تمويل الأحزاب ملف شائك يثير جدلا واسعا في تونس

تونس - يثير ملف مراقبة مصدر تمويل الأحزاب في تونس جدلا واسعا حيث اعتبر مسؤولون أن غموض الإطار القانوني ونقص الشفافية من قبل الأحزاب السياسية يعيقان مراقبة تمويلها، ما يجعل هذا الملف "شائكا" و"خطيرا".
وحذر رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس شوقي الطبيب، من مغبة اندلاع "حرب بالوكالة" تخوضها أحزاب تونسية نيابة عن قوى إقليمية، واعتبر أن الوضعية الحالية لتمويل الأحزاب، المتعلقة بالشفافية، "خطيرة".
وأوضح الطبيب أن تمويل بعض الأحزاب غير قانوني، وأن العديد منها لا تتوخى الشفافية في التصريح بتمويلاتها، خاصة خلال الفترة الانتخابية. كما نبه من وجود تمويل خارجي.
وقال "تشهد بلادنا حربا اقليمية بالوكالة" على الساحة السياسية، متهما أطرافا خارجية بتوظيف أحزاب سياسية محلية عن طريق تمويلها.
وتابع الطبيب "حتى اليوم لم نر قرارات جريئة في علاقة بمراقبة تمويل الأحزاب".
ويرى مراقبون أن التراخي والتقصير في محاسبة ظاهرة الانفلات في ما يتعلق بتمويل الأحزاب حولا المشهد السياسي في البلاد، إلى مايشبه ساحة خالية من الرقابة، في وقت تتعالى فيه الأصوات داخل قبة البرلمان التونسي الداعية إلى صد تغلغل النفوذ الأجنبي الذي امتد إليه عن طريق حركة النهضة الإسلامية والتي تتلقى تمويلات من قطر وتركيا.
ولا تلقى مساعي النهضة للزج بتونس في المحور القطري التركي الداعم للميليشيات التي تقاتل في صفوف حكومة الوفاق في ليبيا قبولا لدى الأوساط السياسية التونسية التي تحذر من خطورة دعم مخططات إغراق ليبيا في المزيد من الفوضى.
ومؤخرا تصاعدت حدة الانتقادات لحركة النهضة الإخوانية، وكان من أبرز التحركات توقيع عريضة تطالب زعيم الحركة، بالكشف عن ثروته على غرار التمويل الذي تتلقاه حركته من جهات خارجية، لا سيما قطر وتركيا.
وبعد ثورة 2011 تم إقرار قانون في تونس يضمن حرية تأسيس الأحزاب السياسية ويُلزمها تقديم تقرير سنوي عن تمويلاتها لهيئة المحاسبات يتضمن بالتفصيل مصاريفها وكل عملياتها المالية.
لكن لم يصل إلى هيئة المحاسبة منذ ذلك التاريخ سوى 12 تقريرا من عدد من الأحزاب، وفق ما أفاد رئيس المحكمة الإدارية عبد السلام مهدي قريصعة في مداخلة في ندوة تم تخصيصها الجمعة لطرح مسألة تمويل الأحزاب السياسية في تونس.
وبيّن قريصة أنه يوجد نقص في الامكانات بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين المؤسسات المعنية بمراقبة تمويل هذه الأحزاب.
ودعا قريصعة إلى "مراجعة المرسوم عدد 87 الخاص بتنظيم الأحزاب السياسية والذي لا يحدد آجالا لتقديم التقارير السنوية كما لا يفرض عقوبات" في حال عدم تقديم التقارير.
قبل ثورة 2011، كانت تنشط في تونس ثمانية أحزاب فقط، فيما صار عددها الآن 224، وفق ممثل وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني مراد المحجوبي.
وأضاف المحجوبي أنه تم تقديم مشروع قانون لرئاسة الحكومة لرقمنة تدابير المراقبة، ومن المتوقع أن يعرض على البرلمان في 2020.
ويُلزم مشروع القانون الأحزاب بنشر معاملاتها المالية على قاعدة بيانات رقمية لهيئة المحاسبات "في آجال لا تتجاوز تاريخ 30 يونيو من كل سنة"، كما يقر عقوبات تصل حد حلّ الحزب.
وتغيبت الأحزاب عن الندوة المنعقدة الجمعة، ما اعتبره مدير مركز الكواكبي للانتقال الديموقراطي أمين غالي "إشارة واضحة".