تململ في صفوف الجيش السوداني مع تحذير للإسلاميين

الخرطوم - تشهد صفوف الجيش السوداني تململا غير مسبوق من قبل الضباط والجنود بسبب إطالة أمد الحرب وعدم حسم المعارك التي يخوضها ضد قوات الدعم السريع، في إشارة قد توحي إلى استعداد الإسلاميين وفلول نظام عمر البشير إلى التخلي عن قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان بالرغم من متانة العلاقة بين الطرفين.
وقد رفعت الاستخبارات العسكرية، التي جرى تحويل صلاحياتها كاملة بالوثيقة الدستورية لتكون ذراعا سياسيا لفلول النظام السابق، تقارير إلى قيادة الجيش، رصدت فيها استياء وسط الضباط والجنود ممّا وصفته بـ"بطء العمليات".
ونقل موقع "دارفور24" عن مصدر عسكري رفيع –لم يسمه- قوله إنّ التقارير التي اطلعت عليها قيادة الجيش قبل نحو شهر، رأت أنّ بطء العمليات العسكرية "غير مبرر".
ورصد أحد التقارير الرأي السائد وسط الضباط والجنود أنّ قيادة الجيش "غير جادة" في الحرب، وخلص إلى خيارين يتم تداولهما عبر صفوف الجيش، إمّا حرب بكامل الإمكانيات، وإمّا الذهاب إلى التفاوض، وهو ما يرفضه التيار الإسلامي وقادة النظام السابق الذين يتحكمون بقرار الجيش في الوقت الراهن.
وتطرح هذه الإشارات تساؤلات ما إذا كان الإسلاميون يرغبون في التخلص من البرهان بعد عجزه عن استعادة المناطق التي سيطرت قوات عليها قوات الدعم السريع، أم أنها مجرد مؤامرة لتخفيف الضغوط عنه.
ويمثل جهاز الاستخبارات الإسلاميين الذين نجحوا في اختطاف قرار الجيش، والدولة السودانية، وقد أعادوا كل المؤسسات في بورتسودان إلى حقبة الكيزان.
وكان الجيش قد أطلق في وقت سابق عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على ولاية الجزيرة، الواقعة على الحدود الجنوبية للخرطوم، من ثلاثة محاور لكن الخسار الفادحة التي تعرض لها أجبرته على التراجع والتوقف عن العملية برمتها.
كما تعرض الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه لخسائر مماثلة في محور جنوب شندي بمنطقة البسابير بولاية نهر النيل شمالي العاصمة الخرطوم.
ويواجه الجيش مأزقا بشأن التعامل مع تعقيدات الوضع العسكري والسياسي عقب احتدام الحصار الذي تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، آخر معاقل الجيش في إقليم دارفور، وتزايد الضغوط الدولية عليه لدفعه نحو الاتجاه إلى طاولة المفاوضات عبر منبر جدة الأيام المقبلة.
وتشهد قرى ومناطق محيطة بالفاشر اشتباكات بين فريقي الجيش والدعم السريع وسط ترجيحات بإمكانية انتقالها إلى وسط المدينة قريبا، ما يشكل ضغطًا على قيادة الجيش التي تدرك أن فقدان الفاشر يعني أنها ستكون الطرف الأضعف في المفاوضات.
وفي المقابل، تبدو قوات الدعم السريع جاهزة لخوض معركة طويلة وحاسمة في الفاشر، فالسيطرة عليها تُنهي ما تبقى من قوة لدى الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، وتخرج من معادلة الحرب، كما أنها تمثل ضغطا سياسيا على الجيش في أي مفاوضات مقبلة.
وقال مساعد القائد العام، ياسر العطا في مقابلة مع قناة "الحدث" السعودية إن الجيش تأخر في عمليات الخرطوم وبحري لكنه الآن جاهز.
ويعتقد مراقبون أن تلك الاشارات تبدو مفتعلة لأن علاقة الإسلاميين بالبرهان قديمة ومعروفة، لكنهم يريدون الإيحاء بأن البرهان ليس رجلهم الموثوق به عسكريا، وأنه لا يعمل على تنفيذ أجندتهم كمحاولة لتبرئة ساحته.
وتأتي هذه التقارير في وقت لا يزال البرهان يرفض استئناف محادثات وقف إطلاق النار عبر منبر جدة رغم تلقيه دعوة بشكل رسمي للعودة إلى طاولة المفاوضات.
وقال البرهان الثلاثاء إنه "لن تكون هناك أي عملية سياسية إلا بعد أن تنتهي الحرب في البلاد"، في تصريح جديد يؤكد أنه يرفض جميع الوساطات والتحركات المتعددة التي تنخرط فيها القوى السياسية الباحثة عن الديمقراطية لإنهاء القتال، مع استجابة قوات الدعم السريع لمبادراتها.
وتجري جهود إقليمية ودولية من أجل استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع في منبر جدة، وتقود السعودية والولايات المتحدة ودول أخرى جهودا لإعادة الجيش وقوات الدعم السريع إلى طاولة المفاوضات في مدينة جدة، بعد توقف المحادثات لشهور.
وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو قد رجح قبل فترة إجراء المحادثات خلال أبريل لكن ذلك لم يتحقق، وتم مؤخرا تداول أنباء على أنها ستعقد في مايو الحالي، وسط شكوك في إمكانية تحقق ذلك، لاسيما على ضوء المواقف المتشددة التي ما فتئت قيادات الجيش تطلقها في الفترة الأخيرة.