تنمية الأعمال في أرياف الأردن تواجه كثرة الإكراهات

عمّان - تحاصر عوامل التغير المناخي وشح المياه والفقر والبطالة ومحددات البنى التحتية والتسويق والوصول إلى التمويل آفاق تنمية وتعزيز الاقتصاد الريفي في الأردن.
ويعاني الأردن، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة.
ويقف شح السيولة المالية وتكاليف التشغيل وضعف البرامج التحفيزية المساندة عائقا أمام استمرارية واستدامة المشاريع الصغيرة وخاصة في الأرياف، مع تعاظم التركة التي خلفها وباء كورونا ثم الحرب في أوكرانيا والآن الأوضاع في قطاع غزة.
ويتأثر سكان المناطق الريفية، الذين يعتمدون في تأمين سبل عيشهم ودخلهم بشكل مباشر على الموارد الطبيعية المتأثرة بالمناخ مثل الزراعة، أكثر من غيرهم.
ويرى خبراء أن هذا الوضع يتطلب وصفة محكمة تضمن الإبقاء على استدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتحفيزها، بوصفها أحد الأسلحة التي يمكنها القضاء على البطالة أو تخفيف حدتها.
وانخفض معدل البطالة خلال الربع الأخير من العام الماضي بمقدار 1.5 نقطة مئوية على أساس سنوي، ليسجل 21.4 في المئة، وفق بيانات نشرتها دائرة الإحصاء الحكومية قبل أيام.
ورغم هذه التحديات تواصل جهات رسمية وغير رسمية عديدة جهودها ضمن برامج متنوعة لتحقيق استدامة اقتصادية تعتمد في جزء كبير منها على الزراعة والمشاريع الإنتاجية.
وأكد خبراء شاركوا في منتدى تعزيز الاقتصاد الريفي الذي عقد مؤخرا في العاصمة عمّان، أن الزراعة هي النشاط الرئيسي في القرى رغم الفقر المائي ومشكلات أخرى متعلقة بالفقر والبطالة مقارنة بالمناطق الحضرية.
ومع ذلك شددوا على أن ذلك يستدعي الالتفات إلى الفرص الإقليمية لتعزيز التعاون والتكامل من أجل تحقيق أهداف التنمية الريفية، معتبرين أن تحقيقها هو السبيل لتأمين مستوى معيشي أساسي لائق لجميع سكان المناطق الريفية.
وناقشت محاور المنتدى، الذي نظّمته المؤسسة الأردنية لتطوير المشاريع الاقتصادية (جيدكو) عبر مشروع التنمية الاقتصادية الريفية والتشغيل الممول من الحكومة الهولندية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد)، رؤى ريادة الأعمال في المجتمعات الريفية.
كما تطرق الخبراء إلى الأمن الغذائي المستدام، والنوع الاجتماعي ودور الشباب في التمكين الريفي، والاستثمار المستدام في الزراعة والتغير المناخي، والوصول إلى التمويل، وإستراتيجية التسويق والسياحة الزراعية وضعف التقنيات وصعوبات الوصول إلى التمويل.
وتنمو بعض الصناعات الصغيرة الإنتاجية والحرفية في المناطق الريفية، فيما أصبحت السياحة الزراعية الريفية كذلك نمطا جديدا يلجأ إليه أهل الريف لتوفير دخل لهم، وللتغلب على تحديات النمطية، بالخروج عن المألوف.
وأكد خبير الأمن الغذائي الأردني فاضل الزعبي أن الإنتاج الزراعي من ضمن الركائز الأساسية لتحقيق الأمن الغذائي، ولا بد من تحقيق استدامة الإنتاج في ظل التغيرات المناخية والتحديات الاقتصادية.
وأوضح المستشار السابق في منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن 90 في المئة من الإنتاج الزراعي في الأردن والعالم هو من صغار المزارعين الموجودين في المناطق الريفية، والبقية من الشركات الكبرى.
8
في المئة نسبة سكان أرياف الأردن في 2022 من 48 في المئة في 1960، وفق إسكوا
واعتبر في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية أن الاهتمام بتنمية الاقتصاد الريفي يبدأ من تمكين الشباب الذين تكاد تنعدم لديهم فرص العمل الموجودة في المناطق الحضرية، فضلا عن اضطرار العديد منهم إلى الهجرة نحو المدن.
وحذرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في يناير الماضي من أن تغير المناخ يؤثر على الزراعة وبالتالي على الأمن الغذائي في المنطقة العربية.
وفي تقرير بعنوان” الهجرة وتغير المناخ في المنطقة العربية” بررت انخفاض نسبة سكان الريف في الأردن من 48 في المئة إلى أقل من 8 في المئة بين 1960 و2022 بتغير المناخ مثل ندرة المياه والجفاف والتصحر، مع انعدام الفرص الاقتصادية.
وبلغت مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي للبلد، البالغ عدد سكانه نحو 11 مليون نسمة، حسب تقديرات العام 2022 نحو 4.5 في المئة وبقيمة 1.5 مليار دينار (2.1 مليار دولار)، أي 20 في المئة من المساهمة في تحقيق الأمن الغذائي بحسب أرقام رسمية.
ويرى نائب أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط ومقره برشلونة، عبدالقادر الخصاصي، أن تمكين الشباب لتنمية الاقتصاد الريفي، في ظل سعي العديد منهم للنزوح إلى المدن والعمل في الوظائف التقليدية، يتطلب إقناعهم بأهمية البقاء في الأرياف أو حتى الهجرة المعاكسة.
وقال إن “هدف تنمية المجالات القروية الهشة ليس بالأمر الهين إن لم تكن هناك برامج وتصورات واضحة تطرح بدائل مغرية كفيلة بتحقيق هذا المراد”.
وأضاف “الشباب في عصر التكنولوجيا والتحولات الرقمية يرون في الفضاءات الحضرية مجالات كفيلة بتحقيق أحلامهم وتصوراتهم وضمان العيش الكريم، وتوفير الظروف الكفيلة بالتطور والرقي، رغم أن الريف يفترض أن يوفر آفاقا للتخفيف من البطالة”.
وذكر المجلس الأعلى للسكان في تقرير صدر مؤخرا أن التوزيع الجغرافي لسكان الأردن “غير متوازن وضار بالبيئة والاقتصاد الريفي والأمن الغذائي ومكلف ماليا وإداريا”.
وأشار إلى أن 8 في المئة فقط من السكان يقطنون في النصف الجنوبي من البلاد ضمن المحافظات الأربع الرئيسية، بينما نحو 92 في المئة منهم يقطنون في النصف الشمالي، منهم 63.5 في المئة في محافظات الوسط و28.5 في المئة في محافظات الشمال.