تهديد نتنياهو بتدمير لبنان يستفز باريس

باريس - ندد وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو الثلاثاء "بالاستفزاز" الصادر عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي هدد بتدمير لبنان مثلما حصل في غزة إذا لم يتخلص من حزب الله، فيما تقود باريس جهودا دبلوماسية لاحتواء التصعيد بالمنطقة.
وقال بارو، في مقابلة مع قناة فرانس 2 العامة، إن "الوضع في لبنان كارثي". وأضاف "إذا تم المضي قدما بهذا الاستفزاز، فإنه سيجر لبنان، البلد الصديق لفرنسا، إلى الفوضى فيما يعاني من حالة ضعف كبيرة. وهذا من شأنه أن يضع إسرائيل أمام مشكلات أمنية أكبر من تلك التي سادت قبل العمليات العسكرية في لبنان".
ورغم تأكيد فرنسا على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها لكنها ترفض الهجمات الواسعة والتي تطال المدنيين في لبنان.
وظهر نتنياهو الثلاثاء في كلمة مصورة، حذر فيها اللبنانيين من أنّهم سيواجهون "دمارا ومعاناة" أشبه بما حصل للفلسطينيين في قطاع غزة إذا لم "يحرّروا" بلدهم من حزب الله الذي توسّع الدولة العبرية نطاق هجومها البري ضده في جنوب لبنان.
ويأتي هذا التهديد غداة توعد نتنياهو "بمواصلة القتال" حتى الانتصار على حزب الله وحماس المدعومين من إيران، وذلك في الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، والذي أشعل شرارة حرب في غزة امتدت الى لبنان، وتثير مخاوف من نزاع إقليمي واسع النطاق.
وقال نتنياهو في خطاب بالإنجليزية وجّهه إلى الشعب اللبناني "أقول لكم، يا شعب لبنان، حرّروا بلدكم من حزب الله لكي تتوقف هذه الحرب".
وأضاف "لديكم فرصة لإنقاذ لبنان قبل أن يقع في هاوية حرب طويلة الأمد ستؤدي إلى دمار ومعاناة أشبه بما نشهده في غزة" حيث دخلت الحرب عامها الثاني بعد أن أوقعت عشرات آلاف القتلى وخلّفت دمارا لا يوصف.
وقال نتنياهو إن القوات الإسرائيلية "قضت على آلاف الإرهابيين بمن فيهم (حسن) نصرالله وخليفة نصرالله وخليفة خليفته"، من دون ذكر أيّ أسماء.
وقبيل ذلك، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إنّ حزب الله أصبح الآن "منظمة منهكة ومدمّرة" بعد الضربات الإسرائيلية المكثفة التي استهدفته.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الفرنسي في أعقاب دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السبت إلى وقف تسليم الأسلحة التي تستعملها إسرائيل في غزة.
وأثارت تصريحات ماكرون انتقادات سريعة من نتنياهو الذي رد سريعا على الرئيس الفرنسي قائلا "عار عليكم"، في إشارة إلى ماكرون وقادة أوروبيين آخرين، دعوا إلى ما وصفه هو بأنه "حظر للأسلحة على إسرائيل".
وقال نتنياهو في مقطع فيديو، سجله مكتبه، "إسرائيل ستنتصر بدعم منهم، أو بلا دعم منهم"، مضيفا أن الدعوة إلى حظر الأسلحة "وصمة عار".
وبعد ساعات من تصريح ماكرون، أصدرت الرئاسة الفرنسية "الأليزيه" بيانا ناقضت الرئيس فيه، وقالت إن "فرنسا ستواصل تزويد إسرائيل بالقطع اللازمة للدفاع عن نفسها".
وتقود باريس بالتوازي مع واشنطن جهودا دبلوماسية لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب إقليمية، فقد بحث المبعوث الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان في اتصال هاتفي مع وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي، الثلاثاء سبل تعزيز التشاور بين البلدين لاحتواء التصعيد بالمنطقة، وفق بيان الخارجية المصرية.
وقالت الخارجية إن الجانبين بحثا "التطورات المتلاحقة في لبنان، وما تفرضه مستجدات الأحداث من ضرورة تكثيف التنسيق والتشاور لاحتواء التصعيد الراهن بالمنطقة".
ونقلت عن الوزير عبدالعاطي تحذيره من أن "وتيرة التصعيد الحالية في المنطقة تستوجب تكاتف الجهود للتدخل السريع في هذا المنعطف الخطير لسرعة وقف إطلاق النار والعدوان (الإسرائيلي) على لبنان، والعمل على الحيلولة دون التصعيد الإقليمي".
وأكد ضرورة "بذل جهود حثيثة لخفض التصعيد، وحث كافة الأطراف على ضبط النفس، وأهمية العمل على تكثيف إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة للشعب اللبناني، وضرورة التزام كافة الأطراف بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 بكافة عناصره.
ومنذ 23 أيلول الماضي تشن إسرائيل حربا على لبنان عبر غارات جوية غير مسبوقة كثافة ودموية استهدفت حتى العاصمة بيروت، بالإضافة إلى محاولات توغل بري بدأتها في الجنوب، متجاهلة التحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
ويرد حزب الله يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.
ووفق الأرقام الرسمية حتى مساء الثلاثاء، قتلت إسرائيل 2119 شخصا وأصابت 10019 منذ بداية القصف المتبادل مع "حزب الله" في 8 أكتوبر 2023، بينهم 1301 قتيل و3618 جريحا، منهم عدد كبير من الأطفال والنساء، وأكثر من 1.2 مليون نازح، منذ 23 سبتمبر الماضي.