تلميحات إسرائيل بالبقاء في الجنوب تثير مخاوف لبنان

تل أبيب لا تستعجل الانسحاب مستفيدة من الظرفية الإقليمية.
السبت 2024/12/28
إسرائيل تعمل على إنهاء أي تهديد قد يشكله حزب الله مستقبلا

ترسل إسرائيل بإشارات على أنها ليست مجبرة على التقيد بنص اتفاق وقف إطلاق النار مع حزب الله ولاسيما في علاقة بانسحاب قواتها من جنوب لبنان، مستفيدة في ذلك من الظرفية المحيطة.

بيروت - تثير تلميحات إسرائيل بشأن إمكانية بقاء قواتها في جنوب لبنان بعد انتهاء مهلة الستين يوما التي تضمنها اتفاق لوقف إطلاق النار، قلقا لبنانيا.

ودخل وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران حيز التنفيذ في السابع والعشرين من نوفمبر الماضي، وينص الاتفاق على انتشار الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في منطقة جنوب لبنان، في مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية نحو الخط الأزرق في غضون شهرين وهو ما لم يتحقق ولا تزال تلك القوات تنفذ المزيد من التوغلات في المنطقة.

ونقلت هيئة البث العبرية الرسمية، الجمعة، عن مسؤولين في أجهزة الأمن الإسرائيلية (لم تسمّهم) قولهم إن “الجدول الزمني المحدد لشهرين لانسحاب قوات الجيش من جنوب لبنان ليس موعدًا مقدسًا، وإن تنفيذ الانسحاب يعتمد على التطورات الميدانية.”

جاء ذلك بعد أن كشفت صحيفة “هآرتس”، الخميس، أن الجيش يعتزم البقاء في الجنوب اللبناني حتى بعد مرور شهرين من الاتفاق الذي ينتهي في السابع والعشرين من يناير المقبل، في حال لم يتمكن الجيش اللبناني من الوفاء بالتزاماته في فرض السيطرة الكاملة على المنطقة.

نجيب ميقاتي: لم نبلّغ من أي طرف بأن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب
نجيب ميقاتي: لم نبلّغ من أي طرف بأن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب

وذكر المسؤولون الإسرائيليون أن “الخطط المقدمة للآلية الأميركية، التي تنسق بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني وقوات اليونيفيل، تشمل جداول زمنية تدريجية تعتمد على خطوات الجيش اللبناني،” على حد تعبيرهم.

وتابعوا في تصريحاتهم لهيئة البث “أكدت إسرائيل للولايات المتحدة، التي تقود هذه الآلية، أن الانسحاب لن يتم إلا بعد توافر الظروف المناسبة،” دون مزيد من التفاصيل.

ويرى مراقبون أن التسريبات الإسرائيلية تندرج في سياق جس النبض، لافتين إلى أن تل أبيب ليست مستعجلة في تنفيذ الاتفاق، خصوصا وأن المشهد الحالي يخدمها.

وقالت الهيئة أن “إسرائيل رصدت خلال الأسبوعين الماضيين محاولات من حزب الله لنقل عناصر من سوريا إلى لبنان.”

ولفتت إلى أن ” إسرائيل أكدت للمجتمع الدولي على أنها لن تنسحب من جنوب لبنان، ما لم ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وينتشر الجيش اللبناني على الحدود.”

كما نقلت الهيئة عن مصادر أمنية إسرائيلية (لم تسمّها) قولها إن “الانسحاب الإسرائيلي، في حال تحقق، سيكون تدريجيًا، وبالتنسيق مع الأطراف المعنية لضمان استقرار المنطقة.”

ويواصل الجيش الإسرائيلي إصدار بيانات عن تنفيذ هجمات في جنوب لبنان بداعي انتهاك وقف إطلاق النار من ناحية، ومنع سكان العشرات من القرى في جنوب لبنان من العودة إلى منازلهم من ناحية أخرى.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه أغار الجمعة على “بنى تحتية” عند نقطة جنتا الحدودية بين سوريا ولبنان، قال إنها تستخدم لتمرير أسلحة إلى حزب الله.

الجيش الإسرائيلي يواصل إصدار بيانات عن تنفيذ هجمات في جنوب لبنان بداعي انتهاك وقف إطلاق النار من ناحية، ومنع سكان قرى الجنوب لبنان من العودة من ناحية أخرى

وجاء في بيان للجيش “أغارت طائرات حربية لسلاح الجو في وقت سابق الجمعة على بنى تحتية في معبر جنتا على الحدود السورية – اللبنانية والتي تم استخدامها لنقل وسائل قتالية عبر سوريا إلى حزب الله.”

وفي لبنان ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن ضربات إسرائيلية استهدفت قوسايا في شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا.

ويتوجس اللبنانيون خشية من استمرار وجود إسرائيل في الجنوب تحت ذرائع مختلفة، مستفيدة في ذلك من الظرفية الإقليمية الجديدة لاسيما بعد الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد، ومن حالة الضعف التي يعاني منها حزب الله، والتي يجعله غير مستعد لخوض جولة قتال جديدة على المدى القصير على الأقل.

ونفى رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الجمعة، إبلاغ بلاده من أيّ طرف بأن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب بعد انقضاء مهلة الستين يوما المتفق عليها ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال المكتب الإعلامي لميقاتي في بيان “يتم التداول بمعلومات صحفية مفادها أن لبنان تبلّغ بالواسطة أن إسرائيل لن تنسحب من الجنوب بعد انقضاء مهلة الستين يوماً من الهدنة.”

وشدد البيان أن “هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، والموقف الثابت الذي أبلغه ميقاتي إلى جميع المعنيين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة وفرنسا، وهما راعيتا تفاهم وقف إطلاق النار، ينص على ضرورة الضغط على العدو الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي توغل فيها، ووقف خروقاته وأعماله العدائية.”

يونيفيل حضّت الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان

واعتبر أن “المواقف الإعلامية والمزايدات المجانية في هذا المجال لا تجدي نفعا، فالحكومة لم تقصر في متابعة هذا الملف على كل الصعد السياسية والدبلوماسية والأمنية والاجتماعية منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، وهي وجدت نفسها أمام واقع لا تتحمل مسؤوليته ولكنها، وحرصا منها على المصلحة الوطنية، تقوم بواجبها بكل عزم ومثابرة من دون التوقف عند الاتهامات والمزايدات التي لا طائل منها.”

وأعربت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) في وقت سابق عن قلقها إزاء “الضرر المستمر” الذي تسببه القوات الإسرائيلية في جنوب البلاد.

وحضّت يونيفيل الخميس مجددا “الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701 كمسار شامل نحو السلام.”

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006. وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.

وأكد البيان أن “أيّ أعمال تهدد وقف الأعمال العدائية الهشّ يجب أن تتوقف.”

وجددت قوات اليونيفيل التأكيد على استعدادها لمراقبة المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني لضمان استمرار خلوّها من المسلحين والأسلحة باستثناء تلك التابعة للحكومة اللبنانية وقوات اليونيفيل.

ويمثل وقف إطلاق النار نهاية لأعنف مواجهة بين إسرائيل وحزب الله منذ الحرب التي استمرت ستة أسابيع بينهما في عام 2006.

وأسفرت المواجهة المنقضية عن 4063 قتيلا و16663 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد إسرائيل لعملياتها في 23 سبتمبر الماضي.

2