تمرير قرار مجلس الأمن معاقبة أميركية اسمية لإسرائيل

نيويورك – تضمّن عدم لجوء الولايات المتحدة إلى استخدام الفيتو لمنع قرار ملزم بوقف إطلاق النار في غزة تأكيدا واضحا على أن واشنطن أرادت معاقبة أميركية اسمية لإسرائيل على رفضها التجاوب مع طلب واشنطن قبول صيغة لوقف إطلاق النار كان قد قدمها وزير الخارجية الأميركي إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال الزيارة التي قام بها إلى إسرائيل الجمعة.
واكتفت الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت على قرار لمجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة ما سمح بتمريره. لكن مراقبين يقولون إن الموقف الأميركي يعاقب نتنياهو وحكومته ولا يؤثر على إسرائيل، خاصة أنه لا توجد طريقة تفرض عليها الالتزام بالقرار طالما لم يكن وفق البند السابع الملزم.
ولا يُتوقع أن يفضي القرار إلى أي نتيجة إذا لم تقبل إسرائيل وقف عملياتها، وهو أمر متوقع، لكنه يضغط على نتنياهو ويجعله في وضع يحتاج فيه إلى تصعيد يمس البعض من كبار قادة حماس في غزة ويمنحه نصرا معنويا بعد أن استكمل تقريبا تدمير القطاع.
وزاد نتنياهو حدة التوتر بينه وبين الإدارة الأميركية إثر صدور قرار مجلس الأمن بأن ألغى زيارة كان من المزمع أن يقوم بها وفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى واشنطن. وقال البيت الأبيض إنه محبط للغاية من إلغاء رئيس الوزراء الإسرائيلي الزيارة.
الموقف الأميركي يعاقب نتنياهو وحكومته، وقرار المجلس لا يؤثر على إسرائيل طالما لم يكن وفق البند السابع الملزم
وقال جون كيربي المتحدث باسم البيت الأبيض لصحافيين “إنه أمر محبط. نحن محبطون للغاية من عدم قدومهم (أعضاء الوفد الإسرائيلي) إلى واشنطن للسماح لنا بإجراء محادثة مثمرة معهم بشأن البدائل الفعّالة عن تنفيذهم عملية برية في رفح”.
وذكر كيربي أن مسؤولين أميركيين كبارا سيعقدون على الرغم من ذلك محادثات منفصلة مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الموجود حاليا في واشنطن بخصوص الرهائن والمساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في رفح.
وشدد على أنه لم يطرأ تغير على السياسة الأميركية على الرغم من قرار الامتناع عن التصويت في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وأضاف أن المسؤولين الأميركيين سيواصلون طرح مخاوف واشنطن إزاء السياسات الإسرائيلية في غزة، وذلك في إطار محادثات جارية بين الحكومتين.
وتابع “لم يتغير شيء بالنسبة إلى وجهة نظرنا، المتمثلة في أن أي هجوم بري كبير على رفح سيكون خطأ فادحا”. وقال غالانت “إن إسرائيل لا يمكنها وقف حربها على حماس بينما لا يزال هناك رهائن في غزة”.
وأضاف “سنحارب حماس في كل مكان، بما في ذلك الأماكن التي لم نصل إليها بعد، وسنحدد بديلا عن حماس، حتى يتمكن الجيش الإسرائيلي من إكمال مهمته. ليس لدينا حق أخلاقي في وقف الحرب ومازال هناك رهائن محتجزون في غزة”.
من جهته أكد وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس الاثنين أن تل أبيب لن توقف إطلاق النار في قطاع غزة وستواصل القتال حتى إعادة جميع المحتجزين وتدمير حركة حماس.
جاء ذلك بعد تصويت مجلس الأمن الدولي على قرار يقضي بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وامتناع واشنطن عن استخدام حق النقض (الفيتو).
وقال كاتس، في منشور مقتضب نشره على حسابه بمنصة إكس، “لن توقف دولة إسرائيل إطلاق النار، سندمر حماس وسنواصل القتال حتى يعود المختطَفون إلى الوطن”.
وطالب مجلس الأمن الدولي الاثنين بوقف فوري لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
وامتنعت الولايات المتحدة عن التصويت، فيما صوت الأعضاء الأربعة عشر الآخرون لصالح القرار، الذي اقترحه الأعضاء العشرة المنتخبون بالمجلس.
وعارضت واشنطن وقف إطلاق النار منذ بداية الحرب المستمرة منذ ستة أشهر تقريبا في قطاع غزة واستخدمت حق النقض لحماية حليفتها إسرائيل.
من غير المتوقع أن يفضي قرار مجلس الأمن الدولي إلى أي نتيجة إذا لم تقبل إسرائيل وقف عملياتها
لكن وسط تزايد الضغوط الدولية لفرض هدنة في الحرب التي أسفرت عن مقتل أكثر من 32 ألف فلسطيني، امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت الاثنين للسماح لمجلس الأمن بالمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان الذي ينتهي بعد أسبوعين.
وتقول إسرائيل إن حماس احتجزت 253 رهينة خلال هجوم السابع من أكتوبر الماضي.
وقالت ليندا توماس غرينفيلد، السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، “دعم الولايات المتحدة لهذه الأهداف ليس كلاما فحسب؛ نعمل على مدار الساعة لتحقيقها على الأرض من خلال الدبلوماسية لأننا نعلم أنه من خلال الدبلوماسية فقط سنتمكن من المضي قدما في هذه الأجندة”. وأضافت “يمكن بدء وقف إطلاق النار فورا بالإفراج عن الرهينة الأولى، لذا لا بد أن نمارس ضغوطا على حماس لفعل ذلك”.
وذكرت توماس غرينفيلد أن واشنطن امتنعت عن التصويت لأنها لم تتفق مع كل ما ورد في القرار وأن النص لم يتضمن التنديد بحماس.
وشدد قرار مجلس الأمن أيضا “على الحاجة الملحة إلى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيين في كامل قطاع غزة، ويكرر مطالبته برفع جميع القيود التي تقف أمام تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع”.
واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد ثلاثة مشروعات لقرارات بشأن الحرب في غزة. وامتنعت أيضا مرتين عن التصويت لتسمح للمجلس بتبني القرارات التي تهدف إلى تعزيز المساعدات المقدمة إلى غزة وتدعو إلى هدن ممتدة في القتال.