تهم غسيل أموال وإثراء غير مشروع تلاحق إعلاميين تونسيين

النيابة العامة التونسية تفتح تحقيقا جديدا بحق الإعلاميين برهان بسيس ومراد الزغيدي الموقوفين بشبهة التورط في أفعال تنضوي تحت طائلة ومقتضيات قانون غسيل الأموال.
الثلاثاء 2024/05/28
منظمات تعتبر الايقافات بحق اعلاميين مصادرة لحرة التعبير

تونس – دخلت قضية الإعلاميين التونسيين برهان بسيس ومراد الزغيدي منعطفا جديدا مع إعلان مصدر قضائي فتح تحقيق بشبهة تورطهما في غسيل أموال وانتفاعهما من حصص ملكية في شركات بشكل غير قانوني.

ونقلت إذاعة موزاييك المحلية الخاصة عن المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بتونس محمد زيتونة، أنّ النيابة العمومية أذنت بفتح تحقيق بناء على توفّر معلومات جدية بشأن انخراط كلّ من الزغيدي وبسيس خلال مباشرتهما للعمل في إذاعات وقنوات تلفزية في ارتكاب أفعال تنضوي تحت طائلة ومقتضيات قانون غسيل الأموال، والتي هي مرتبطة بمصادر تمويلهما وتوظيف وإدارة ومآلات تلك الأموال مع وجود شبهات جدية بخصوص الإثراء غير المشروع.

وأضاف زيتونة، أنه بناء على تلك المعلومات، تمّ تكليف الوحدة الوطنية بالبحث في الجرائم المالية المتشعبة بإدارة الشرطة العدلية التحقيق في الموضوع وإجراء التساخير الفنية المالية والجبائية اللازمة.

وكان قد تم إيقاف الزغيدي وبسيس احتياطيا منذ 12 مايو بسبب تصريحات ومنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي اعتبرت قانونيا من قبيل نشر الشائعات والأخبار الكاذبة.

وتشير التطورات الجديدة إلى انعطافة في التحقيقات وتوسع لائحة الاتهام وأن مسار التقاضي قد يطول. وقد أكد نزار عياد محامي الزغيدي، لإذاعة ديوان أف ام المحلية الخاصة أن موكله يعتبر في حالة سراح في إطار هذه القضية، مضيفا أن التحقيقات مازالت متواصلة وموعد البت فيها غير محدود.

وقال زيتونة، لوسائل إعلام محلية، إن المحكمة قررت سجن الزغيدي وبسيّس "6 أشهر من أجل جريمة استعمال شبكة وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج وترويج وإرسال وإعداد أخبار وإشاعات كاذبة بهدف الاعتداء على حقوق الغير والإضرار بالأمن العام".

كما حكم عليهما بالسجن 6 أشهر إضافية "من أجل جريمة استغلال أنظمة معلومات لإشاعة أخبار تتضمن نسبة أمور غير حقيقية بهدف التشهير بالغير وتشويه سمعة والإضرار ماديا ومعنويا"، بحسب زيتونة.

وطلب محامو الصحافيين بإسقاط الدعوى، حيث انتقد كمال مسعود محامي مراد الزغيدي، المرسوم عدد 54 ووصفه بأنه "غير دستوري"، داعيا إلى "تجنب استخدامه"، مؤكدا على أنه "إذا دخلت السياسة قاعات المحاكم فإن العدل يغادرها"، مطالبا رئيسة المحكمة بالاستقلالية في حكمها."

من جانبه أوضح نزار عياد محامي بسيس، أن السلطات لاحقت موكله إثر تصريحات إعلامية ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تعود إلى ما بين عامي 2019 و2022.

وسبق أن طالبت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالتراجع عن إحالة الإعلاميين والمثقفين على القضاء وفق قوانين الإرهاب والجرائم العادية وبالعودة إلى احترام مرسومي 115 و116 الصادرين مباشرة بعد 2011.

وتأتي هذه التطورات على إثر حملة إيقافات شملت كذلك المحامية والمعلقة التلفزيونية سنية الدهماني والمحامي مهدي زقروبة الملاحقين بتهم نشر شائعات والمساس بالأمن العام.

وندد حقوقيون ومنظمات وطنية ودولية بما اعتبروه تصعيدا من قبل السلطة في الأسابيع الأخيرة شمل ايقافات وأحكام بالسجن في حق إعلاميين ومحامين، معتبرين هذه الإجراءات وسيلة لتكميم الأفواه وقمع حرية التعبير.

وردا على الانتقادات الموجهة له وللمرسوم 54، نفى الرئيس التونسي خلال لقائه الأسبوع الماضي وزيرة العدل ليلى جفال سعيه لإسكات الأصوات الحرة والناقدة وذلك بعد إيقاف عدد من الأشخاص بينهم صحفيون ومدونون بتهمة انتهاك المرسوم ونشر الشائعات مشددا على جهود مكافحة الفساد.

واتهم سعيد بعض اللوبيات باستغلال ملف حرية التعبير للتنصل من المحاسبة قائلا "عندما يقع المساس باللوبيات وامتداداتها في الإدارة ومحاسبتها جزائيا على الاستيلاء على مقدرات الدولة يتم التباكي على حرية التعبير".

ومثل التمويل الأجنبي لعدد من الأحزاب والجمعيات في العشرية الماضية إحدى الملفات التي فتحتها السلطات التونسية، إذ كشف سعيد حصول إحدى المنظمات على تمويلات من الخارج بمبالغ خيالية، مؤكدا حدوث عديد التجاوزات في ملف الجمعيات ما يهدد السيادة الوطنية ومشيرا الى حجم الفساد في بعض المؤسسات المالية.

وقال ''ليس تضييقا على الجمعيات أو المجتمع المدني لكنها كانت امتدادا للأحزاب وللمخابرات الأجنبية.. هؤلاء استباحوا الدولة ولابد من وضع حد لهذا الوضع ولابد للقضاء أن يلعب دوره في البلاد".

وأصدر الرئيس التونسي في سبتمبر عام 2022 المرسوم 54 الذي ينص على "عقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام" وغرامة تصل إلى خمسين ألف دينار (حوالي 16.6 ألف دولار) "لكل من يتعمد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج، أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".

وحوكم أكثر من 60 شخصا خلال عام ونصف العام، بينهم صحافيون ومحامون ومعارضون للرئيس، بموجب هذا المرسوم، وفق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، فيما لا يزال نحو 40 شخصا بعضهم معارضون بارزون ورجال أعمال وناشطون سياسيون موقوفين منذ فبراير الماضي بعضهم بتهمة التآمر على أمن الدولة.