تمسك تونسي بالفائدة المرتفعة لمواجهة التضخم

تونس - تمسك البنك المركزي التونسي باتباع “سياسة نقدية حذرة في ظل المخاطر التضخمية” في السوق المحلية، وذلك من خلال الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسية دون تغيير عند 8 في المئة.
وأشار البنك في بيان نشرته وكالة الأنباء التونسية الرسمية الجمعة إلى ما وصفه بـ”توجه معدل التضخم نزولا بشكل تدريجي، حيث استقر هذا المعدل في مستوى 6.7 في المئة خلال أكتوبر الماضي، وذلك للشهر الثالث على التوالي.”
واعتبر مجلس إدارة البنك عقب اجتماعه بمقر المركزي أن هذا التطور في نسبة التضخم يعكس زيادة ارتفاع أسعار المواد الغذائية الطازجة، التي قدرت بنسبة 13 في المئة خلال شهر أكتوبر.
في المقابل واصل التضخم الضمني، أي دون احتساب المواد الغذائية الطازجة والأسعار المقننة، تراجعه، وبلغ مستوى 6.4 في المئة بالمئة في أكتوبر، مقابل 6.7 في المئة في سبتمبر و8.9 في المائة قبل سنة.
وشهدت السوق المحلية ارتفاعا في معدلات التضخم وصلت إلى 10.1 في المئة خلال ديسمبر الماضي على أساس سنوي، صعودا من 9.8 في المئة في الشهر السابق له. ولكنها تقهقرت لتستقر عند أكثر بقليل من سبعة في المئة في بداية 2024.
وتظهر مؤشرات نمبيو، وهي منصة أميركية تتابع الأوضاع المالية والمعيشية للمواطنين في مختلف بلدان العالم، أن الأسرة التونسية المكونة من أربعة أفراد تصل تكاليف مصاريفها الشهرية إلى 3722 دينارا (1203 دولارات) باستثناء الإيجار.
في المقابل، تقدر التكاليف الشهرية للفرد الواحد بنحو 338.5 دولارا دون إيجار مسكن، وهذا يعني أن ثمة عجزا على مستوى الدخل، وهو ما يجعل الناس يواجهون صعوبات، وبالتالي تدهورا في قدرتهم الشرائية.
وتبدو تونس في أمس الحاجة إلى تحفيز اقتصادي يجعلها قادرة على النهوض من أزمة معقدة تواجهها، ودفعت بتصنيفها إلى مستويات متدنية رغم المحاولات الحكومية المضنية لدفع عجلات الناتج المحلي الإجمالي.
ولفت المجلس إلى أن المؤشرات الاقتصادية على المستوى المحلي تُشير إلى أن نسبة النمو شهدت ارتفاعا تدريجيا وقدرت بنحو 1.8 في المئة خلال الربع الثالث من العام الجاري، مقابل واحد في المئة خلال الربع الثاني و0.4 في المئة قبل ذلك بسنة.
وطالب في هذا الصدد كافة الأطراف المعنية بضرورة العمل على تسريع إرساء الإصلاحات اللازمة وتجاوز كل الصعوبات بهدف تحقيق معدلات نمو تسمح بالمحافظة على إجمالي التوازنات.
وتواصل انكماش العجز الجاري إلى مستوى 3.1 مليار دينار (980 مليون دولار) ما يعادل 1.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية أكتوبر، مقابل 1.2 مليار دولار أو 2.5 في المئة من الناتج المحلي قبل عام، رغم عجز تجاري أرهقته الفاتورة المرتفعة للطاقة. وبحسب المسؤولين في البنك المركزي يعكس هذا التحسّن، خصوصا، الأداء الجيّد لقطاع السياحة وعائدات العمل.
وأشار البنك في بيانه إلى أن احتياطي تونس من النقد الأجنبي بلغ لغاية السادس والعشرين من نوفمبر 24.8 مليار دينار (7.87 مليار دولار)، أي ما يُغطي قرابة أربعة أشهر من واردات البلاد.
وتسعى الحكومة إلى تقليص العجز المالي خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى 6.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ثم 3.9 في المئة نهاية عام 2026، في مقابل نحو 7.7 في المئة بنهاية العام الماضي.
ولكن يبدو هذا الأمر صعبا بالنظر إلى متطلبات التمويل الكبيرة التي تحتاجها الدولة، رغم أن السلطات تحاول إثبات جدوى خططها البديلة عبر الاقتراض المباشر من البنك المركزي وعقد بعض الاتفاقيات الثنائية.
وتظهر أرقام الميزانية الحالية أن الدولة ستسدد ديونا خارجية بقيمة 3.9 مليار دولار هذا العام، بزيادة 40 في المئة عن مستويات عام 2023.