

وأعلن الشيخ سالم الصباح أن بلاده قررت فتح ملحقية تجارية في قنصليتها بمدينة البصرة جنوبي العراق.

وقال وزير الخارجية الكويتي إن “بلاده حريصة على إعادة الأمور إلى نصابها بالعلاقة التجارية التاريخية ووجدنا تطابقا لوجهات النظر مع الجانب العراقي”، مؤكدا حرص بلاده على إعادة العلاقات التجارية بين البلدين.

3