تنقيح مجلة الأحوال الشخصية إشاعة انطلقت من تيك توك تتحول إلى ترند في تونس

تتجدد الشائعات بين فترة وأخرى في مواقع التواصل الاجتماعي بشأن تنقيح مجلة الأحوال الشخصية وتخفيض مكتسبات المرأة بينما تتجه أصابع الاتهام نحو التيار الإسلامي الذي يحرض عليها.
تونس - انتشرت شائعات على مواقع التواصل الاجتماعي في تونس تفيد أن الحكومة تتجه نحو تنقيح مجلة الأحوال الشخصية، وغزت الأقاويل الشبكات الاجتماعية عن تنقيح بعض فصول مجلة الأحكام الجزائية، بينما أكد الكثيرون أن أيادي خفية تظهر وراء هذه الشائعات تخطط لإثارة البلبلة لتحقيق مكاسب سياسية في إشارة إلى الإسلاميين.
وتنظر المرأة التونسية لمجلة الأحوال الشخصية بوصفها إنجازا رائدًا مكّنها من تحقيق حقوق ومكاسب استثنائية في المنطقة العربية، ولهذا ظلت تفخر بها وتسعى باستمرار للحفاظ عليها ودعمها بمطالب جديدة.
ومع صعود الإسلاميين للحكم إثر بعد ثورة 14 يناير2011، تسربت المخاوف من المساس بحقوق المرأة؛ نظرًا للمواقف السابقة لقيادات حركة النهضة المنتقدة بشدة لمجلة الأحوال الشخصية، وسعيها لتغيير بعض فصولها.
وتتجدد الأحاديث بين فترة وأخرى عن هذا الموضوع بتحريك التيار الإسلامي الذي يحرض عليها، وزادت بشكل واضح في الأيام الأخيرة، وكان صوت التونسيات مرتفعا لحماية مكتسباتهن وعدم السماح بالمساس بها، وقالت الناشطة رانيا الحمامي في تدوينة على صفحتها في فيسبوك “مجلة الأحوال الشخصية هي ليست فقط خطا أحمر بل هي حبل انتحار سياسي لكل من يمس منها. وإن كان أمر المس من مجلة الأحوال الشخصية إشاعة ففي سياسات التواصل، كل التغييرات تنطلق من إشاعة لجس النبض. وإن كان الأمر مستحيلا في تونس، فعلينا ألّا نأخذ هذه الإشاعات بكامل الاستخفاف ولا ننسى أن إيران لم تكن كما هي اليوم ولا حتى ليبيا.”
وأضافت في تدوينتها “متأكدة أن نساء بلادي نساء ونصف ورجال بلادي بألف رجل، لن يسمحوا ولن يقبلوا ولن يتنازلوا على حق مكتسب، فان الحذر لازم. أما أصحاب النفوس المريضة والعقد الظاهرة والباطنة والجهل الفكري فليذكروا أن هذه الأرض هي أرض تونس، وليتمعنوا في التاريخ، وليستوعبوا أننا غير العرب وغير الفرس.. نحن مقاومون للتخلف بكل أشكاله والظلم بكل أنواعه والمهانة بكل أساليبها.. ولن يمروا بمثل هذا الفكر الدخيل على أعماقنا التونسية.”
وواصلت الحمامي:
هنا نساء تونس، هي كل نساء الارض، وواحدة منهن بالف رجل ممن يدافعن على الزواج بثانية. اما الخاضعات الخانعات اللاتي يدافعن على الزواج بثانية، فكل ما اطلبه منهن ان يكن نساء متحررات من الذل او يمتن وهن يحاولن.
وسخر ناشطون مما يروج له الإسلاميون بشأن مجلة الأحوال الشخصية التي يتجاوز عمرها خمسة عقود، حيث يستخدم هؤلاء مزاعم تفكك الأسرة والانحلال في كل مناسبة يريدون بها التحريض وتحقيق مكاسب سياسية وشعبية، وعلق ناشط على هذه المزاعم ساخرا:
وأكد أحد المحامين أن هذه الأخبار مجرد شائعات لا صحة لها، وقال في تدوينة:
Maître Khammassi
خلافا لما يروج:
لا تنقيح للفصل 18من مجلة الأحوال الشخصية وعليه لا مجال للزوجة الثانية بل لا مجال للتعدد الزوجات
تعدد الزوجات ممنوع في تونس قانونا.
كي تنجمو الأولى احكيو على الثانية.
إشاعة والسماح بالزوجة لثانية
وقال آخر:
وكتبت صحافية:
واعتبر الكثير من الناشطين أن الإشاعة هي بالون اختبار يخطط البعض لتحريكه والاستفادة من التحريض:
وأكدت مدونة أن للقضية خلفية سياسية مشبوهة:
Saloua Charfi Ben Youssef
اللي عاملين حملة لتغيير مجلة الأحوال الشخصية ظاهر فيهم يحبوا على اعتصام الرحيل ومليون امرأة في مظاهرة.
وعلق آخر:
وجاء في تدوينة:
ونفت مصادر مطلعة صحة هذه الأخبار المتداولة، وأكدت أنها عارية عن الصحة تماما، وقال رئيس لجنة التشريع العام بالبرلمان ياسر قوراري، إن البرلمان لم يتلقّ أي مشروع قانون لتنقيح مجلة الأحوال الشخصية وأن ما يروج على مواقع التواصل الاجتماعي يندرج في خانة المغالطات التي تسوقها “قوى الردة و الرجعية.” وشدد القوراري، في تصريحات صحافية، “أنه لا يمكن القبول بمسألة تنقيح مجلة الأحوال الشخصية إلا في حالة كانت المقترحات المقدمة تتجه نحو المزيد من تطوير مكتسبات المرأة و العائلة و المجتمع التونسي والمكتسبات التاريخية للمرأة التونسية.”
وتتضمن مجلة الأحوال الشخصية العديد من القوانين والأحكام التي ساوت بين المرأة والرجل ومنعت تعدد الزوجات وأوجبت بأن يكون الطلاق عبر المحكمة، وغيرها من القوانين التي تعتبر ثورية وأدخلت تغييرات جوهرية على الأسرة والمجتمع التونسي ككل. وعقب يناير 2011، طالبت العديد من هياكل المجتمع المدني وعلى رأسها الإسلاميون بتنقيح مجلة الأحوال الشخصية خاصة في ما يتعلق بالطلاق والنفقة.
وقال قوراري، إن 3 محاور كبرى سيتم وضعها على طاولة البرلمان تتمثل في استكمال البناء المؤسساتي وإرساء الطابع الاجتماعي للدولة وتطوير القوانين باتجاه تحقيق المزيد من المكتسبات المجتمعية، وثالثا مراجعات تشريعية في المجال الاقتصادي من أجل ملاءمة الخيارات الاقتصادية مع الخيارات الاجتماعية. وشدد على أن مختلف اللجان ستشتغل وفق اختصاصاتها في هذه الاتجاهات الثلاث الكبرى.
وبعد أن فازت حركة النهضة بانتخابات أكتوبر 2011 وشكلت مع “حزب المؤتمر من أجل الجمهورية” و”التكتل الديمقراطي”، الغالبية بالمجلس الوطني التأسيسي الذي عهدت إليها صوغ الدستور الجديد لتونس، وشكلت معهما الحكومة الانتقالية التي عهد إليها تسيير البلاد إلى حد إجراء الانتخابات على قاعدة الدستور الجديد (2014)؛ أطلقت العنان للجماعات المتطرفة والمعادية بشدة لحرية المرأة على غرار أنصار الشريعة وغيرها من الجماعات الراديكالية للاستيلاء على المساجد وبعض الساحات، لتنشر بكل حرية خطابات متطرفة وتحمل شعارًا واضحًا “تطبيق الشريعة”.