تمديد عطلة الأمومة في الجزائر قرار يعزز حماية الأطفال الرضع

الجزائر - لطالما طالبت الجمعيات النسوية في الجزائر بتمديد عطلة الأمومة من أجل تعزيز حماية الأطفال الرضع والأمهات العاملات اللواتي أنجبن حديثا، والموظفات في كل القطاعات المهنية العامة والخاصة.
وتعد جمعية حورية للمرأة الجزائرية من أبرز الجمعيات النسوية في البلاد، والتي كانت طالبت رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون في الرابع عشر من يناير الماضي بـ”توسيع قرار تمديد عطلة الأمومة ليشمل كلّ النساء من دون شروط، ما يضمن تحقيق العدالة الاجتماعية ويخدم المصلحة العامة للأسرة الجزائرية”.
وقد استجاب الرئيس الجزائري لمطالب الجمعيات النسوية ليتم توسيع استفادة كل الأمهات من عطلة الأمومة إلى خمسة أشهر بدلا من ثلاثة أشهر ونصف، يتولى تغطيتها الضمان الاجتماعي.
ولدى عرضه مشروع قانون يعدل ويتمم القانون المتعلق بالتأمينات الاجتماعية المتضمن تمديد عطلة الأمومة، أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي فيصل بن طالب أن هذا التعديل يندرج في إطار “تجسيد التزامات رئيس الجمهورية عبدالمجيد تبون الرامية إلى تعزيز مكانة المرأة العاملة، لاسيما من خلال مساعدتها في تحقيق التوازن بين حياتها المهنية ومسؤولياتها الأسرية، بشكل يصون كرامتها ويضمن لها الطمأنينة.”
وأشار الوزير إلى أن مشروع هذا القانون يحمل في طياته بعدا إنسانيا واجتماعيا، حيث يتضمن أحكاما لفائدة الأم العاملة التي تضع مولودا مصابا بإعاقة أو تشوه خلقي أو مصابا بمرض خطير يستدعي المرافقة أو التدخل الطبي.
القانون يتضمن أحكاما لفائدة الأم العاملة التي تضع مولودا مصابا بإعاقة أو تشوه خلقي أو مصابا بمرض خطير يستدعي المرافقة
وبعد أن ذكر بأن الدساتير المتعاقبة في الجزائر كرست حقوق العمال في الحماية الاجتماعية، أوضح بن طالب أن الضمان الاجتماعي يقدم خلال فترة عطلة الأمومة “تعويضا كاملا للأجر بنسبة 100 في المئة، متجاوزا بذلك، العديد من الدول التي تقدم تعويضا جزئيا أو لا تقدم أي تعويض مالي عن هذه العطلة.”
كما يتكفل الضمان الاجتماعي، وفق الوزير، بتعويض مصاريف العلاج وتكاليف الأدوية قبل وبعد الولادة، إضافة إلى منح المرأة العاملة “تسهيلات إضافية على غرار ساعات الرضاعة مدفوعة الأجر”.
من جهة أخرى، كشف بن طالب أن نفقات التعويض اليومي المرتبطة بعطلة الأمومة شهدت “ارتفاعا من 94 ألف مستفيدة سنة 2013، بإجمالي نفقات بلغ 9.8 مليار دينار جزائري إلى 131 ألف مستفيدة سنة 2024، بإجمالي نفقات بلغت 26.5 مليار دينار جزائري”، لافتا إلى أنه “تم إبرام اتفاقيات مع العيادات المتخصصة في التوليد للتكفل بالولادات في إطار نظام الدفع من قبل الغير، كما تم توفير منصة إلكترونية تسمح بتسيير عطلة الأمومة والعلاقات التعاقدية مع العيادات.”
بدورها ثمنت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني بمجلس الأمة (البرلمان) الإجراءات الجديدة المتعلقة بمشروع القانون المتضمن تمديد عطلة الأمومة، الذي يعد لبنة جديدة في إطار تحسين الخدمات الاجتماعية المقدمة للأجراء عامة والنساء العاملات بصفة خاصة.
وفي الثلاثين من يناير الماضي، كان وزير العمل الجزائري فيصل بن طالب قد قدّم، أمام لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية للبرلمان، مسوّدة تعديلات لقانون التأمينات الاجتماعية في شقّه المتعلق بعطلة الأمومة، من ضمن ما وصفه بأنّه مسعى إلى مرافقة المرأة ودعمها في التوفيق ما بين متطلبات الحياة المهنيّة والأسريّة، وضمان حقوق المرأة، خصوصا في مجال الحماية الاجتماعية و حماية الأمومة، بالإضافة إلى تسهيل إجراءات التصريح بعطلة الأمومة والاستفادة من التعويضات.
بدورها، أوضحت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة صورية مولوج أن هذا القرار يسمح بتمديد هذه العطلة لمدة ثانية وبدون انقطاع في حدود 24 أسبوعا إضافيا في حال استمرار أو تفاقم المضاعفات الصحية المرتبطة بالإعاقة الذهنية أو الخلقية أو المرض الخطير للمولود الذي يستدعي مرافقة مستمرة من الأم.

وأضافت أن القرار يدخل في إطار دعم الرئيس تبون للسياسة الاجتماعية التي تبعث على الأمل والاستمرار في تعزيز حقوق المواطنات والمواطنين ويسمح بالتكفل المبكر للإعاقة لدى الأطفال ويضمن لهم الرعاية الصحية والمرافقة اللازمة للعلاج.
وأكدت الوزيرة أن هذا القرار يعزز المكانة الاجتماعية ويثمن الدور المرموق الذي تحظى به المرأة الجزائرية في الأسرة والمجتمع بشكل خاص. كما يعد مكسبا آخر يضاف إلى جملة المكاسب التي أقرتها الدولة الجزائرية لصالح المرأة في السنوات الأخيرة.
أما أخصائية أمراض النساء والتوليد سامية حناشي فاعتبرت تمديد عطلة الأمومة مكسبا هاما للمرأة العاملة وللأسرة ككل، مضيفة أن “مدة 90 يوما لم تكن كافية خصوصا بالنسبة لبعض الحالات التي تعاني فيها الأم من مضاعفات ما بعد الولادة، سواء كانت طبية أو نفسية، على غرار حالات الولادة القيصرية والصعبة، أو معاناة المولود بدوره من مضاعفات خطيرة على صحته.”
وأبرزت “أهمية الرضاعة الطبيعية بالنسبة للرضيع وأمه والتي تقل أو تتوقف بمجرد عودة المرأة إلى العمل”، مثمنة اهتمام السلطات العليا بهذا الجانب من خلال تمكين الأم من المكوث لفترة أطول مع مولودها.
وكانت مصادقة اجتماع مجلس الوزراء على مشروع القانون المتعلق بالتأمينات الاجتماعية في شقه الخاص بتمديد فترة عطلة الأمومة، قد لقيت تثمينا وترحيبا كبيرين، لكونه يعكس الاهتمام الذي توليه الدولة الجزائرية للمرأة والطفل.