تمثيل النساء في حكومة الدبيبة خطوة واعدة للنهوض بحقوق المرأة الليبية

طرابلس – اعتبرت الأوساط الليبية اختيار خمس نساء بين أعضاء حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، خطوة واعدة تحتاج إلى البناء عليها من أجل ضمان النهوض بحقوق المرأة في بلد أنهكته الحرب.
وقالت لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة إنها “خطوة كبيرة للنهوض بحقوق المرأة”، فيما اعتبر السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نولاند أنها “لحظة تاريخية للمرأة الليبية”.
ويواجه رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة الذي أدى ووزراء حكومته اليمين الدستورية أمام البرلمان الاثنين الماضي، مهام صعبة تتمثل في إخراج البلاد من عقد من الفوضى وإنهاء الانقسام، وتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات في ديسمبر المقبل.
وتتكون حكومته من نائبين لرئيس الوزراء و26 وزيرا وستة وزراء دولة، وتمثّل فيها النساء نسبة 15 في المئة.
وذهبت حقيبة الخارجية إلى نجلاء المنقوش، وهي المحامية والناشطة من بنغازي. وكانت المنقوش تقلّدت منصبا في المجلس الوطني الانتقالي (السلطة السياسية الرسمية للثورة الليبية عام 2011)، ونالت قبل سنوات شهادة في “إدارة الصراع والسلام” من الولايات المتحدة.
أما مبروكة طوفي عثمان توكي، الأكاديمية من جنوب ليبيا، فحاصلة على شهادة في الفيزياء النووية، وستشرف على وزارة الثقافة.
وعينت المحامية حليمة إبراهيم عبدالرحمن وزيرة للعدل، وهي تتحدّر من مدينة غريان في غرب البلاد. كما نصبت وفاء الكيلاني وزيرة للشؤون الاجتماعية وحورية خليفة ميلود الطرمال وزيرة دولة لشؤون المرأة.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 وبالرغم من مشاركة النساء الليبيات بفاعلية في الثورة التي أطاحت به، لم تنجح الحكومات المتعاقبة في تمكين النساء ومنحهن دورا أكبر في الشأن السياسي.
ورغم الحرية التي حظيت بها النساء في إنشاء الجمعيات الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني التي كانت محظورة قبل الثورة، فإنهن لم يصلن بعد إلى لعب أدوار فاعلة سياسيا وتقلد مناصب حكومية كبرى.
وعقب سنوات من الجمود في بلد منقسم، اختار ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي ضمّ ممثلين عن كل الأطراف (75 عضوا) وانعقد في جنيف برعاية الأمم المتحدة، الدبيبة (61 عاما) رئيسا للوزراء إلى جانب مجلس رئاسي من ثلاثة أعضاء في 5 فبراير.
وضجّت شبكات التواصل الاجتماعي خلال اليومين الأخيرين بالحديث عن النساء المشاركات في حكومة الدبيبة، حيث وصف اختيار النساء في الحكومة بأنه “خطوة كبيرة” و”قفزة للمجتمع”، و”بداية واعدة”، لاسيما أن بعضهن تم تعيينهن في وزارات مهمة.
لكن ردود فعل أخرى عبّرت عن امتعاض، لاسيما بين الناشطات اللواتي ناضلن لسنوات من أجل تمثيل أفضل للمرأة الليبية في السياسة وفي المجتمع.
وعبرت رئيسة جمعية “معها” لحقوق المرأة غالية ساسي عن أسفها إزاء خيارات السلطة التنفيذية الجديدة، مشيرة إلى أنه لا يزال هناك “طريق طويل لنقطعه”.
وقالت “نحن فخورون بتعيين نساء ليبيات في مناصب سيادية في الحكومة الجديدة، لكننا أيضا غير سعداء لفشل رئيس الوزراء في الالتزام بتعهده بمنح 30 في المئة من المناصب للنساء في حكومته”.
والتزم الدبيبة كتابيا وكذلك كل المرشحين لمنصب رئيس الوزراء قبل الانتخاب في جنيف، بأن تضم الحكومة الجديدة نساء بنسبة ثلاثين في المئة، لكن في النهاية جاءت النسبة 15 في المئة. وأكدت غالية ساسي أن هذا لن يمر دون اتخاذ “خطوات جادة”.
وأضافت “سنضغط على الحكومة لتصحيح الوضع، كما سنضغط على السلطات التشريعية لتضمين حقوق المرأة في مسودة الدستور الجديد، وضمان حصولها على المزيد من الحقوق”.
وأسفت ليلى بن خليفة التي أطلقت حملة “بـ30 نبدوها” (نبدأ بثلاثين) بدورها، لتعيين السيدات الخمس في إطار “التوزيع الجهوي” وليس حسب “الاختصاصات”.
وقالت “السيدات اللواتي تم اختيارهن في الحكومة لا يملكن خبرة كافية للدفاع عن حقوق المرأة، لأن اختيارهن تمّ وفق نظام المحاصصة وليس وفق الكفاءة”، وتابعت “لن نقبل بهذا الظلم والتعسف بحق النساء الليبيات، سننقل رفضنا للحكومة”.
وانطلقت حملة “بـ30 نبدوها”، وهي مبادرة تطوعية تقودها العشرات من الليبيات، قبل خمسة أعوام، وهي تطالب بالمساواة في منح المرأة المناصب السياسية، ووضع آليات لتمكينها من الفرص السياسية.
وكانت حكومة الوفاق الوطني السابقة تضمّ وزيرتين فقط (الشؤون الاجتماعية وشؤون المرأة) من ثلاثين حقيبة، فيما كانت الحكومة الموازية في شرق ليبيا تضم امرأة واحدة (وزيرة الشؤون الاجتماعية).
وتشهد ليبيا الغارقة في الفوضى والنزاعات منذ 2011، انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان تستهدف في جزء منها النساء، وتعد واقعة اغتيال المحامية الليبية والناشطة في مجال حقوق الإنسان حنان البرعصي برصاص مسلحين في بنغازي “لأسباب سياسية”، الحالة الأكثر “مأساوية”، وفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش.
وقبل نحو عامين، خطفت جماعة مسلحة في بنغازي النائبة في البرلمان سهام سرقيوة عقب انتقادها الهجوم الذي شنته قوات المشير خليفة حفتر على طرابلس. ولا يزال مصيرها مجهولا، فيما طالبت الأمم المتحدة ومنظمات محلية ودولية مرارا بالكشف عن مصيرها ومحاسبة المتورطين في عملية اختفائها.