تماثل السبسي للشفاء لا يبدد المخاوف على وضع تونس

المسار الديمقراطي للبلاد يبقى هشا والغموض يكتنف مصير الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة نهاية العام الحالي.
السبت 2019/06/29
الترقب سيد الموقف

الغموض مازال يكتنف المستقبل السياسي لتونس رغم الأنباء التي أكدت الجمعة تماثل الرئيس الباجي قائد السبسي للشفاء بعد تعرضه لوعكة صحية وسط تساؤلات عن مصير الانتخابات الرئاسية والتشريعية المزمع إجراؤها بعد نحو ثلاثة أشهر.

تونس - لا تبدد أنباء تماثل الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي للشفاء المخاوف من وقوع البلاد في مأزق سياسي، لاسيما في ظل تواتر الحديث عن فراغ دستوري وإمكانية تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تستعد تونس لإجرائها الخريف المقبل.

وأكدت الرئاسة التونسية الجمعة أن الوضع الصحي للرئيس (92 عاما) يتحسن بعد نقله للمستشفى إثر تعرضه لوعكة صحية وأنه “لا وجود لفراغ دستوري”، ولكن إذا طالت فترة غيابه، فمن شأن ذلك أن يؤثر على الانتخابات المقررة نهاية العام.

والمحكمة الدستورية هي من يقرر شغور منصب رئيس الجمهورية، ولكن منذ 2011 لم يتمكن البرلمان من انتخاب أعضاء المحكمة التي تعتبر مهامها مفصلية في تسيير عملية الانتقال الديمقراطي في البلاد.

ووفقا لمنظمة “بوصلة” المتخصصة في الشؤون السياسية والبرلمانية في تونس، حلت “الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين” محل المحكمة الدستورية، لكن ليس لها تفويض واضح للبت في حالات مماثلة.

ويقول شفيق صرصار الرئيس الأسبق لهيئة الانتخابات إنه وفي حال قررت الهيئة المؤقتة لمراقبة دستورية القوانين عدم التدخل “من الممكن المرور مباشرة للبرلمان وتعيين رئيس جديد”.

لكن نورالدين بن تيشة المستشار السياسي للرئيس التونسي أكد الجمعة أنه لا وجود “لفراغ دستوري” وأن الحالة الصحية للرئيس “تحسنت” .

وتعرض قائد السبسي (92 عاما) الخميس لـ”وعكة صحية حادة” استوجبت نقله إلى المستشفى، في حين استهدف تفجيران نفّذهما انتحاريان من تنظيم داعش عناصر أمنية في تونس العاصمة ما أسفر عن مقتل رجل أمن وسقوط ثمانية جرحى.

وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان الجمعة “أن الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في تحسن. وقد أجرى صباح الجمعة  مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع الوطني عبدالكريم الزبيدي”.

وأفادت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش في تصريحات صحافية أن قائد السبسي “سيغادر المستشفى قريبا”، دون تقديم توضيحات.

لكن القلق بدأ يزداد لدى التونسيين بخصوص مستقبل البلاد السياسي.

نورالدين الطبوبي: لا مجال لتأجيل الانتخابات، الوضع العام لا يحتمل ذلك
نورالدين الطبوبي: لا مجال لتأجيل الانتخابات، الوضع العام لا يحتمل ذلك

ويقول إبراهيم الشواشي الأربعيني ”آمل أن يعود بصحة جيدة إلى القصر (قرطاج) وسريعا لأن غيابه في هذه الفترة الصعبة سيدفع البلاد نحو الفوضى”.

وتواصل تونس مهد الربيع العربي طريقها في الانتقال الديمقراطي منذ 2011 بالرغم من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الخانقة.

ويبقى المسار الديمقراطي للبلاد هشا مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة نهاية العام الحالي.

وأكد نورالدين الطبوبي الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، أكبر نقابة عمالية بالبلاد، أنه لا مجال لتأجيل الانتخابات في تونس، مشددا على أن الوضع العام لا يحتمل ذلك.

وجاءت تصريحات الطبوبي على هامش إشرافه الجمعة على افتتاح مؤتمر الجامعة العامة (نقابة) للتجهيز والأشغال العامة بمدينة الحمامات شرقي البلاد.

وشدد الطبوبي على أنّ “إجراء الانتخابات في وقتها يعد أقوى رد على الإرهاب وعلى أعداء الديمقراطية حتى تبقى تونس رائدة في مجال الحريات والديمقراطية”.

وقال إن “الاتحاد سيتصدى إلى كل من تخول له نفسه المساس بالمسار الديمقراطي”.

وأضاف “من يريد أن يحكم تونس عليه أن يستمد شرعيته من الشعب لا من وراء البحار وعليه التوحيد بين مختلف مكونات الشعب”. وشدد على أن “مقاومة الإرهاب تتطلب مقاربة تربوية وثقافية وقيما روحية إضافة إلى المقاربة الأمنية والعسكرية”.

وفي سياق ذي صلة، تطرق الطبوبي للوضع الصحي للرئيس الباجي قائد السبسي. وقال الأمين العام للمنظمة الشغيلة “لا مجال الآن للحديث عن شغور في منصب رئيس الجمهورية باعتبار أن الوضع الصحي للباجي قائد السبسي مستقر حاليا”.

واعتبر أن الحديث عن ذلك يعتبر انحطاطا أخلاقيا. وقال إن “البلاد تمر بوضع صعب جدا يتطلب الوحدة الوطنية”.

ووقعت العملية الأولى حين فجّر انتحاري نفسه قرب دورية أمنية في شارع شارل ديغول بوسط العاصمة، ما أدى إلى سقوط خمسة جرحى هم ثلاثة مدنيين وعنصرا أمن توفي أحدهما لاحقا متأثرا بجروحه، كما أعلنت وزارة الداخلية. وبعد وقت قصير استهدف تفجير انتحاري ثان مركزا أمنيا في العاصمة ما أسفر عن إصابة أربعة شرطيين بجروح.

وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سفيان الزعق الجمعة إن “أغلب المصابين حالتهم مستقرة ما عدا حالتين تتطلبان عناية مركزة”.

وأضاف أن “المنظومات الأمنية على أقصى درجات الاستعداد، تم رفع درجة التأهب الأمنية”.

وبحسب ما أفاد مركز سايت الأميركي المتخصّص برصد المواقع الإسلامية المتطرفة نقلا عن “وكالة أعماق” الناطقة بلسان التنظيم الجهادي، تبنّى تنظيم داعش التفجيرين الانتحاريين.

وشيّع المئات من الأشخاص جثمان عنصر الأمن مهدي الزمالي الذي قتل خلال العملية التي وقعت في شارع شارل ديغول الجمعة، إلى مقبرة بمنطقة سيدي حسين السيجومي الشعبية المتاخمة للعاصمة. وقال رجل أمن كان يعمل مع الزمالي “ستنساه سريعا السلطات ولن تمنح العائلة شيئا، حتى راتبه، لقد تشاركنا لنتمكن من دفع مصاريف الدفن”.

وأعادت غالبية المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي المنتشرة على طول شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة فتح أبوابها.

ويقول راشد مملوك الذي يعمل في مكتبة في شارع الحبيب بورقيبة “لا نغلق، ولم نغلق الأبواب حينما فجرت انتحارية نفسها وسط الشارع السنة الماضية، لن نستسلم”.

ويتابع “يريد الإرهابيون إخافتنا لكن نقول لهم لا، نحن نعمل ونتجول، انظروا الناس يمارسون حياتهم”.

ويؤكد سائق حافلة سياح سمير القابسي “نحن ضد الهجمات مئة بالمئة، حدثت في كل الأماكن في فرنسا وفي ألمانيا …هذه الهجمات تستهدف الأمنيين وليس السياح، والسياح يدركون ذلك”.

وأكد وزير السياحة التونسي رونيه الطرابلسي الخميس أن كل المواقع السياحية ستظل مفتوحة، مبينا أن “البلدان الأجنبية تدرك مدى العمل الاستثنائي الذي تقوم به تونس لمكافحة الإرهاب”.

ويرى مراقبون أن  هدف إنقاذ الموسم السياحي صعب المنال والسلطات تنتظر قدوم حوالي ثمانية مليون سائح هذا الصيف بعد تأثر قطاع السياحة لسنوات بسبب تواتر هجمات طالت أمنيين وسياحا في السنوات الأخيرة.

4