تنافس غربي على الألومنيوم الخليجي لتعويض المشتريات من روسيا

رجح محللون أن يدخل المشترون الغربيون في تنافس قوي على الألومنيوم الخليجي في حال حظر الاتحاد الأوروبي المعدن الروسي في الأشهر المقبلة، مما يثير ارتفاعات في الأسعار مثل التي حصلت قبل سبع سنوات عندما فُرضت عقوبات على شركة روسال.
لندن- يرى خبراء أن السباق على الألومنيوم من دول الشرق الأوسط، بما في ذلك الإمارات والبحرين، من شأنه أن يغذي التضخم بالنسبة للشركات الغربية في قطاعات النقل والتعبئة والبناء التي تواجه بالفعل ارتفاع تكاليف المواد الخام والرواتب.
وبينما تعد الإمارات أكبر منتج للألومنيوم عالي الجودة عبر شركة الإمارات للألومنيوم، وهي من أهم الشركات الصناعية خارج قطاع النفط والغاز، فإن جارتها الأصغر من حيث حجم الاقتصاد فتمتلك شركة ألبا والتي لديها أكبر مصاهر في العالم باستثناء الصين.
ويعتبر الألومنيوم العنصر الرئيسي للسيارات الكهربائية، وهو أخف وزنا بكثير من الفولاذ، كما أنه الآن المعدن المفضل في مجموعة واسعة من أجزاء للمركبات الصديقة للبيئة.
ومنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا قبل عامين، ظل أعضاء الاتحاد الأوروبي على مدار أشهر يتناقشون بشأن فرض عقوبات من شأنها حظر الألمنيوم الروسي.
وذكرت مصادر مطلعة لرويترز الاثنين أن الأوروبيين لم يقرروا أي عقوبات جديدة على الألومنيوم في أحدث حزمة عقوبات على موسكو، لكن من المتوقع أن يقترح الاتحاد قريبا حزمة أخرى تتضمن حظرا جديدا على الواردات.
وكان منتجو الشرق الأوسط مسؤولين عن 6.2 مليون طن أو ما يقرب من 9 في المئة من الإمدادات العالمية العام الماضي، بحسب أرقام للمعهد الدولي للألمنيوم، حيث تم شحن ما يقرب من مليوني منها إلى أوروبا والولايات المتحدة.
ومن شأن خسارة المعدن الروسي أن يترك أوروبا تعاني من عجز يبلغ نحو 500 ألف طن، ويمكن تعويض بعض منه من خلال إعادة تشغيل الطاقة المعطلة في المنطقة.
لكن ديمتري سيريس من شركة بيرينيال لتجارة الألمنيوم ومقرها الولايات المتحدة يشكك في ذلك، وقال لرويترز “لن يتمكن الموردون في الشرق الأوسط من تعويض النقص في أوروبا بالكامل بسرعة”.
ويدفع مشترو الألمنيوم في السوق المادية سعر بورصة لندن للمعادن (أل.أم.إي)، بالإضافة إلى علاوة لتغطية تكاليف النقل والمناولة والضرائب.
وقال سيريس “يجب أن ترتفع علاوات التأمين الأوروبية لجذب المعدن بعيدا عن مناطق أخرى بما في ذلك الولايات المتحدة. ويجب أن ترتفع علاوات التأمين في الولايات المتحدة أيضا للحفاظ على وصول المعدن.”
وأثارت العقوبات الأميركية على الشركة الروسية روسال في أبريل 2018 أزمة أدت إلى قفز الألومنيوم في بورصة لندن للمعادن بنسبة 35 في المئة في غضون أيام قليلة إلى أعلى مستوياته في سبع سنوات.
وارتفعت أقساط التأمين الأوروبية المدفوعة بنسبة 45 في المئة خلال الشهر التالي، في حين زادت أقساط التأمين الأميركية بنسبة 20 في المئة خلال الفترة ذاتها.
2
مليون طن وردتها دول الخليج إلى أوروبا وأميركا في 2023، وفق المعهد الدولي للألومنيوم
ومن غير المرجح أن تمتد زيادات الأسعار في حالة فرض حظر جديد إلى ما حدث في 2018 بسبب الفوائض في آسيا، مع احتمال تحويل الإمدادات الروسية أيضا إلى الصين، وهي بالفعل متلقي رئيسي للألومنيوم من حليفتها عقب الحرب في أوكرانيا.
ومع ذلك، فإن قوة رد الفعل ستعتمد على ما إذا كانت بورصة لندن للمعادن ستقرر، نتيجة لعقوبات الاتحاد الأوروبي، حظر الألومنيوم من أصل روسي، والذي يشكل 90 في المئة من المخزونات في المستودعات المسجلة في بورصة لندن للمعادن.
وقال مايكل ويدمر المحلل في بنك أوف أميركا “إذا لم تعد حمولات روسال مقبولة في المعاملات في بورصة لندن للمعادن، نظرا لنقص المعادن غير الروسية في المستودعات، فقد ترتفع أقساط التأمين المادية وأسعار بورصة لندن للمعادن بشكل عنيف”.
وتعني العقوبات الذاتية والتعريفات الجمركية بنسبة 200 في المئة على الواردات الأميركية أن العديد من الشركات في الولايات المتحدة قد نوعت أعمالها بعيدا عن روسيا وتوجهت إلى دول أخرى، بما في ذلك الشرق الأوسط.
وأظهرت أرقام من مراقبة بيانات التجارة (تي.دي.أم) أن واردات الولايات المتحدة من الألومنيوم الروسي انخفضت إلى حوالي 16.9 ألف طن العام الماضي أو 0.4 في المئة من إجمالي الواردات، قياسا من 4 في المئة خلال 2022 ونحو 9 في المئة خلال 2018.
ومع ذلك، على الرغم من انخفاض واردات الاتحاد الأوروبي من الألومنيوم الروسي، إلا أنها لا تزال كبيرة.
ووفقا لبيانات تي.دي.أم، بلغ إجمالي واردات الاتحاد الأوروبي من الألومنيوم الروسي 512.1 ألف طن في العام الماضي، أو 8 في المئة من إجمالي الواردات من 12 في المئة في عام 2022 و19 في المئة في عام 2018.
وقال ديفيد ويلسون المحلل لدى بنك بي.أن.بي باريبا إن “عقوبات الاتحاد الأوروبي على الألومنيوم الروسي ستعني علاوات أعلى في أوروبا. وسيتعين بعد ذلك أن ترتفع العلاوات الأمريكية أيضا لتظل قادرة على المنافسة”.
وأضاف “علاوات التأمين الأوروبية أعلى بالفعل، وتكاليف شحن الحصول على المعدن من أسواق الشرق الأوسط ودول آسيوية أخرى ارتفعت بسبب الهجمات في البحر الأحمر”.
وارتفعت تكاليف الشحن بسبب هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر الماضي، مستهدفين الطريق الذي يسمح للتجارة بين الشرق والغرب باستخدام قناة السويس.
وبلغت واردات الاتحاد الأوروبي من الألومنيوم من الشرق الأوسط ما يقرب من 1.2 مليون طن أو 18.8 في المئة من إجمالي العام الماضي، في حين استوردت الولايات المتحدة أكثر من 800 ألف طن أو 19.3 في المئة.
وبلغ حجم مبيعات شركة الإمارات العالمية للألومنيوم العام الماضي نحو 2.74 مليون طن لتتصدر بذلك القطاع في منطقة الخليج، بينما حلت شركة ألبا ثانيا بإنتاج بلغ 1.6 مليون طن.
وجاءت شركة معادن السعودية في المركز الثالث بإنتاج وصل إلى 894 ألف طن، ثم شركة ألومنيوم قطر بواقع 677 ألف طن، فيما بلغ إنتاج شركة صحار العمانية نحو 396 ألف طن.
وسبق أن صرح الأمين العام للمجلس الخليجي للألومنيوم محمود الديلمي بأن مستويات الإنتاج في المنطقة حافظت على استقرارها في العام الماضي.
وأكد وجود دراسات لدى المصنعين للتوسع في الإنتاج مستقبلا، لكن تبقى رهن المستجدات، لاسيما المتعلقة بزيادة الطلب في الأسواق الإقليمية والعالمية على الألمونيوم.