تمرير قوانين خلافية يكسر الجمود التشريعي المزمن للبرلمان العراقي

بغداد- تمكّن مجلس النواب العراقي من كسر حالة الجمود التشريعي المزمن الذي لازمه طوال ما مضى من فترته النيابية، وذلك بالتصويت على مشاريع تعديل قانون الأحوال الشخصية والعفو العام وإعادة العقارات إلى أصحابها، والتي ظلّت لفترة طويلة موضع خلافات حادّة بين القوى الممثلة تحت قبّة البرلمان والتي حاول كلّ منها الدفع بأحد تلك القوات وفقا لتوجهاته ومصالحه.
وجاء التصويت على تلك القوانين على طريقة السلّة الواحدة والتي تعني تمريرها دفعة واحدة لاسترضاء الجميع، الأمر الذي يشير إلى أنّ عامل المحاصصة والمساومة هو من برز مجدّدا كحل وحيد للمشاكل السياسية والقانونية والتشريعية المستعصية في البلاد على الرغم من مساوئه الكثيرة ونتائجه العكسية في أغلب الأحيان.
ووقفت وراء تعديل قانون الأحوال الشخصية ودافعت عنه قوى وأحزاب شيعية رغبت في فرض الطابع الديني وحتى الطائفي على القوانين المنظمة للزواج والطلاق وأوضاع النساء وحضانة الأطفال وغيرها، بينما دافعت قوى سنّية عن تمرير تعديل قانون العفو العام على أساس أنّه يساعد شرائح من مكوّنها السني على مغادرة السجون والإفلات من التتبعات والعقوبات التي تلاحقها بناء على ما تقول تلك القوى إنّه مجرّد تهم كيدية وشبهات غير مؤسسة بممارسة الإرهاب ودعمه.
◄ اعتماد أسلوب السلة الواحدة في تمرير القوانين مظهر على دور المحاصصة والمساومات في حل المشاكل وفض الخلافات
أما المكوّن الكردي فيُعتبر في مقدمة المستفيدين (وليس الوحيد) من قانون إعادة العقارات إلى أصحابها على أساس أن الكثير من ممتلكات أبنائه انتزعت منهم في فترات سابقة خضع خلالها هذا المكوّن لأنواع متعددة من الضغوط والتضييقات على يد النظام العراقي السابق.
وكان البرلمان العراقي فشل من قبل، وفي أكثر من جلسة، بتمرير مشاريع القوانين الثلاثة، حيث كان في كلّ مرّة يقوم فريق ما بعرقلة التصويت بالتغيب عن الجلسات أو الانسحاب منها لكسر النصاب القانوني.
واعتُبر تمرير تلك القوانين “إنجازا” للمجلس وخصوصا لرئيسه محمود المشهداني الذي كان وصوله إلى المنصب بحدّ ذاته موضع خلافات كبيرة حيث تطلب قرابة السنة بعد إزاحة الرئيس السابق للمجلس محمد الحلبوسي.
غير أنّ تداعيات تمريرها لم تتأخر حيث بدأت الاحتجاجات على أسلوب “السلّة الواحدة” الذي اعتبره عدد من النواب مخالفا للقانون، معلنين الشروع في جمع التواقيع لإقالة المشهداني من رئاسة البرلمان.
وانصبّ جزء كبير من الغضب على تمرير قانون العفو العام مع رواج أنباء عن شمول العفو لكبار سرّاق المال العام وفي مقدمتهم المتهم الرئيسي في ما يعرف بسرقة القرن نور زهير المدان باختلاس مليارين ونصف المليار دولار من أموال الأمانات الضريبية.