تهديد أردوغان بطرد سفراء غربيين يعمق خسائر الليرة التركية

أنقرة - عمّق التهديد الذي أطلقه الرئيس رجب طيب أردوغان بطرد عشرة دبلوماسيين غربيين دعوا إلى الإفراج عن الناشط المدني المسجون عثمان كافالا، خسائر الليرة التركية التي سجلت تراجعا قياسيا مقابل الدولار صباح الاثنين عند افتتاح الأسواق المالية.
وتم تداول العملة المحلية بأكثر من 9.80 ليرة مقابل الدولار، قبل أن تستقر حول 9.73 بعد الساعة 05:00 بتوقيت غرينتش، أي بانخفاض قدره 1.3 في المئة.
وأثارت دعوة سفراء عشر دول، هي كندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنروج والسويد والولايات المتحدة، في الثامن عشر من أكتوبر، إلى "تسوية عادلة وسريعة لقضية" رجل الأعمال كافالا غضب أردوغان.
وكافالا (64 عاما) وراء القضبان منذ عام 2017 من دون أن تتم إدانته، ويواجه عددا من التهم على خلفية احتجاجات جيزي عام 2013 ومحاولة الانقلاب عام 2016.
وأمر الرئيس التركي السبت بطرد سفراء هذه الدول العشر "بأسرع ما يمكن"، لكن البلدان المعنية لم تتلق حتى الآن أي إخطار رسمي.
وجاء التهديد قبيل حدثين دوليين يشارك فيهما أردوغان نهاية الأسبوع، الأول هو قمة مجموعة العشرين السبت في روما، ثم مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في اسكتلندا.
وقال أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة ديوك الأميركية تيمور كوران إن "التوقيت مروع إذا كان يريد إصلاح علاقاته مع حلفائه الأوروبيين والأميركيين". وأضاف "كل شيء يشير إلى أن محيطه، ابتداء من وزير خارجيته، يحاول ثنيه" عن القرار.
ومن المقرر عقد اجتماع للحكومة في الساعة الثالثة بتوقيت غرينتش في أنقرة، لحسم عمليات الطرد، التي في حال تم إقرارها ستعرض أنقرة لعزلة دولية وتفاقم أزمتها الاقتصادية.
وتراجعت الليرة التركية التي واجهت بالفعل أسبوعا حافلا بالتطورات السلبية لتركيا، بعد أن وضعتها مجموعة العمل المالي "غافي" على لائحتها الرمادية بسبب قصور في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بنسبة 24 في المئة من قيمتها مقابل الدولار منذ بداية العام.
وقال تيموثي آش، المحلل في "بلوباي أسيت مانجمنت"، إن طرد أنقرة عشرة سفراء غربيين من شأنه أن "يضر بأردوغان"، مضيفا أن "الدول العشر ستقلص تجارتها مع نظام أردوغان وسيضر ذلك بالاستثمارات في تركيا".
وتشهد علاقات أنقرة فتورا خاصة مع واشنطن في ما يتعلق بعقود شراء طائرات مقاتلة من طراز "أف - 35"، وطلب قطع غيار لطائرات "أف - 16"، فضلا عن إقدامها على شراء نظام دفاع جوي روسي من طراز "أس - 400" رغم عضويتها في حلف شمال الأطلسي "الناتو".
لكن مراقبين يرون أن الخطوة تهدف أساسا إلى "حرف الأنظار" عن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تركيا، مع اقتراب معدل التضخم الرسمي من 20 في المئة والتدهور الحاد في سعر صرف الليرة.
وتتزامن الأزمة الدبلوماسية مع مخاوف المستثمرين من انخفاض قياسي في قيمة الليرة التركية، بعد أن دفعت ضغوط من أردوغان، استهدفت تحفيز الاقتصاد، البنك المركزي إلى خفض أسعار الفائدة بواقع 200 نقطة أساس في الأسبوع الماضي.
وقال كمال كيليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب المعارضة الرئيسي، إن أردوغان "يجر البلاد بسرعة إلى الهاوية".
وأضاف على تويتر "السبب في هذه التحركات ليس حماية المصالح الوطنية، بل إيجاد أسباب مصطنعة لتخريب الاقتصاد".
ويشهد سعر صرف العملة التركية تراجعا حادا مقابل العملات العالمية الرئيسية خلال السنوات الأخيرة بفعل تدخل أردوغان في سياسات البنك المركزي، والإقالات المتكررة لمحافظي البنك.
وأجرى أردوغان سلسلة من التغييرات في لجنة السياسة النقدية في السنوات القليلة الماضية، حيث أقال ثلاثة محافظين في العامين ونصف العام الماضية بسبب اختلافات متعلقة بالسياسة، مما أثر على الليرة وأضر بشدة بمصداقية السياسة النقدية والقدرة على التنبؤ بها.
وبلغ معدل التضخم الرئيسي أعلى مستوى له خلال عامين ونصف العام عند 19.58 في المئة في سبتمبر.
وعين أردوغان كافجي أوغلو في مارس بعد الإطاحة بناجي إقبال، وهو من متشددي السياسة النقدية، ورفع معدلات الفائدة إلى 19 في المئة.
وصعّد أردوغان ضغوطه من أجل خفض سعر الفائدة في يونيو، عندما قال علنا إنه تحدث إلى كافجي أوغلو بشأن ضرورة خفض معدل الفائدة بعد أغسطس.