تنام غير مسبوق لظاهرة العنف في الأوساط التربوية بتونس

استشراء العنف المادي واللفظي في صفوف التلاميذ أدى إلى تسجيل خسائر في الأرواح في بعض الأحيان.
الأحد 2024/11/24
عنف متزايد

تونس - تنامت ظاهرة العنف في المؤسسات التربوية التونسية خلال الفترة الأخيرة، وسط دعوات إلى ضرورة التدخل الأمني في الفضاء المدرسي، في مسعى للحدّ من انتشارها.

ويقول مراقبون، إن استشراء العنف المادي واللفظي في صفوف التلاميذ أدى إلى تسجيل خسائر في الأرواح في بعض الأحيان بسبب تهور أطفال قصر لم يلقوا الرعاية والتأطير اللازمين في الوسط العائلي والمدرسي على حد سواء.

وأصبحت شكاوى ضحايا التلاميذ، سواء تعلق الأمر بتلاميذ آخرين أو بمنتمين إلى الإطار التربوي، لدى السلطات الأمنية أو لدى إدارات المدارس، أمرا مألوفا بسبب تنامي العنف بشكل ملحوظ.

وكشفت فاتن المطوسي رئيسة الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية تسجيل 1446 قضيّة تورّط فيها أطفال دون 18 عاما خلال سنة 2021 فيما بلغ عدد القضايا 1419 قضيّة، خلال 2023.

أشكال العنف في الوسط المدرسي بلغت 69 في المئة من العنف المادي و28 في المئة من العنف المعنوي و3 في المئة من العنف الجنسي

وحسب الإدارة الفرعية للوقاية الاجتماعية بإدارة الشرطة العدلية، تزايد عدد الأطفال المتضررين من العنف في الوسط المدرسي من 1947 في 2021 إلى 2231 سنة 2023.

وتتوزع أشكال العنف في الوسط المدرسي بنسب متفاوتة إذ نجد 69 في المئة من العنف المادي و28 في المئة من العنف المعنوي و3 في المئة من العنف الجنسي.

وبالنسبة إلى المتورّطين في قضايا العنف المدرسي حسب المهنة فيتصدّرها التلميذ بنسبة 63 في المئة، في المقابل يحتل الأستاذ النسبة الأدنى بـ1 في المئة.

وعلق المدير العام للأمن الوطني مراد سعيدان على استشراء ظاهرة العنف في الأوساط التربوية والفضاء المدرسي، قائلا إن “الظاهرة أصبحت غير طبيعية وإن التدخل الأمني كان ضروريا.”

وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن “الوحدات الأمنية اضطرت للدخول إلى الفضاء المدرسي للتصدي لهذه الظاهرة التي ارتفعت بشكل غير مسبوق وأصبحت مثيرة للحيرة في السنوات الأخيرة.”

وتابع أنّ “التدّخل الأمني في المؤسسات التربوية كان استثنائيا ويقتصر على الحالات القصوى إيمانا منهم بأنّ الفضاء المدرسي هو فرصة للتعليم والتربية،” مشدّدا على “ضرورة القيام بتشخيص دقيق لهذه الظاهرة وتظافر الجهود الميدانية من خلال عمل مشترك بين جميع الأطراف المتدخلة.”

تسجيل 1446 قضيّة تورّط فيها أطفال دون 18 عاما خلال سنة 2021 فيما بلغ عدد القضايا 1419 قضيّة، خلال 2023

وأشار في كلمة خلال فعاليات ورشة ختامية حول مكافحة العنف بالفضاءات المدرسية انتظمت بمدينة سوسة السبت 23 نوفمبر 2024 تحت شعار “فضاء تربوي آمن مسؤولية مشتركة” إلى تطوّر ظاهرة العنف التي أصبحت متبوعة بجرائم قتل وإصابات متفاوتة وفي إطار عصابات منظّمة معرّجا على حادثة خصومة أدت إلى دخول طفل في غيبوبة.

وأرجع انتشار هذه الظاهرة الخطيرة إلى عدة عوامل وأسباب أهمّها المخدّرات مؤكدا في هذا الصدد انخراط أبناء المؤسسة الأمنية في محاربتها بالإضافة إلى عوامل أسرية وتأطيرية.

من جانبه أكد كاتب الدولة لدى وزير الداخلية المكلف بالأمن سفيان بالصادق انفتاح وزارة الداخلية بكل هياكلها على كل المبادرات البنّاءة ضمن مقاربة تشاركية شاملة وتدعو إلى النسج على مثل هذه الورشات بهدف إرساء فضاء تربوي آمن ونبذ كل أشكال العنف في الفضاءات التربوية والرياضية والأسرية.

وأفاد بتعدّد مظاهر العنف المدرسي من أذى جسدي وتسلّط وإقصاء و بالخصوص التنمّر وساهمت في تفاقمها مجموعة من العوامل المتنوعة منها المجتمعية حيث كان لها بالغ الأثر ما استوجب وضع إستراتيجية لمكافحتها والوقاية منها.

ويقدر الخبراء عدد حالات العنف في الوسط المدرسي بثلاثة آلاف حالة سنويا. وسجّل المحيط المدرسي في تونس سنة 2021، جملة من حوادث العنف التي هزّت هذا المحيط، ومسّت من حرمة المؤسسة المحورية في عملية التنشئة الاجتماعية للتلاميذ. وتمثلت تلك الحوادث في اعتداء تلميذ على أستاذه بساطور، ومحاولة آخر الاعتداء على أستاذة بسيف، وإلقاء ثالث ملابس داخلية على أستاذه داخل القسم.

ويذهب علماء الاجتماع في تونس إلى ربط ارتفاع العنف في صفوف الأطفال بغياب الحوار داخل الأسرة، وسط عدم استيعاب للتحولات التي يعيشها الأبناء على مستوى القيم والمفاهيم. ودعا المختصون إلى ضرورة الإنصات إلى الشباب أو الأطفال داخل الأسرة ودعم التوعية والتحسيس حتى يتم استيعاب نزعتهم الفردانية.

2