توافق بين الأحزاب العراقية على التعجيل بتقاسم المناصب الدبلوماسية قبل الانتخابات البرلمانية

القوى السياسية العراقية التي دفعت البرلمان نحو حالة من الجمود والعجز عن ممارسة دوره التشريعي والرقابي، قد تجد خلال الفترة القادمة مصلحة في إعادة تنشيط المجلس ولو لفترة وجيزة ولهدف حيوي محدّد يجمع بين تلك القوى ويتمثّل في تسهيل عملية تقاسم المناصب الشاغرة بالسلك الدبلوماسي، وذلك قبل نهاية عمر المجلس واحتمال تغيير تركيبة السلطة بعد الانتخابات القادمة.
بغداد- تحاول قوى سياسية عراقية كسر جمود عملية سدّ الشغورات في الوظائف الدبلوماسية مدفوعة برغبتها في الحصول على حصص من تلك المناصب الهامة التي دأبت الأحزاب بمختلف انتماءاتها ومشاربها على تقاسمها والاستفادة مما تنطوي عليه من امتيازات مادية ومعنوية كبيرة.
وأخّر التنافس الحزبي على مناصب الدبلوماسية العراقية سدّ شغور كبير قائم منذ أشهر طويلة في السلك الدبلوماسي يشمل مناصب من مختلف الدرجات، بما في ذلك مناصب سفراء لم يتسن التوافق على تحديد من يشغلها بسبب تكافؤ نفوذ القوى المتنافسة عليها وعدم تمكّن أي منها من حسم المعركة الدائرة بعيدا عن الأضواء لمصلحته.
ومع مشارفة الدورة البرلمانية الحالية على نهايتها باقتراب موعد الانتخابات النيابية المقرّرة لشهر نوفمبر القادم أصبحت القوى السياسية الساعية لنيل حصصها من مناصب السلك الدبلوماسي العراقي تعمل على الملف تحت ضغط الوقت حيث لم يعد من مصلحتها تأجيل البت فيه إلى ما بعد الانتخابات التي لا يمكن توقّع ما قد تحمله من تغييرات في شكل البرلمان وتركيبة السلطة ككلّ.
ولتحريك جمود الملف تبدي تلك القوى مرونة وتوافقا على إعادة تفعيل مجلس النواب الذي بات عاجزا عن عقد جلساته بدفع من القوى ذاتها وبسبب خلافاتها.

عامر الفايز: يوجد تنسيق وتوافق على تمرير قائمة السفراء كدفعة واحدة
وكشف عضو لجنة العلاقات الخارجية في المجلس عامر الفايز عن وجود تنسيق واتفاق على تمرير قائمة السفراء كدفعة واحدة.
ونقلت عنه وكالة شفق نيوز الإخبارية قوله إن “اللجنة وبالتنسيق مع وزارة الخارجية والحكومة والجهات المعنية تعمل على إدراج قائمة السفراء ضمن جدول أعمال مجلس النواب.”
ويتطلّب تمرير تلك القائمة أولا استئناف البرلمان لجلساته بعد أن أصدرت رئاسته بداية شهر مايو الماضي قرارا مفاجئا بإنهاء فصله التشريعي، الأمر الذي زاد من تضييق المساحة الزمنية المتبقية من عمر المجلس الذي ينتهي قبل الانتخابات القادمة.
وعرف البرلمان على مدى مدته النيابية الحالية صعوبات استثنائية في عقد جلساته وإنجاز أعماله التشريعية والرقابية نتيجة الخلافات الحادّة بين القوى الممثلة تحت قبّته والتي كثيرا ما لجأت إلى أسلوب الإخلال بالنصاب القانوني لتعطيل عقد جلسات لم تكن موافقة على جداول أعمالها والتشريعات والقوانين التي كانت ستناقش خلالها.
ولم يتمكن المجلس سوى من تمرير عدد محدود من التشريعات بعضها هامشي وقليل الأثر على واقع البلد وسكانه إن لم يكن ذا تأثير عكسي باتجاه إضعاف وحدة المجتمع وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية داخله.
وقرّرت رئاسة المجلس في اجتماع عقدته قبل أيام دعوة النواب إلى عقد جلسات استثنائية خلال العطلة التشريعية.
وبشأن مسألة تعيين السفراء أوضح الفايز أن “القائمة تضم العشرات من الأسماء من مختلف الطوائف والمكونات العراقية.”
ولن تخرج عملية التعيين عن المعيار الرئيسي في اختيار من يشغل المناصب الحكومية في العراق وهو معيار المحاصصة المقدم حتى على معيار الأهلية والكفاءة، حيث أكّد عضو اللجنة “عدم وجود أي تهميش لأي جهة، وأن التصويت على المرشحين سيتم دفعة واحدة خلال إحدى الجلسات المقبلة للمجلس.”
وأشار الفايز إلى “وجود توافق مبدئي بين الكتل السياسية بشأن التصويت على قوائم المرشحين لمناصب السفراء، قبل انتهاء الدورة البرلمانية الحالية.”
ورشحت على مدى الأشهر الماضية أنباء عن صراع شرس يدور داخل كواليس الأحزاب والحكومة وخصوصا وزارة الخارجية حول العشرات من المناصب الشاغرة في الجهاز الدبلوماسي للدولة الذي تتميّز مناصبه بجاذبية خاصّة للأحزاب والفصائل المتنفّذة نظرا لما توفّره من امتيازات كبيرة مادية ومعنوية لمن يشغلها، خصوصا حين يتعلّق الأمر بمنصب السفير ومساعديه من أعضاء البعثات إلى خارج البلاد.
وحدّدت مصادر سياسية عدد المناصب الشاغرة في السلك الدبلوماسي العراقي بحوالي تسعين منصبا من مختلف الدرجات.
وقال أحد المصادر لوسائل إعلام محلية إنّ وزارة الخارجية تحتاج الى سفراء جدد لسد الشغور المترتّب على انتهاء مدّة عمل بعض السفراء المحدّدة بأربع سنوات وإحالة البعض إلى التقاعد ووفاة آخرين.
لتحريك جمود الملف تبدي تلك القوى مرونة وتوافقا على إعادة تفعيل مجلس النواب الذي بات عاجزا عن عقد جلساته بدفع من القوى ذاتها وبسبب خلافاتها.
وفي محاولة لتأطير عملية المحاصصة للمناصب القيادية في الدبلوماسية العراقية وتقنينها جرى وضع آلية للتعيين في هذا السلك تقتضي أن يتمّ اختيار السفراء بنسبة خمسة وسبعين في المئة من المتدرّجين في العمل الدبلوماسي من داخل وزارة الخارجية، على أن يشمل ذلك الكوادر المتدرّجة في الترقيات التي تبدأ من ملحق وتنتهي بمرتبة وزير مفوّض.
وفي مقابل ذلك تخصّص خمسة وعشرون في المئة من تلك المناصب للأحزاب السياسية التي يتعيّن عليها (نظريا) ترشيح شخصيات تابعة لها وفقا لمعايير يتعلق بعضها بالشهادة العلمية والتحصيل الأكاديمي.
ولم يحدث أن تمّ الالتزام بحَرفية هذه الآلية وكثيرا ما تم تجاوزها والقفز عليها رغم أنّها معيبة لأنها في المحصّلة تمنح الأحزاب صلاحية التعيين بالكامل سواء جرت العملية في إطار وزارة الخارجية الخاضعة أصلا مثل باقي الوزارات ومؤسسات الدولة للأحزاب عينها، أو خارجها.
وعلى صعيد النتائج أفضت طريقة الاختيار والتعيين إلى حشو الدبلوماسية العراقية بعدد كبير من المسؤولين والموظفين غير الأكفاء -مع وجود استثناءات- بما انعكس سلبا على تسيير وإدارة البعثات الدبلوماسية العراقية حيث لا تنفك تتفجّر فضائح فساد وسوء إدارة داخل سفارات البلد في الخارج.