تمثال#شيشناق جديد معركة الهوية في الجزائر

تمثال الملك الأمازيغي #شيشناق في تيزي وزو الجزائرية يثير الجدل في الجزائر، ومصريون يردّون بهاشتاغ #شيشناق_مصري.
تيزي وزو (الجزائر) – أثار تمثال للشخصية التاريخية الأمازيغية “الملك شيشناق” بطول 4.4 متر، وسط مدينة تيزي وزو شرقي الجزائر جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
و”شيشنق” أو “شيشناق” من أبرز ملوك الأمازيغ المعروفين في شمال أفريقيا (950 ـ 929 ق.م). ويقول المؤرخون إن “شيشناق” هزم الفرعون المصري، رمسيس الثالث، بعض المغردين يشيرون إلى أنه رمسيس الثاني، وخلق للأمازيغ تاريخا بأرض مصر.
وبمجرد نصب التمثال الذي صممه النحاتان الجزائريان حميد فردي وسمير سالمي على هيئة رجل فرعوني قوي البنية بمناسبة بداية السنة الأمازيغية الجديدة، التي يتم الاحتفال بها في منطقة شمال أفريقيا بين 11 و12 و13 يناير من كل سنة، انفتحت نقاشات حول حكايات ضاربة في أعماق التاريخ.
واعتبر نشطاء أن التكريم الجزائري للملك شيشناق، لكونه أمازيغيا، قدمت أسرته من الجزائر إلى مصر، وهو فخر لكل أمازيغي في الجزائر، ويجب استذكاره في بداية كل عام بالتقويم الأمازيغي.
وهو ما زعمه أيضا مستخدمو مواقع التواصل من تونس، أكدوا أن شيشناق تونسي الأصل، بناء على وثائق تاريخية تؤكد قدوم أسرته من تونس، الطرح الذي انقضّ عليه ليبيون نفوا نسبة أسرة شيشناق إلى غير ليبيا.
والثاني عشر من يناير، هو عطلة رسمية في الجزائر، بقرار أصدره الرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، في 2017. ويوافق 2021 في التقويم الأمازيغي عام 2971.
ونالت فكرة إحياء ذكرى الملك “شيشناق” استحسانا لدى جزائريين، بينما أثار ذلك انتقاد آخرين بين من اعتقد أنه شخصية خيالية ومن اعتبره غريبا عن الدولة، على اعتبار نشأته في ليبيا.
ودخل المغردون المصريون على الخط بتدشين هاشتاغ #شيشناق_مصري:
b3rm@
أعتقد أن العبث بموضوع الهوية أخذ أبعادا خطيرة يجب وقفها والتعامل معه بأكثر جدية وعلمية بعيدا عن التوظيف السياسي والمتاجرة الاسترزاقية والتمييع الكرنفالي… شيشناق مكانه في مصر الفرعونية وليس في تيزي وزو الجزائرية.
وغرد الإعلامي نورالدين ختال، المعروف بانتقاده لترسيم الإرث الأمازيغي، الذي غرد منتقدا إحدى الإذاعات المحلية التي تناولت موضوع شيشناق:
وكالعادة دخل جدل حول الحلال والحرام على خط التمثال، وبينما انتقد بعضهم التمثال معتبرين إياه أنه “صنم لا يجوز في بلاد ذات أغلبية مسلمة”، ردّ آخرون بأن “رؤيتهم للتاريخ وللدين ضيّقة”.
وفي هذا السياق غرد أحدهم قائلا:
وكتب مغرد:
وقال قاض ومحكم دولي ساخرا من الشبه الكبير بين التمثال والإعلامي حفيظ الدراجي:
وغرّد الناشط سفيان مازيو قائلا “لست ضد التمثال بقدر ما أنا ضد شكله، وشكل لباسه المصري.. الناحية الجمالية والذوق الفني غائبان فيه”.
وتداول البعض فتوى قديمة تُحرّم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية أصدرها محمد علي فركوس، أبرز شيوخ السلفية بالجزائر، عام 2006، تقضي بعدم جواز الاحتفال بـ”يناير”.
وقال عدّة فلاحي، مستشار سابق بوزارة الشؤون الدينية، إن “عيد يناير موروث ثقافي يحتفل به الجزائريون كل عام”.
وأضاف أن “رأس السنة الأمازيغية مناسبة للفرح وصلة الأرحام بين العائلات والأصدقاء”. ورأى فلاحي أن تحريم الاحتفال بـ”يناير” يعكس نظرة ضيقة له ولأبعاده من بعض من وصفهم بـ”أشباه الفقهاء”.
وتابع “فتوى تحريم يناير تتكرر كل سنة، ولا تنسجم مع السياق العام للمجتمع، فلا يجب تحريم موروث ثقافي يحتفل به الجزائريون، لخلق الفرحة والسعادة”.
والأحد، نشر الكاتب والدبلوماسي الجزائري السابق، عثمان سعدي، مقالا في جريدة “الشروق” (خاصة)، بعنوان “أكذوبة السنة الأمازيغية”.
شيشناق امتداد لتاريخ الأمازيغ، وسواء كانت حكايته أسطورة أو حقيقة فهو ميراث مهم
وكتب سعدي “يقول غلاة البربريين أن سنتهم الأمازيغية تبدأ من سنة جلوس الفرعون المصري شيشناق على عرش مصر الفرعونية”. وتابع “بدأ البربريون المتعصبون المعادون لعروبة المغرب العربي التمهيد للاحتفال بالسنة الأمازيغية المزعومة يوم 12 يناير 2015”. وأردف “من الغريب أنهم يبنون سنَتهم المزعومة على أخطاء تاريخية مضحكة، يسخّرون الكذب لتمرير مقولاتهم الكاذبة”. واعتبر أن “يناير هو عيدٌ للفلاحة بالمغرب العربي كله، يحتفل به العرب والأمازيغ، وهذا لا ينكره أحد. لكن ربطه بالسنة الخاصة بالأمازيغ وبهزمهم لرمسيس ولجيشه هو الكذبُ بعينه”.
وقال مصطفى فرحات، إعلامي جزائري، عبر فيسبوك، “في معارك الهوية وتأميم التاريخ، يُحوّل بعض دعاة الأمازيغية الأسطورة إلى عقيدة، كما فعل بعض دعاة السلفية”.
واعتبر أستاذ العلوم السياسية، زهير بوعمامة، أن الاحتفال الرّسمي بـ”يناير” غير مدروس بكيفيّة علميّة واستراتيجية منذ البداية.
وعلل عبر فيسبوك، ذلك بأن “فِعلهم (دعاة الأمازيغية) يُحرّك العاطِفة والمهرجانية وتصّورا لا وطنيا ولا علميا”. واستطرد “وبدل أن نفتكّه (عيد يناير) من الذين يُوظّفونه سياسيا نَحلُب في إنائهم ونؤدّي نفس الدّور في نشر الخارطة العِرقيّة”. ويرى الناشط الثقافي الجزائري عزيز حمدي أن هذا الجدل متوقع نظرا لعدم وجود الكثير من الأبحاث التاريخية في أصل شيشناق، كما أن نصب التمثال جاء من دون تقديم توضيحات للرأي العام.
وأوضح الناشط أن شيشناق “امتداد لتاريخ الأمازيغ، وسواء كانت حكايته أسطورة أو حقيقة فهو ميراث مهم”، وضرب الناشط الثقافي المثل بعشرات التماثيل المتواجدة في اليونان وعدة دول، التي تحكي جانبا من التاريخ المتوارث، سواء كان شفهيا أو حقيقيا.