تلويح تركي بتعليق اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي مع واشنطن

أردوغان يدعو بايدن للتراجع عن "الخطوة الخاطئة" بشأن الأرمن.
الاثنين 2021/04/26
بايدن يعلم حدود الردود التركية

أنقرة - دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نظيره الأميركي جو بايدن إلى التراجع فورا عن إعلانه بأن مذابح الأرمن إبان الإمبراطورية العثمانية إبادة جماعية، وهي خطوة قال إنها تؤثر على العلاقات الثنائية وتضعفها.

وفي أول تصريحات له منذ بيان البيت الأبيض السبت، قال أردوغان إن "الخطوة الخاطئة" ستعيق العلاقات ونصح الولايات المتحدة "بالنظر في المرآة".

لكن الرئيس التركي أضاف أنه يتوقع "فتح باب جديد" في العلاقات ومناقشة جميع الاتفاقات مع الرئيس بايدن في قمة حلف شمال الأطلسي في يونيو.

ويبدو أن خيارات تركيا للانتقام من الوصف التاريخي من جانب الرئيس الأميركي للقتل الجماعي للأرمن إبان الحقبة العثمانية بالإبادة الجماعية، قد تشمل تعليق اتفاق دفاعي مهم مع الولايات المتحدة حسبما ذكر مسؤول تركي على صلة بالأمر.

ووصف بايدن أحداث عام 1915 بالإبادة الجماعية والكارثة الكبيرة، لكنه لمّح إلى عدم تحميل تركيا مسؤولية الأحداث، وذلك من خلال استخدامه كلمة "عثمانية" في إشارة إلى الإمبراطورية القديمة، وكلمة "القسطنطينية" في حديثه عن مدينة إسطنبول.

وأوضح بايدن في رسالته أنه يعترف بالتاريخ ليس بهدف توجيه أصابع الاتهام لأحد بل للتأكد من عدم تكراره.

وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن تحرك بايدن رغم كونه رمزيا إلى حد كبير، إلا أنه يرسي نهج الإدارة في العلاقات مع الرئيس التركي، الذي من المتوقع أن يقوم بتقييم الخلاف بعد ترؤسه اجتماعا لمجلس الوزراء الاثنين.

ومنذ الرئيس الراحل رونالد ريغان لم يستخدم أي زعيم أميركي هذا المصطلح، خوفا من أن تترتب على ذلك جفوة مع تركيا العضو في حلف شمال الطلسي (الناتو).

وتقبل تركيا حقيقة أن العديد من الأرمن الذين عاشوا في الإمبراطورية العثمانية قُتلوا في اشتباكات مع القوات العثمانية في الحرب العالمية الأولى، لكنها تنفي أن عمليات القتل كانت مدبرة بشكل منهجي وتشكل إبادة جماعية.

وأفادت بلومبرغ بأن مسؤولا رفيعا بإدارة أردوغان على دراية كبيرة بالمداولات التركية بشأن هذا الأمر، ذكر أن أحد التداعيات لتحدي بايدن للحليف تركيا واستخدامه مصطلح الإبادة الجماعية للأرمن، هو قيام تركيا بتجميد اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي، التي جعلت في الإمكان التعاون مع الولايات المتحدة في صراعات إقليمية مثل سوريا والعراق، وذلك منذ التوقيع عليها في عام 1980.

وسيؤدي تعليق هذه الاتفاقية إلى تهدئة حليف سياسي رئيسي وهو دولت بهتشلي زعيم حزب الحركة القومية، وتعزيز الدعم بين صفوف الناخبين القوميين في الداخل، لكن تعميق المواجهة مع الولايات المتحدة سوف ينطوي على مجازفة بتقويض الاقتصاد التركي في وقت يشتد فيه وباء كورونا.

وأوضحت بلومبرغ أن الأزمات الأخيرة مع الولايات المتحدة تسببت في أضرار مالية هائلة بالنسبة لتركيا، وقد تحد هذه المرة من رد أنقرة.

ويرى مراقبون أن أوراق الضغط التركية على الإدارة الأميركية الجديدة محدودة للغاية، وهذا ما ذهبت إليه صحيفة "فزغلياد" الروسية حيث وصفت الصراخ التركي تجاه القرار الأميركي بأنه فارغ ودون أي تأثير يذكر.

ورغم تصاعد الدعوات في تركيا إلى حرمان الولايات المتحدة والجيش الأميركي من قاعدة إنجرليك ذات الأهمية الاستراتيجية، فإنه من الصعب أن تقدم أنقرة على هذه الخطوة في المرحلة الحالية، حيث لا تريد الحكومة التركية أن تقطع كل الخيوط التي تمتلكها مع السلطات الأميركية.

وكانت الولايات المتحدة قامت بطرد تركيا من مشروع إنتاج مقاتلات أف - 35، وهددت بفرض المزيد من العقوبات على أنقرة الحليف التاريخي للغرب في مواجهة موسكو، في حال أصرت الحكومة التركية على المضي قدما في صفقة الصواريخ الروسية الدفاعية أس - 400.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة قادرة على ترويض تركيا في حال أصرت على المضي قدما في سياساتها المستفزة للغرب وللولايات المتحدة، وإذا أصرت كذلك على نهجها في التدخل في شؤون عدد من الدول أو التنكر للديمقراطية.

وتعلم الولايات المتحدة عندما قرر بايدن الاعتراف بالإبادة الجماعية حدود الردود التركية.

ولا يمكن لتركيا أن تتخلى عن خيط العلاقات مع الجانب الأميركي الذي يمثل ورقة كذلك في مواجهة روسيا، وبالتالي فإن الرئيس التركي لن يذهب إلى خطوات حاسمة وقاطعة تؤدي إلى جر العلاقات بين البلدين إلى منزلق خطير لا يمكن بعده العودة.