تكاليف الرهون العقارية تغذي انكماش سوق الإسكان في تركيا

انتكاسة بسبب سياسة التشديد النقدي والقيود المفروضة على الحصول على القروض وأسعار الفائدة الأكثر جاذبية على حسابات الودائع.
السبت 2024/01/20
أين اختفى الزبائن؟

تحمل أحدث المؤشرات حول قطاع الإسكان في تركيا الذي انكمش نشاطه وغذى احتمالات دخوله في مرحلة ركود جراء تكاليف الإقراض، في طياتها الكثير من علامات التشاؤم، بينما كانت الحكومة تأمل في استعادة زخم أعمال أحد أبرز محركات النمو بالبلاد.

إسطنبول - تعرض سوق العقارات التركي إلى انتكاسة في 2023 مع تراجع عقد الصفقات جراء الضغوط التي يمر بها الاقتصاد، بينما يكافح المسؤولون لتعديل بوصلته بعدما تضرر من التضخم وانهيار الليرة والديون.

وأظهرت بيانات معهد الإحصاء الحكومي الجمعة أن مبيعات المنازل في البلاد انخفضت بنسبة 17.5 في المئة العام الماضي بمقارنة سنوية، كما تراجعت المبيعات للأجانب بحوالي 48.1 في المئة.

ويلقي خبراء القطاع باللوم على ارتفاع أسعار المنازل بشكل فاحش، إلى سياسة التشديد النقدي والقيود المفروضة على الحصول على القروض وأسعار الفائدة الأكثر جاذبية على حسابات الودائع، والتي تجذب المتعاملين بعيدا عن شراء المنازل لسوق الإسكان الضعيف.

وجرى بيع حوالي 1.23 مليون منزل العام الماضي، بما في ذلك أكثر من 138.5 ألفا خلال الشهر الماضي، وهو مستوى منخفض بواقع 33.4 في المئة مقارنة مع ديسمبر 2022. وفي الأشهر العشرة الأولى من 2023، انخفضت مبيعات المنازل بأكثر من 14 في المئة على أساس سنوي إلى نحو 994 ألف وحدة.

أحمد بويوكدومان: انخفاض مبيعات المنازل المرهونة أدى إلى خمول السوق
أحمد بويوكدومان: انخفاض مبيعات المنازل المرهونة أدى إلى خمول السوق

وتصدر الروس قائمة المشترين الأجانب بشراء بأكثر من 10.6 ألف منزل على مدار 2023، وهو ما يعكس عدد الأشخاص الذين سعوا للحصول على ملاذ مالي في أعقاب اندلاع الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية على روسيا بعد ذلك.

واحتلت أنطاليا قائمة الولايات (المحافظات) الأكثر بيعا للعقارات للأجانب بواقع 12.7 ألفا، ثم إسطنبول بأكثر من 11.2 ألفا، ومرسين بنحو 3.1 ألف عقار.

وكان العام 2022 قد شهد زيادة في مبيعات العقارات للأجانب بنسبة وصلت إلى حوالي 15.2 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه.

وتؤكد المؤشرات أن الأسس الهشّة للفورة العقارية خلال سنوات خلت تتعرض لضربة قاسية في ظل السياسات الاقتصادية المعتمدة، ما جعل المستهلكين وخاصة الأجانب يصرفون النظر عن شراء المنازل.

ولطالما اعتمد الرئيس رجب طيب أردوغان وحكومته على البناء باعتباره القوة الدافعة لنمو الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه خلال السنوات الأخيرة تعثر كل من القطاع والاقتصاد.

ومع تراكم معروض المساكن غير المبيعة وقلة من يملكون القدرة على شراء المنازل بسبب الاقتصاد المتعثر، حاولت الحكومة إنعاش القطاع عبر توفير قروض عقارية بأسعار فائدة مخفضة وإتاحة الجنسية للمستثمرين الأجانب في العقارات.

وكان شرط الحصول على الجنسية شراء عقار تقدر قيمته بـ250 ألف دولار خلال الأعوام الماضية، لكن بسبب التضخم ارتفعت القيمة صيف 2022 إلى 400 ألف دولار.

وعلى مدى السنوات الفاصلة بين 2020 و2022، تراوح متوسط مبيعات المنازل السنوية في السوق التركية بين 1.4 و1.5 مليون وحدة.

وأظهرت البيانات أيضا أن مبيعات الرهن العقاري انخفضت 72.3 في المئة في ديسمبر مقارنة بالعام السابق و36.6 في المئة في عام 2023 ككل، لتشكل 14.5 في المئة من إجمالي المبيعات خلال العام.

◙ 17.5 في المئة نسبة تراجع صفقات البيع في عام 2023 بسبب ارتفاع أسعار الفائدة

وأشار أحمد بويوكدومان، من شركة إسطنبول للتقييم، إلى انخفاض مبيعات المنازل المرهونة بنسبة 60 في المئة. ونقلت وسائل إعلام محلية قوله إن “ذلك كان السبب الرئيسي لانخفاض إجمالي مبيعات المنازل”. ولكنه أشار إلى أن مبيعات الأراضي، وعلى رأسها الأراضي الزراعية، شهدت ارتفاعا في العامين 2021 و2022.

وشهد سوق العقارات منذ بداية 2022 ارتفاعا ملحوظا في الأسعار لأسباب كثيرة من بينها الطلب المتنامي، لاسيما في إسطنبول، أكثر مدن البلاد ازدحاما وحركية اقتصادية بسبب انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار الأميركي.

وبحسب منصة دليل الملكية العالمية (جي.بي.جي)، فقد ارتفع متوسط سعر المنزل في إسطنبول، أكبر مدينة في تركيا وأغلى سوق للإسكان، بنسبة 66.7 في المئة خلال أول عشرة أشهر من 2023 ليبلغ المتر المربع الواحد 44.4 ألف ليرة (1475 دولارا). وبعد تعديل الأسعار لمراعاة التضخم، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 3.3 في المئة فقط على أساس سنوي.

وفي أنقرة، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة هائلة بلغت 94.3 في المئة على أساس سنوي في أكتوبر الماضي، إلى متوسط قدره 23.3 ألف ليرة تركية (775 دولارا) للمتر المربع. وبعد تعديلها في ضوء التضخم، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 20.4 في المئة. ويتوقع الخبراء ارتفاع سعر العقارات في السوق التركية سنويا بنسبة قد تبلغ 8 في المئة حتى العام 2027.

وكان جوخان تاش، من مجموعة ماستر تورك، أكثر تشاؤما من بويوكدومان، حيث أكد أن المستهلكين لم يعودوا ينظرون إلى المنازل على أنها استثمار.

وأوضح “فقط أولئك الذين يحتاجون إلى السكن حقا هم من يشترونه والأسعار بالليرة لا تنزل ولن تنخفض”، وأضاف “لكن التضخم يجعلها تبدو أرخص”.

10