تمسك إسرائيل بمحوري فيلادلفيا ونتساريم يهدد هدنة غزة

القدس – جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، تمسكه ببقاء جيشه في محور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر وممر نتساريم الذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين، رافضا الانسحاب "تحت أي ظرف"، في موقف يهدد بانهيار محادثات وقف إطلاق النار الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر، وتحرير عشرات الرهائن، ومنع اندلاع صراع أوسع نطاقا.
ونقلت صحيفة "معاريف" العبرية عن نتنياهو قوله لممثلي عائلات أسرى إسرائيليين في غزة "إسرائيل لن تغادر تحت أي ظرف من الظروف محور فيلادلفيا وممر نتساريم رغم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها للقيام بذلك".
وأضاف نتنياهو "هذه أصول استراتيجية، عسكرية وسياسية على حد سواء".
وجاء هذا التصريح بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن الاثنين بأن نتنياهو وافق على الأفكار المطروحة للتوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف إطلاق نار في غزة.
من غير الواضح ما إذا كانت سيطرة إسرائيل على هذين المحورين مدرجة في المقترح الذي تدعمه الولايات المتحدة، الذي دعا بلينكن حماس إلى قبوله لكسر جمود مفاوضات وقف إطلاق النار.
ورفضت حماس هذه المطالب التي تم الإعلان عنها في الأسابيع الأخيرة فقط، ولم تظهر في المسودات السابقة لمقترح وقف إطلاق النار.
إذ ترى حماس أن أي وجود إسرائيلي دائم في غزة سيكون بمثابة احتلال عسكري.
وتعارض مصر، التي لعبت دور الوسيط الرئيسي في المفاوضات التي استمرت عدة أشهر، بقوة أيضا الوجود الإسرائيلي على الجانب الآخر من حدودها مع غزة.
وجرت مفاوضات بين إسرائيل وحركة "حماس" في 15 و16 أغسطس الجاري في العاصمة القطرية الدوحة، بهدف تبادل الأسرى والتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأعلن لاحقا أن الطرفين سيواصلان مفاوضات وقف إطلاق النار الأسبوع المقبل في العاصمة المصرية القاهرة.
والأحد، أكد نتنياهو إصراره على إبقاء سيطرة قواته على محور فيلادلفيا، واتهمه زعيم المعارضة يائير لابيد، بالمماطلة وتخريب المفاوضات.
بينما نقل إعلام مصري مساء الاثنين، عن مصدر رفيع المستوى (لم يذكر اسمه) تمسك القاهرة بانسحاب إسرائيلي "كامل" من محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح جنوب قطاع غزة اللذين احتلتهما إسرائيل في مايو الماضي.
ومحور صلاح الدين (ممر فيلادلفيا) عبارة عن شريط ضيق، يبلغ عرض بعض أجزائه حوالي 100 متر، ويبلغ طوله 14 كيلومترا. ويشمل معبر رفح، الذي كان حتى شهر مايو الماضي منفذ غزة الوحيد إلى العالم الخارجي، غير الخاضع لسيطرة إسرائيل.
وتقول إسرائيل إن حماس استخدمت شبكة واسعة من الأنفاق تحت الحدود لإدخال الأسلحة، ما سمح لها ببناء الآلة العسكرية التي مكنتها من شن هجوم 7 أكتوبر، الذي أدى إلى اندلاع الحرب.
ويقول الجيش إنه عثر على عشرات الأنفاق ودمرها منذ سيطرته على المحور في مايو.
وترفض مصر هذه الاتهامات، قائلة إنها دمرت مئات الأنفاق على جانبها من الحدود قبل سنوات، وأنشأت منطقة عسكرية عازلة خاصة بها لمنع التهريب.
أما المحور الأوسط (ممر نتساريم) فيبلغ طوله حوالي 6 كيلومترات من الحدود الإسرائيلية إلى الساحل جنوب مدينة غزة مباشرة، وبذلك يفصل أكبر منطقة حضرية في القطاع وباقي الشمال عن جنوبه.
طالبت حماس بالسماح لمئات الآلاف من الفلسطينيين الفارين من الشمال بالعودة إلى ديارهم. ووافقت إسرائيل على عودتهم، لكنها تريد تفتيشهم بحثا عن أسلحة.
وتتطلب سيطرة إسرائيل على أي من المحورين إغلاق الطرق والأسوار وأبراج الحراسة وغيرها من المنشآت العسكرية.
وتعتبر نقاط التفتيش من أبرز مظاهر الحكم العسكري الإسرائيلي بالضفة الغربية، وفي قطاع غزة قبل انسحاب إسرائيل منه عام 2005.
وتقول إسرائيل إن نقاط التفتيش هذه ضرورية للأمن، لكن الفلسطينيين يعتبرونها انتهاكا مهينا لحياتهم اليومية.
كما ينظر إليها العديد من الفلسطينيين على أنها مقدمة لاحتلال عسكري دائم وعودة المستوطنات اليهودية، وهو ما دعا إليه علنا شركاء نتنياهو اليمينيون المتطرفون في الائتلاف.
وتطالب حماس بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع كله، وتتهم نتنياهو بوضع شروط جديدة من أجل إفساد المفاوضات.
أما مصر فتقول إن العمليات الإسرائيلية على طول الحدود تنتهك معاهدة سلام عام 1979 بين البلدين، ورفضت فتح جانبها من معبر رفح حتى تعيد إسرائيل جانب غزة إلى السيطرة الفلسطينية.
من شأن الفشل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار أن يطيل أمد الحرب التي أدى فيها الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل أكثر من 40 ألف فلسطيني، وفق مسؤولي الصحة في غزة، ونزوح الغالبية العظمى من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتدمير جزء كبير من القطاع الساحلي.
ولا يزال المقاتلون الفلسطينيون يحتجزون حوالي 110 رهائن منذ هجوم 7 أكتوبر الذي اندلعت بعده الحرب، والذي قتل فيه حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، ولم تنقذ إسرائيل سوى سبعة رهائن خلال عمليات عسكرية.
ولقي نحو ثلث الرهائن الباقون البالغ عددهم 110 حتفهم، وفق السلطات الإسرائيلية.
ويعتبر اتفاق وقف إطلاق النار أفضل فرصة لتجنب – أو على الأقل تأجيل – أي هجوم من إيران أو حزب الله على إسرائيل، ردا على عملية القتل الاستهدافية الشهر الماضي لقائد عسكري بارز في حزب الله في بيروت، وزعيم حماس في طهران.
وتوعدت إسرائيل بالرد على أي هجوم، وأسرعت الولايات المتحدة بإرسال أصولها العسكرية إلى المنطقة، ما يؤجج احتمالات نشوب حرب أوسع نطاقا وأشد تدميرا.