تمثيل اليمين المتطرف في الكونغرس ينهي الاستثناء الأميركي

يعطي صعود إحدى المجموعات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة ودخول أحد مرشحيها إلى الكونغرس لأول مرة في تاريخ البلاد نهاية للاستثناء الأميركي، والذي كان بعيدا لسنوات عن هذا الفلك، قياسا بما حصل في أوروبا خلال السنوات الأخيرة، وذلك بفضل مواقف دونالد ترامب من العديد من القضايا، التي تقسم الأميركيين.
واشنطن – اعتبر مراقبون للانتخابات الأميركية أن دخول أول عضو ينتمي لإحدى المجموعات ذات الأيديولوجيا اليمينية المتطرفة إلى الكونغرس سيحدث تغيرات ليس على المدى القصير، بل قد تكون مقدمة لدخول أعضاء آخرين إذا ما وجدوا البيئة مناسبة لتحقيق طموحاتهم.
ويعني فوز المرشحة الجمهورية عن ولاية جورجيا مارغوري تايلور غرين، وهي من المروجين لمجموعة كيو-إينون اليمينية المتطرفة المثيرة للجدل بمقعد في مجلس النواب أن الحركة سيكون لها قريبا صوت في الكونغرس، الأمر الذي سيجعل الباحثين يركزون مع مرور الوقت على كيفية صعودها وهل بإمكانها التأثير في المشهد السياسي.
ولا تبدو جماعة كيو-إينون أكثر شهرة من جماعات ثري بيرسنترز وأوث كيبرز وبراود بويز وبوغالوس بوا وباتريوت براير، ولكنها تتشارك في نقاط معينة منها الدفاع عن حق امتلاك السلاح والعداء للحكومة والسلطة والأفكار اليسارية.
وبينما تؤمن مجموعة كيو-إينون بنظرية المؤامرة، فإن بعض الجماعات الأخرى مؤيدة للأفكار الداعية بتفوق العرق الأبيض ولديها ارتباطات بحركات للنازيين الجدد، وتعتبر أن قوات الأمن عملاء حكومة استبدادية، فيما تحضّر أخرى لثورة وطنية أو حرب عرقية.
ورغم أن الرئيس دونالد ترامب تنصل مرارا من انتقاد هذه الجماعات، وهو ما يحسب عليه حسب خصومه السياسيين، فإن ملف مكافحتها يبقى متصلا أيضا بصعوبة قيام السلطات الأميركية بمحاكمة المتطرفين اليمينيين بسبب المبدأ الدستوري لحرية التعبير الذي يحمي حتّى أكثر الآراء تطرفا.
وتشير الإحصائيات إلى أن تايلور غرين، التي لم تترشح من قبل لمنصب سياسي، حققت تقدما كبيرا ومن المتوقع أن تفوز في السباق لتمثيل المنطقة رقم 14 في مجلس النواب، بعد قرابة الشهرين على إعلان ترامب أنها “نجم مستقبلي جمهوري”.
لكن ترويجها لحركة كيو-إينون التي تعتبر أن ترامب يشن حربا سرية ضد طائفة ليبرالية دولية من عبدة الشيطان ومستغلي الأطفال جنسيا، أثار استفهامات.
وكتبت غرين البالغة من العمر 46 عاما في تغريدة على حسابها في توتير تقول إنه “فوز كبير الليلة” (الثلاثاء) وذلك بعد تقدمها بفارق كبير على منافسها الديمقراطي في المنطقة المحسوبة على الجمهوريين. وأضافت “شكرا لأهالي منطقة شمال غرب جورجيا لاختيارهم لي للمحاربة من أجلهم في واشنطن دي سي”.
وكان فوزها في الانتخابات التمهيدية في أغسطس الماضي، على جمهوري من التيار التقليدي عكس انتشار التطرف في السياسات الأميركية قبل انتخابات التي خاضها ترامب ضد خصمه الديمقراطي جو بايدن في السباق إلى البيت الأبيض.
وخاضت حملتها تحت شعار “انقذوا أميركا، أوقفوا الاشتراكية” ونشرت مقاطع فيديو تبدو فيها حاملة رشاشا ومحذرة من “إرهابيي أنتيفا” وتعهدت بأن تكون “أقوى حلفاء ترامب في الكونغرس”.
وكثيرا ما هاجمت غرين، بايدن والديمقراطيين، وأفادت تقارير أنها استخدمت لغة نابية بحق رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي وأعلنت أن انتصارات الديمقراطيين ستقوض الديمقراطية الأميركية وتؤدي إلى الاشتراكية كما اعتبرت أن الرجال البيض هم المجموعة الأكثر اضطهادا في الولايات المتحدة.
وتروّج أيضا للرواية الرامية إلى تشويه سمعة الملياردير الديمقراطي المتبرع جورج سوروس، وهو يهودي نجا من المحرقة النازية، بالقول إنه بالحقيقة متآمر “سلّم قومه للنازيين”، ففي عام 2017 قالت إن “كيو وطني” في إشارة إلى المبلّغ السري لكيو-إينون الذي تقول نظرية مؤامرة إنه يعمل من داخل إدارة ترامب لكشف شبكة من مستغلي الأطفال جنسيا وصناع القرار السياسي.
وبرزت حركة كيو-إينون قبل ثلاث سنوات على هامش منصات التواصل الاجتماعي، لكنها ما لبثت أن امتدت إلى التيار التقليدي بفضل المشاركات الواسعة على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام.
وتعتبر هذه الجماعة أن ترامب يخوض حرباً سرية ضد جماعة ليبرالية عالمية مؤلفة من متحرشين بأطفال وعبدة شياطين. وبحسب خبراء، تضم هذه المجموعات الآلاف من المؤيدين في البلاد، وهي تتواصل برسائل مشفرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأجّج ترامب الجدل في أكتوبر الماضي، عندما رفض أن يدين بشكل مباشر المجموعة، وقال في مقابلة متلفزة إنه “لا يعرف شيئا عن كيو-إينون” قبل أن يضيف بعد دقائق بأن المجموعة “تعارض بشدة الاستغلال الجنسي للأطفال”.