تلاعب بالحقيقة في منصات التواصل الاجتماعي يهدد الدول والمجتمعات

التضليل الإعلامي في منصات التواصل الاجتماعي يعقّد قدرة الناس على التمييز بين الحقيقة والافتراء.
الجمعة 2025/05/30
قطاع الإعلام في مفترق طرق

دبي - خصصت قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب، التجمع الأكبر لصُنّاع المحتوى ورواد التواصل على مستوى العالم العربي، جلسة لمناقشة ورصد الحلول لقضية “التلاعب بالحقيقة في منصات التواصل الاجتماعي”، إذ لم يعد التضليل الإعلامي حكرًا على الأنظمة أو الجهات الكبرى، بل أصبح في متناول الأفراد والجماعات، ما يعقّد قدرة الناس على التمييز بين الحقيقة والافتراء.

وتحدث الدكتور محمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، عن مجموعة من المحاور الرئيسية التي تلامس واقعنا الرقمي اليوم، من بينها آليات انتشار الشائعات والأخبار المضللة عبر المنصات الرقمية، والتحديات التي تواجهها الدول والمجتمعات جرّاء انتشار هذا الكم الكبير من البيانات والصور التي يتعامل معها الأفراد حول العالم بشكل يومي، وما يتطلبه ذلك من وجود إستراتيجية واضحة وعمل جاد لحماية أمنها واستقرارها.

وسلط الكويتي الضوء على تصدّر الإمارات عالميًا مؤشرات الأمن والسلامة، بما في ذلك المؤشر العالمي للأمن السيبراني. وعزا ذلك إلى التطور المستمر في مجال الأمن السيبراني والالتزام بالمعايير الدولية.

وتناولت الجلسة تحدياتٍ مثل نشر الشائعات والأخبار المضللة عبر المنصات الرقمية، والتي تُهدد أمن المجتمع واستقراره. وأشار إلى أن المصداقية والموثوقية في نشر الأخبار وتحري صحتها، أصبحتا من أبرز التحديات التي تواجه الأجيال الصاعدة التي تقضي معظم أوقاتها على منصات التواصل الاجتماعي، وتستقي أخبارها ومعلوماتها من مصادر قد تكون غير موثوقة، وهو ما يتطلّب التوعية بمخاطر الأخبار المغلوطة أو الكاذبة التي قد تزعزع أمن المجتمعات وسلامة أفرادها.

محمد الكويتي: الإمارات تمتلك كافة الإمكانيات التقنية لكشف الحملات المنظمة
محمد الكويتي: الإمارات تمتلك كافة الإمكانيات التقنية لكشف الحملات المنظمة

وتنقسم التحديات السيبرانية إلى ثلاث فئات، أولاها الجرائم السيبرانية، وهي ما يتعلق بجرائم السب والتشهير وفايروسات الفدية وغيرها، والثانية فئة الإرهاب السيبراني، والمتعلقة بحملات التضليل وزرع الفتن والنيل من سمعة الدول، أما الفئة الثالثة فتتعلق بالحروب السيبرانية في العالم الافتراضي، وتشمل نشر الشائعات والمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.

ولفت رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة الإمارات إلى أن المنصات الرقمية أصبحت بيئة خصبة لنشر الأخبار المضللة من خلال حسابات وهمية، وأن سرعة نشرها باتت تفوق قدرة بعض منصات التواصل الإعلامي والشركات الإعلامية على التدخل في الوقت المناسب لسحب أو تعديل الخبر، بينما تتلقاه الكثير من الحسابات لتنشره على نطاق واسع، مؤكداً أن التوعية السيبرانية تلعب دوراً كبيراً في التصدي لمثل هذا النوع من الأخبار، من خلال دعم قيم الولاء للوطن وقيادته الرشيدة، والتمسك بالقيم والعادات الإماراتية التي توقف دائرة تلك الأخبار وتمنع انتشارها بصورة واسعة.

وأكد الكويتي أن الإمارات تمتلك كافة الإمكانيات التقنية لكشف الحملات المنظمة التي تستهدف الشخصيات والمؤسسات، والدعاية المسيئة، وذلك باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، التي باتت تكشف الحسابات الوهمية ومن يقف خلفها ويديرها، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية رفع الوعي السيبراني وتحصين أفراد المجتمع بما لذلك من دور محوري في التصدي لكافة الأمور السلبية الهادفة إلى النيل من أمن الوطن وسلامته واستقراره.

وعقدت الجلسة ضمن فعاليات قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب، التي استمرت يوما واحدا تحت مظلة قمة الإعلام العربي 2025 التي ينظمها نادي دبي للصحافة.

وخلال جلسة رئيسية حملت عنوان “تداعيات الفوضى وتحديات صناعة الاستقرار” أكد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، أن بلاده “تقدم رسائل إيجابية من خلال تجربتها الناجحة وسياستها الواقعية التي تولي أهمية كبيرة للأمن والاستقرار والازدهار، وتحسين المستوى المعيشي للسكان والاهتمام بالتعليم والتكنولوجيا الحديثة، وفي الوقت نفسه فإن لديها مسؤولية كبيرة تجاه مرحلة ‘عدم اليقين’ وعدم الوضوح في المجالات التكنولوجية والاقتصادية والسياسية على المستويين الإقليمي والعالمي.”

وشدد على أن الحملة الإعلامية ضد الإمارات مصطنعة ومغرضة، وقال “إننا نترك الحكم على التجربة الإماراتية للآخرين، فإنجازاتنا ونجاحاتنا تتحدث عن نفسها وتحظى بتقدير عالمي كبير. ومن ينظر إلى الإمارات بموضوعية مثلما هو الحال في الإعلام ‘الرصين’، يجد نفسه أمام تجربة رائدة في الازدهار الاقتصادي والمجتمعي والسياسي والتكنولوجي والسياحي،” مضيفا “إنه لا يمكن التوقف عند هذه الحملات المغرضة التي تبثها ‘ميليشيات وسائل التواصل الاجتماعي وإعلام القاع’، بل نترفع عنها ونواجهها بالسردية الإيجابية لتجربتنا الناجحة.”

وأعرب قرقاش عن قناعته بأن القطاع الإعلامي هو أيضا في مفترق طرق ويمر بحالة من عدم اليقين لارتباطه بالذكاء الاصطناعي الذي يشهد تغيرا متلاحقا، مؤكدا أن مواكبة -أو عدم مواكبة- هذه المتغيرات هي التي ستحدد المؤسسات الإعلامية التي ستختفي وتلك التي ستبقى أو ستصعد.

5