تلفزيون لبنان يبحث عن ممولين "في كل مكان" للاستمرار

بيروت - تتوالى الإعلانات على شاشة تلفزيون لبنان الرسمي التي تطلب من الراغبين في إعداد وتقديم برامج جديدة في أستوديوهاته وعلى منصّته أن يعملوا على تأمين التمويل قبل البدء بأي خطوة في هذا الاتجاه، ما يعكس الأزمة المالية التي يعانيها التلفزيون الرسمي وصعوبة تأمين التمويل اللازم.
ويسعى القائمون على التلفزيون الرسمي إلى طرق جميع الأبواب في كل مكان، في مهمة تحسين واقعه، إلى جانب تحركات مكثفة لوزير الإعلام بول مرقص في هذا المجال.
ومن المقرر أن يوقع الوزير اتفاقية تعاون مع منظمة اليونيسف، في إطار خطة العمل المشتركة بين الوزارة وتلفزيون لبنان لعام 2025، وتهدف إلى تعزيز دور الإعلام الرسمي وتطوير البنية التحتية والخدمات الإعلامية.
وتتضمن الاتفاقية عددا من المبادرات النوعية، أبرزها تزويد مركز إرسال تلفزيون لبنان في بكفيا بالطاقة الشمسية، وتحديث موقع الوكالة الوطنية للإعلام واستحداث تطبيق خاص بها. وتزويد تلفزيون لبنان بمسلسل لبناني ممول من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى برنامج ترفيهي مخصص للأطفال.
ومن ضمن الاتفاق تنظيم دورات تدريبية وورش عمل للإعلاميين وطلاب كليات الإعلام، بهدف رفع الكفاءة المهنية وتعزيز المهارات الإعلامية.
وتبلغ قيمة الهبة المقدّمة من اليونيسف لإنجاز هذه المشاريع نحو 100 ألف دولار أميركي، وتأتي في إطار دعم المنظمة للأطر الإعلامية الوطنية وتعزيز التوعية المجتمعية والإعلامية حول حماية حقوق الطفل عبر الإعلام العام.
وفي لقاء مع طلاب كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية شدد وزير الإعلام على أنه “في موضوع التعاون مع التلفزيون هناك تكثيف مع الطلاب لأنكم المستقبل ولديكم مساحة في تلفزيون لبنان لأنه تلفزيون كل الناس، والشاشة التي تحترم خصوصية الجميع من دون أي توجيه، إنه للدولة والمواطن معا.”
وأكد أن “التلفزيون قادر على المنافسة وخصوصا أن لديه ميزتين، الأولى أنه لا يشبه غيره لأن لا خلفية معينة لديه ولا توجه سياسيًا معينًا، والثانية أن لديه أرشيفًا لو استثمر جيدا لربح التلفزيون كثيرا.”
الكثير من المشكلات تبرز أمام التلفزيون الرسمي وتضاف إلى أزمة التمويل، ومن أبرزها تعيينات مجلس الإدارة
ويحتاج تلفزيون لبنان إلى دعم فعلي لضمان استمراره كمنبر وطني يعكس هوية لبنان الثقافية والإعلامية. فالتطوير والتمويل والاستثمار في الكفاءات الإعلامية أمور ضرورية ليبقى هذا التلفزيون صوتاً لكل اللبنانيين، ومنافسًا قويًا في المشهد الإعلامي اللبناني الذي تعصف به انقسامات عديدة تغذي الطائفية.
ويُعدّ تلفزيون لبنان القناة الرسمية للدولة اللبنانية، وهو من أقدم المحطات التلفزيونية في العالم العربي، حيث يعود تأسيسه إلى خمسينات القرن الماضي. ورغم إرثه العريق ودوره الإعلامي الأساسي، يعاني من تحديات كبيرة تتطلب دعما حكوميا وقطاعيا للحفاظ عليه وتطويره.
وأشار مرقص، خلال جولة في تلفزيون لبنان في مارس الماضي، إلى أن “التلفزيون أولوية لي وللناس التي تهمها الصورة الجامعة بعيدا عن الاصطفافات والشحن،” لافتا إلى أن “الناس تريد السلام والوئام ومعرفة الخبر الصادق، كما تريد أن ترى مظهر الدولة عبر شاشتها، وتلفزيون لبنان يمثل وصول الدولة إلى المواطنين ورجوع المواطنين إلى الدولة.”
وتبرز الكثير من المشكلات أمام التلفزيون الرسمي وتضاف إلى أزمة التمويل، ومن أبرزها تعيينات مجلس الإدارة التي لم تبصر النور، رغم إقرار الآلية، والبدء بالاختبارات التي تُشرف عليها وزارتا التنمية الإدارية والإعلام. ويسود التخبّط في هذا الملف، من دون اتضاح الأفق، بعد أن مرّ مرشحون في العهود السابقة بسلسلة محطات من الاختبارات، ووصل بعضهم إلى عمر التقاعد 64 سنة، من دون البت في هذا الملف.
ولا توحي المعطيات بالجدّية حاليا، بل يطغى الغموض غير البنّاء، بدليل أن اثنتين فقط مرشحتان لرئاسة مجلس الإدارة، خضعتا لامتحان نهائي في مجلس الخدمة المدنية، من بين عشرات المرشحين، لم يُعرف كيف تم استثناؤهم؟ إذ لم يخضعوا أساسا لاختبارات اللجنة في مجلس الخدمة المدنية، بل جرى شطبهم من دون توضيح الأسباب، لتُستكمل الاختبارات مع المرشحين إلى العضوية.
ووصلت شكاوى إلى السلطات السياسية بشأن عدم الشفافية، وهو ما دعا وزيري الإعلام والتنمية الإدارية إلى إعادة المشطوبين لدائرة الاختبار مجدّدا.
ويُخصص عُرفا منصب رئيس مجلس الإدارة – المدير العام لتلفزيون لبنان لأحد أبناء الطائفة الكاثوليكية التي رفعت الصوت وأجرت اتصالات احتجّت فيها على محاولات حكومية لسحب المنصب من الحصة الكاثوليكية بعنوان المداورة. وهو ما أنتج ضغوطا على وزيري الإعلام والتنمية الإدارية ورئاسة الحكومة ضمنًا، لعدم استسهال التعاطي مع هذا الملف.
وتحدثت المعلومات عن تخبّط يسود بين الوزارتين المعنيتين، أدى إلى تغيير إستراتيجيتهما في العديد من المرات، سواء في شأن لجان الاختبار أو كيفية التعاطي مع ملف حسّاس.
والغريب أن تعيينات إدارية في مختلف الوزارات تمضي بسلاسة ومن دون ضجيج أو اعتراض، بينما تحولت تعيينات مجلس إدارة تلفزيون لبنان إلى قصة إبريق الزيت.