تواصل تجميد النشاط يضاعف الضغوط على الأندية الأوروبية

يتعاظم الأثر الاقتصادي البالغ الذي خلّفه تجميد النشاط الكروي على الأندية الأوروبية الساعية إلى استئناف اللعب في أقرب الآجال، في وقت يتزايد فيه الضغط على مختلف الفاعلين في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” للمفاضلة بين خيارين صعبين: صحة اللاعبين أم الخسائر المالية؟
لندن- تعيش كرة القدم الأوروبية أسوأ مرحلة في تاريخها بسبب تجميد النشاط ما أدى إلى طرح أسئلة محيّرة حول طبيعة وشكل المنافسة إن تقرر استئناف الموسم الكروي، وأي مصير للمسابقات الكبرى التي اكتفى الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” بتعليقها دون الكشف عما إذا كان سيتم اتخاذ قرار حولها أم لا؟
ويتزايد الهوس بأكثر حدة بين الأندية الكبرى في أوروبا خاصة حول مصير مسابقات الموسم الحالي، سواء في إنجلترا التي اقترب فيها المتصدر ليفربول من نيل اللقب أو في إسبانيا التي يحوم الشك حول استئناف النشاط وبالمثل في إيطاليا وألمانيا حيث يسود الخوف من التسرع في اتخاذ قرار العودة إلى التمارين.
ويلفت محللون رياضيون إلى ما تعيشه كرة القدم الأوروبية جراء التجميد الذي فرضته المخاوف من انتشار فايروس كورونا، مقرّين في الآن ذاته بعمق الأزمة التي يتخبط فيها مسؤولو كرة القدم لاتخاذ القرار المناسب.
وبانتظار القرار الذي سيتخذه الاتحاد الدولي لكرة القدم للعبة في اجتماعه المقرر في 23 من الشهر الجاري، تتزايد أسئلة المهتمين هل سيتم استئناف مسابقات الموسم حين تزول المخاوف أم سيفرض كورونا كلمته بالإلغاء؟ حينها هل سيتم اعتبار النتائج الحالية كنتائج نهائية أم سيتم اللجوء إلى خيار “الموسم الأبيض”؟
هذه الأسئلة وغيرها باتت تتصدّر المشهد الكروي في أوروبا خلال هذه الفترة في وقت يجد فيه المسؤولون أنفسهم بين خيارين أحلاهما مرّ: بين الحفاظ على صحة وسلامة اللاعبين من ناحية وبين الخسائر المالية التي سيسببها وقف النشاط وتأثيراتها المتزايدة على الأندية وخصوصا أندية الدرجة الثانية والثالثة. ودفعت أزمة وقف النشاط والتباحث عن إمكانية عودته من عدمها إلى بروز بعض الفرضيات التي تقرّ إحداها بالسيناريو التالي: ماذا لو انتهى الموسم في الأعوام العشرة الأخيرة عند نفس المرحلة الحالية بالدوريات الأوروبية الخمس الكبرى؟
وتشير المصادر، انطلاقا من معطيات دقيقة، إلى أنه في هذه الحالة فإن تغييرا وحيدا سيفرض نفسه في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي توقفت عجلته عند الجولة 29، وشهدت تصدر ليفربول برصيد 82 نقطة، بفارق 25 نقطة عن مانشستر سيتي، الذي لعب مباريات أقل.
وتؤكد المصادر أنه منذ موسم الكروي 2009 - 2010 فإن متصدر المسابقة بعد الجولة 29 هو نفسه من يتوج في النهاية ما عدا موسم واحد فقط. إنه موسم 2011 - 2012 حين خطف مانشستر سيتي اللقب بطريقة درامية بفضل هدف قاتل لسيرجيو أغويرو في مرمى كوينز بارك رينجرز (2-3) في الجولة الأخيرة في وقت لم ينفع فيه فوز مانشستر يونايتد 0-1 على سندرلاند. وبالعودة إلى الجولة 29 نجد أن مانشستر يونايتد كان متصدرا بـ70 نقطة وبفارق نقطة عن السيتي.
وفي الدوري الإسباني لم يستطع لاعبو الليغا خوض أكثر من 27 جولة هذا الموسم. لكنّ حالتين فقط شهدتا تغيّر البطل بعد هذه الجولة وفي المرتين لم يحافظ فريق ريال مدريد على تقدّمه في آخر 11 جولة.
وتشير الأرقام إلى أنه في موسم 2009 - 2010 كان الفريق الملكي متقدما على غريمه برشلونة بفارق هدفين (68 نقطة لكل فريق) بعد الجولة 27، لكنه فقد اللقب في النهاية لصالح رجال المدرب بيب غوارديولا.
وفي موسم 2013 - 2014، تمكّن أتلتيكو مدريد من كسر هيمنة قطبي الليغا وحسم اللقب على حساب برشلونة في معقله بـ”كامب نو” في الجولة الأخيرة. وكان الريال متصدرا في الجولة 27 بـ67 نقطة بفارق 3 نقاط عن جاره المدريدي.
كرة القدم الأوروبية تعيش أزمة جراء تجميد النشاط، وهو ما يعكسه تباطؤ المسؤولين للبتّ في مصير الموسم
أما في إيطاليا فقد كانت السيطرة واضحة ليوفنتوس بـ8 ألقاب متتالية في العقد الأخير، لكن ماذا لو توقفت المنافسات عند الجولة 26 في كل موسم؟
وبالعودة إلى الإحصائيات التي تشير إلى أنه في موسم 2012-2011 كان ميلان في الصدارة عند هذه المرحلة بـ54 نقطة، بفارق نقطتين عن يوفنتوس رغم أن “السيدة العجوز” لم يتلق أي هزيمة. لكن في النهاية تمكّن أنطونيو كونتي من قيادة اليوفي إلى اللقب بفارق 4 نقاط.
أما المرة الثانية فسجلت في موسم 2017 - 2018 حين سيطر نابولي بقيادة ماوريسيو ساري وتصدر عند هذه المرحلة بـ69 نقطة مقابل 68 ليوفنتوس، الذي حسم اللقب في النهاية بفارق 4 نقاط أيضا. وفي باقي المواسم تمكن البطل يوفنتوس عند هذه المرحلة من الحفاظ على صدارته حتى النهاية.
أما الدوري الفرنسي توقف عند الجولة 28، وشهد صدارة سان جرمان، الذي لعب مباراة أقل بـ68 نقطة بفارق 12 نقطة عن مارسيليا صاحب المركز الثاني.
وكان الفريق الباريسي متصدرا بفارق نقطتين عن أقرب ملاحقيه مونبلييه بعد 28 مباراة من موسم 2011 - 2012. لكن فريق المهاجم أوليفيه جيرو قلب الطاولة في آخر 10 جولات، ليتوج باللقب الوحيد في تاريخه حتى الآن.
أما في موسم 2015-2014، تأخر باريس سان جرمان بعد نفس المرحلة لحساب ليون بفارق نقطة واحدة، ثم انقض في النهاية على اللقب بفارق 8 نقاط.
وفي ألمانيا تؤكد المصادر على أن أبطال المواسم العشرة الأخيرة في البوندسليغا سيبقون أنفسهم لو انتهى الموسم بعد الجولة 25. ويراهن هؤلاء على حسم بايرن ميونخ لألقابه الثمانية مقابل لقبين فقط لبوروسيا دورتموند.