تكتم غير مبرر على مبادرة الكويت لـ"انتشال" لبنان من أزمته

بيروت- قالت مصادر سياسية لبنانية إن تكتم وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح على تفاصيل المبادرة التي تقدم بها للأطراف السياسية في لبنان غير مبرر ويثير الشكوك حول جدواها.
ولفتت المصادر إلى أن الأزمة في لبنان واضحة وشروط دول الخليج التي قدم الوزير الكويتي نفسه ممثلا عنها معروفة وفي مقدمتها تحييد دور حزب الله المتحكم الفعلي في البلاد، ولا يوجد أيّ مبرر لرفض الإفصاح عن تفاصيل المبادرة، مرجحة أن يكون الهدف من تجنب الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح ذكر التفاصيل خوفا من رد فعل إيراني داخل الكويت.
وأضافت المصادر أن الكويت تريد تسجيل حضورها خليجيا في الملف اللبناني والتقرب من السعودية، لكنها تتجنب في نفس الوقت توتر علاقتها بإيران الداعم الرئيسي لحزب الله الذي لديه نفوذ قويّ في الكويت.

وأشارت إلى أن البقاء في العموميات بدا غريبا ويعكس مفارقة حيث أن كل القصة ترتبط بإيران وحزب الله، ولا يتناولها الوزير الزائر تصريحا.
وقال الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح بعد لقائه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي “مجيئي إلى لبنان هو لدعم لبنان وانتشال لبنان من كل الذي يمر به ولمساعدته لتجاوز هذه المصاعب ولإعادة، إن شاء الله، إجراءات بناء الثقة مع لبنان”.
وفي نوفمبر الماضي تداولت وسائل إعلام كويتية أنباء مفادها إيقاف الكويت تجديد إقامات للبنانيين يشتبه في انتمائهم لحزب الله دون أن يتم الإعلان عن ذلك رسميا من قبل السلطات.
ويغلب المد والجزر على العلاقات بين الكويت وإيران لكن في المجمل يمكن اعتبارها جيدة خاصة بعد أن وقفت إيران إلى جانب الكويت خلال الغزو العراقي للكويت قبل نحو 30 عاما، كما أن حوالي 20 في المئة من سكان الكويت هم من الطائفة الشيعية.
ودخلت العلاقات بين لبنان ودول الخليج -المتوترة أصلا بسبب نفوذ حزب الله- في أزمة جديدة خلال أكتوبر الماضي بسبب تصريحات وزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي والتي انتقد فيها القوات التي تقودها السعودية في اليمن.
وقال الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح للصحافيين الأحد عقب لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون إن قائمة “أفكار ومقترحات قُدّمت بالأمس، وذكرتها اليوم إلى فخامة الرئيس”. وأضاف “ننتظر منهم إن شاء الله الرد عليها” رافضاً الخوض في المزيد من تفاصيل المقترحات.
لكن مصادر لبنانية مقرّبة من دوائر صنع القرار سربت لوسائل إعلام أجنبية فحوى المبادرة، في حين رجّح مراقبون أن يكون الرئيس عون وراء تلك التسريبات ليؤكد أن المقاربة الكويتية لا تتطرق لدور حزب الله وإيران.

ونقلت وكالة رويترز عن مصادر دبلوماسية قولها الأحد إن المقترحات التي قدمها وزير الخارجية الكويتي للبنان بهدف نزع فتيل الأزمة مع بعض دول الخليج تشمل الالتزام باتفاق الطائف وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وإجراء الانتخابات في موعدها.
وأضافت المصادر أن المقترحات شملت أيضا تشديد الرقابة على الصادرات للخليج لمنع تهريب المخدرات والتعاون بين الأجهزة الأمنية.
واعتبر مراقبون أن الحديث عن اتفاق الطائف يدل على أن الخليج ينظر بجدية إلى تغيير الاتفاق بيد حزب الله بتوجيه من إيران نحو صيغة المثالثة، أي سنة – شيعة – مسيحيين، بدلا من مسلمين ومسيحيين.
وكان واضحا أن الوزير الكويتي حمل قائمتي مقترحات، واحدة سياسية عن مسعى للخروج من المأزق السياسي اللبناني الداخلي، وأخرى فنية لطبيعة العلاقة مع الخليج تتعلق بالدرجة الأولى بمطالب أمنية.
وتعليقا على المبادرة الكويتية قال عون إن هناك حرصا لبنانيا ثابتا على المحافظة على أفضل العلاقات بين لبنان والدول العربية.
ونقلت الرئاسة اللبنانية عبر حسابها على موقع تويتر عن عون قوله إن “أفكار المبادرة لإعادة بناء الثقة، التي نقلها الوزير الكويتي ستكون موضع تشاور لإعلان الموقف المناسب منها”.
وأضاف عون أن “لبنان يرحّب بأيّ تحرك عربي من شأنه إعادة العلاقات الطبيعية بين لبنان ودول الخليج العربي، وهو ملتزم بتطبيق اتفاق الطائف وقرارات الشرعية الدولية والقرارات العربية ذات الصلة”.
وكان وزير خارجية الكويت طالب بألّا يكون لبنان منصة لأيّ عدوان لفظي أو فعلي، وأن يكون عنصراً متألقاً وأيقونة مميزة في المشرق العربي، مشيرا إلى أنه لا توجّه للتدخّل في شؤون لبنان.