تنظيم الدولة الإسلامية يدفن حلم "أرض التمكين"

مني تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق بهزائم كثيرة خلال الأشهر الأخيرة، حيث تراجعت مناطق نفوذه الذي سيطر عليها منذ عام 2014 إلى حوالي 5 بالمئة. ويقول باحثون في التنظيمات المتطرفة إن الشبكة العالمية للجهاديين بدأت تبحث لنفسها عن بدائل لنشاطها من خلال العودة إلى استراتيجيتها الأولى التي لا ترتبط بالتواجد المكاني.
الأحد 2017/11/19
أوهام داعش تحت هذه الأنقاض

بغداد - وصل حلم تنظيم الدولة الإسلامية بإقامة “أرض التمكين” إلى نهايته لكن فلوله لا تزال باقية، بعد فشله في الإبقاء على أسس “دولة الخلافة” لأكثر من ثلاث سنوات وخسارة “عاصمتيه” ومعقليه في العراق وسوريا واستسلام وفرار المئات من مقاتليه.

ويقول المحلل الأمني والخبير في الحركات الجهادية هشام الهاشمي إن أحدا من التنظيمات المتطرفة “لن يفكر بالعودة مرة أخرى إلى ما يسمى بأرض التمكين أو أرض الخلافة”.

في عام 2014، نصب أبو بكر البغدادي نفسه “خليفة” على سبعة ملايين شخص في أراض تتخطى مساحتها مساحة إيطاليا وتشمل أجزاء واسعة من سوريا ونحو ثلث أراضي العراق.

واجتذبت “دار الإسلام” هذه الآلاف من الجهاديين الذين أتوا مع نسائهم وأطفالهم من مختلف أنحاء العالم. حينها أصبحت مدينة الرقة السورية “عاصمة الخلافة”.

وشهدت مدينة الموصل، ثانية كبرى مدن العراق، الظهور العلني والوحيد لأبي بكر البغدادي من جامع النوري الذي فجره التنظيم نفسه في ما بعد.

وفي كل المدن التي كانت تحت سيطرته، رفع تنظيم الدولة الإسلامية رايته السوداء فوق مباني الإدارة الجديدة التي عاد واستقى أسماءها من أولى سنوات عصر الإسلام.

فمن ديوان العدل والمحاسبة إلى ديوان الصحة، أصدر التنظيم شهادات ميلاد وزواج وأحكام وأوامر أخرى على أوراق مدموغة أيضا بشعاره الأسود.

وبعد أقل من أربع سنوات وفي أعقاب معارك طويلة هي الأعنف منذ الحرب العالمية الثانية، لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر حاليا سوى على أقل من خمسة في المئة من الأراضي التي استولى عليها في عام 2014.

يشير كيرك سويل، خبير السياسة العراقية وناشر مجلة “إنسايد إيراكي بوليتيكس”، إلى أنه “خلال تلك المعارك وخصوصا في الموصل قتل عدد كبير من الجهاديين”.

كما برز تنظيم الدولة الإسلامية من أطلال التنظيم الذي أنشأه أبوبكر البغدادي في العراق وما تبقى من تنظيم القاعدة قبله، بدأت تظهر الآن نواة تنظيم جديد يتأسس على فلول آخر الجهاديين

ويضيف أنه “في أعقاب الهزائم استسلم الكثيرون” ممن تركتهم قياداتهم التي فرت مبكرا، لافتا إلى أن آخرين أيضا “هربوا من البلاد أو يحاولون الانخراط في المجتمع” سعيا لإخفاء ماضيهم المرعب.

وأكد الهاشمي أنه بعد تلك الخسائر الكبيرة فإن “داعش حتى إذا كتب له البقاء لن يفكر بالعودة مرة أخرى” إلى فكرة السيطرة العسكرية أو الإدارية على الأراضي.

ويشير الهاشمي، في هذا الإطار، إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية ما زال متواجدا في “الوديان والجزر والصحارى والبوادي التي تشكل 4 في المئة من مساحة العراق” والواقعة على طول الحدود السهلة الاختراق مع سوريا، حيث يتعرض أيضا لهجوم واسع تتقلص بفعله المساحة التي يسيطر عليها تدريجيا.

في مواجهة ذلك وإضافة إلى القوات العراقية والسورية، تشكلت تحالفات من قوى متعددة مدعومة من روسيا والولايات المتحدة أو إيران التي تتعادى أحيانا وتجد مصالح لها في الصراعات الإقليمية المختلفة.

ويشير كريم بيطار، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد “إيريس” للشؤون الدولية والاستراتيجية في باريس، إلى أن “مشروع الخلافة سقط أمام الواقع الجيوسياسي”.

وأوضح “لهذا فإنه من المحتمل أن تعود الشبكة الجهادية العالمية إلى استراتيجيتها الأولى بعدم الارتباط بالتواجد المكاني، وتفضيل توجيه الضربات مجددا إلى

العدو البعيد من خلال استهداف الغرب أو روسيا لإظهار أنه يجب دائما أخذها في الحسبان”.

وتلك “الشبكة” باتت الآن بقيادة جديدة تلوح في الأفق. ويرى الهاشمي أنه كما نشأ تنظيم الدولة الإسلامية من أطلال “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق” وما تبقى من تنظيم القاعدة قبله، بدأت تظهر الآن نواة تنظيم جديد يتأسس على فلول آخر الجهاديين.

ويقول الهاشمي إن “أنصار الفرقان هو التنظيم الجديد القادم ويضم معظم فلول تنظيم داعش وبقايا تنظيمي أنصار الإسلام والقاعدة في العراق الذين بدأوا ينجذبون إلى هذا التنظيم”.

ويضيف أن “هذه نواة صلبة من العقائديين والمنهجيين، أسست في شهر سبتمبر السابق في سوريا، ونعتقد أنهم في جبال إدلب”.

وتكمن المفارقة في أن رأس هذا التنظيم الجديد هو حمزة أسامة بن لادن، نجل الزعيم التاريخي لتنظيم القاعدة الذي قتل في عملية خاصة أميركية في باكستان عام 2011.

لكن مقتل بن لادن حينها لم يكن يعني النهاية، إذ أن اسمه ما زال عاملا جاذبا ومستقطبا للكثير من الجهاديين، كما يؤكد الخبراء.

3