تهديد بالاستقالة في فرنسا بسبب ملف المهاجرين الجزائريين

وزير الداخلية الفرنسي يلوح بالتخلي عن منصبه، إذا ليّنت باريس موقفها حيال الجزائر، ويشدد على موقفه الرافض للاستسلام في ملف الهجرة.
الأحد 2025/03/16
وزير الداخلية الفرنسي يتجه لإعادة النظر في اتفاقية الهجرة

باريس – لوّح وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها حيال الجزائر لكي توافق على استقبال رعاياها الموجودين في فرنسا بصورة غير نظامية، ما يشير إلى وجود خلافات بينه وبين الرئيس إيمانويل ماكرون بشأن التعاطي مع الأزمة الدبلوماسية بين البلدين.

ويعكس تهديد ريتايو بالاستقالة توترا عميقا في العلاقات الفرنسية الجزائرية، مع وجود خلافات واضحة حول ملف الهجرة الذي يعتبر وزير الداخلية أنه ذات أهمية قصوى لأمن الفرنسيين.

كما يعكس أيضا مدى جدية الخلاف داخل الحكومة الفرنسية حول كيفية التعامل مع هذه القضية، خصوصا مع رفض الجزائر استقبال بعض رعاياها الذين تعتبرهم فرنسا يشكلون تهديدا أمنيا.

وقال ريتايو في مقابلة مع صحيفة لو باريزيان نشرتها السبت على موقعها الإلكتروني إنه سيواصل العمل بزخم كبير "طالما لدي قناعة بأنني مفيد وبأن لدي الوسائل".

لكنّه حذّر من أنه "إذا طلب مني الاستسلام في هذه القضية التي تنطوي على أهمية كبرى بالنسبة لأمن الفرنسيين، فمن الواضح أنني سأرفض".

وأضاف الوزير "لست هنا من أجل منصب ولكن لإنجاز مهمة، هي حماية الفرنسيين".

وتأتي مواقف ريتايو الذي يدلي بتصريحات نارية ضد الجزائر، خصوصا منذ سجن الكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال، جاءت ردا على سؤال بشأن الملف الجزائري و"الرد التدريجي" الذي يدعو إليه في حال رفضت الجزائر استقبال رعاياها الموجودين بصورة غير مشروعة في فرنسا.

وأدّى رفض الجزائر استقبال مواطنين يقيمون بصورة غير قانونية في فرنسا التي حاولت ترحيلهم إلى وطنهم وبينهم منفذ هجوم أوقع قتيلا في 22 فبراير في مولوز (شرق فرنسا)، إلى توتر العلاقات بين البلدين والتي تدهورت أساسا منذ اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء المغربية في يوليو 2024.

ومعلوم أن الجزائر رفضت استقبالهم فأعيدوا إلى فرنسا حيث هم موقوفون.

ووصلت العلاقات الفرنسية الجزائرية إلى نقطة اللاعودة بسبب خلافات شائكة بشأن العديد من القضايا العالقة بين البلدين من بينها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية، فيما باءت محاولات الجزائر للضغط على فرنسا بهدف دفعها إلى مراجعة قرارها الداعم لسيادة المغرب على صحرائه بالفشل.

والجمعة أعدّت الحكومة الفرنسية قائمة بأسماء 60 من الرعايا الجزائريين الذين يتعين عليهم مغادرة الأراضي الفرنسية.

ووفق ريتايو "سيعاد النظر في نهاية الرد في اتفاق العام 1968"، وتابع "سأكون حازما وأتوقع تنفيذ هذا الرد التدريجي".

واتفاق التعاون في مجال الهجرة المبرم بين فرنسا والجزائر في 1968 يمنح وضعا خاصا للجزائريين لناحية التنقل والإقامة والعمل في فرنسا.

وفي نهاية فبراير هدّد رئيس الوزراء فرنسوا بايرو بـ"إلغاء" اتفاقية 1968 التي تمنح وضعا خاصا للجزائريين في فرنسا على صعيد العمل والإقامة إذا لم تستردّ الجزائر خلال ستة أسابيع مواطنيها الذين هم في وضع غير نظامي.

وسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى التهدئة معلنا أنه "يؤيد إعادة التفاوض" بهذا الاتفاق و"ليس الإلغاء"، وهو موقف يظهر رغبته في الحفاظ على علاقات مستقرة مع الجزائر.

بينما ندّد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبّون مطلع فبراير بــ"مناخ ضار" بين الجزائر وفرنسا، مشدّدا على وجوب أن يستأنف البلدان الحوار متى عبّر الرئيس الفرنسي بوضوح عن رغبة في ذلك.