تمثيل محدود في المجالس المنتخبة لا يعبر عن واقع المرأة التونسية

ضعف تمثيلية النساء في تونس لا يقتصر على ضعف الحضور في مجلس النواب بل يشمل كذلك المجالس المحلية.
السبت 2024/03/09
تمثيلية محدودة لا تعكس إرادة المرأة التونسية

تونس - كشفت الانتخابات التشريعية الأخيرة ولاحقا انتخابات المجالس المحلية مشاركة محدودة للمرأة في عمليات الترشيح والصعود إلى المجالس المنتخبة، ويعزى هذا بالأساس إلى قانون الانتخاب على الأفراد الذي يخدم الرجال بدرجة أولى.

ولا تعبّر تمثيلية المرأة في المجالس المنتخبة عن المكاسب الاجتماعية للمرأة التونسية ونسب نجاحها في مستويات التعليم المختلفة وفي مجال الأعمال، في وقت تطالب فيه ناشطات في المجتمع المدني بالعودة إلى اعتماد التناصف كشرط لضمان مشاركة المرأة أو تحديد كوتا واضحة لتأكيد التمييز الإيجابي للنساء وفرض حضورهن في المؤسسات المنتخبة.

وقالت إيمان بن عاشور، ممثلة للمؤسسة الدولية للنظم الانتخابية في تونس، إن ضعف تمثيلية النساء في تونس لا يقتصر على ضعف الحضور في مجلس النواب بل يشمل كذلك الحضور في المجالس المحلية، مشيرة إلى أن التمثيل الحالي للنساء لا يفي بالغرض ولا يمكن مقارنته بما وصفته بالحضور المهيمن للرجال في هذه المجالس.

نجاة العرعاري: القانون الانتخابي على الأفراد لا يخدم مصالح النساء
نجاة العرعاري: القانون الانتخابي على الأفراد لا يخدم مصالح النساء

وجاءت مداخلة بن عاشور خلال ندوة بتونس العاصمة شاركت في أشغالها ناشطات من جمعيات الدفاع عن الأشخاص ذوي الإعاقة، اقترحن ضمنها تنقيح القانون الانتخابي لمنح حصة لتمثيل النساء في تركيبة المجالس المنتخبة.

وأقرت بن عاشور بأن التناصف، الذي نص عليه دستور 2014، لم يكن من الممكن أن يستمر مع نظام الانتخاب على الأفراد، مبرزة أن المؤسسة الدولية للنظم الانتخابية خلصت إثر جملة من المشاورات مع خبراء في الفقه الدستوري إلى ضرورة الاستناد على مبدأ التمييز الإيجابي لفائدة النساء بتخصيص حصة قارة (كوتا) تضمن حضورهن بالمجالس المنتخبة.

وتعتمد الكثير من الدول على الكوتا لإظهار حرصها على تطوير واقع المرأة. كما أن فكرة التناصف فرضت على الأحزاب تشريك النساء على نطاق واسع، في وقت يعتقد فيه مراقبون أن تونس ستجد صيغة جديدة لتجاوز الثغرات في قانون الانتخاب على الأفراد حتى توائم بين الديمقراطية المباشرة التي تكون معبرة عن الناس، وبين ضمان مشاركة المرأة بما يتماشى مع دورها الاجتماعي والاقتصادي.

وأفادت نجاة العرعاري، الناشطة الحقوقية والباحثة في علم الاجتماع أن "القانون الانتخابي على الأفراد لا يخدم مصالح النساء خاصة في المناطق الداخلية وفي مجتمع لا يزال يعتقد أن النشاط السياسي حكر على الرجال خصوصا في مناصب أخذ القرار".

وأكدت العرعاري لـ"العرب" أن "عدم استقلالية المرأة اقتصاديا وماديا يحول دون تفكيرها في ممارسة النشاط السياسي، وعلى الدولة أن تسعى لتحقيق مبدأ المساواة والتناصف وأخذ التدابير اللازمة لنفاذ النساء إلى أماكن القرار".

وقالت "لاحظنا اليوم مجالس محلية وجهوية منتخبة فيها صفر مشاركة للنساء مقارنة بالسابق، كما أن البرلمان الحالي فيه نسبة

◙ تونس ستجد صيغة جديدة لتجاوز الثغرات في قانون الانتخاب على الأفراد لضمان مشاركة المرأة بما يتماشى مع دورها الاجتماعي والاقتصادي

11 في المئة فقط من حضور النساء، وهذا ما يبين التوجه السياسي الذي لا يخدم مصالح المرأة ويقصيها من إبداء رأيها في الشأن العام، ولا يسمح لها أن تلعب دورا فعالا في المجتمع”.

وأسفرت نتائج الانتخابات التشريعية في دورتيها الأولى والثانية عن صعود 25 امرأة و129 رجلاً إلى مجلس النواب في تونس، وبذلك تصبح نسبة النساء في البرلمان 16 في المئة، وهي النسبة الأضعف منذ انتخابات 2011.

وتعتبر تونس أول بلد عربي أقرّ قانونا للأحوال الشخصية بعد استقلاله عام 1956، ورفع فيه الكثير من الحيف الذي مورس بحقّ المرأة، وأقر لها بحقوقها السياسية والقانونية ومنع تعدد الزوجات ونظّم مسألة الطلاق.

وحققت المرأة التونسية على مدار العقود الماضية مكاسب كثيرة على مستوى التشريعات والقوانين وأيضا على مستوى التعليم، حيث تفوّقت على الرجل في عدة مجالات. في المقابل لا يزال ضعف مشاركتها في المشهد السياسي يثير الكثير من التساؤلات، خصوصا في رئاسة القوائم المرشحة للانتخابات وعملية صنع القرار.

وإثر ثورة يناير 2011 ازداد لدى النساء منسوب أمل المشاركة في هياكل المجتمع المدني والحياة السياسية عبر الانخراط في الأحزاب أو في الانتخابات (المجلس الوطني التأسيسي في 2011، والانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2014). وأقرت أطراف حقوقية بضعف مكانة المرأة السياسية في تونس بعد 2011 وكذلك إثر المسار الانتقالي الذي أقره الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021.

1