تكاثر فوضوي للأحزاب والتكتلات يعكس تهافت العمل السياسي والحزبي في العراق

مركز حقوقي: عدد الأحزاب أكثر من عدد مقاعد البرلمان مدار التنافس في الانتخابات.
الثلاثاء 2025/05/13
تخمة أحزاب وتكتلات تسبب الدوار لجمهور الناخبين

الرغبة الجامحة في الحضور بأي شكل من الأشكال على الساحة السياسية العراقية ومحاولة الحصول على أي حصّة في غنيمة السلطة وما تكفله من امتيازات ومكاسب مادية ومعنوية تقودان عملية تشكيل الأحزاب والتكتلات السياسية في العراق، والتي تحوّلت إلى فوضى وارتجال يحيلان على ضحالة العمل الحزبي والسياسي في البلد وافتقاره للأفكار والبرامج.

بغداد - سلط بدء التحضيرات لإجراء الانتخابات البرلمانية في العراق الضوء مجدّدا على ظاهرة التكاثر الفوضوي للأحزاب والتشكيلات والائتلافات السياسية بشكل يفوق بكثير ما تحتمله الساحة العراقية قياسا بدول أخرى أوسع مساحة وأكثر سكانا وأنشط اقتصادا، لكن لا يوجد فيها سوى عدد محدود من الأحزاب كما هي الحال، على سبيل المثال، بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا.

وتحيل الظاهرة على حالة استسهال للعمل الحزبي، ولكن أيضا على وجود مآرب وأهداف ضيقة بعضها شخصي وبعضها مادي مباشر لتشكيل أحزاب لا يستند أغلبها إلى منظومة أفكار واضحة ولا يكلّف مؤسسوها وقادتها أنفسهم عناء وضع برامج تفصيلية خاصة بها ومختلفة عن أحزاب وتنظيمات أخرى، ما يجعل تأسيس حزب وإشهاره في العراق عملية سهلة لا تتطلب أكثر من تجمع عدد من الأشخاص وتنظيم احتفالية يجري خلالها رفع بعض الشعارات وإطلاق الوعود الفضفاضة الخالية من أي تفاصيل وإجراءات تنفيذية.

حازم الرديني: ضرورة المتابعة الدورية للأحزاب المسجلة ومراقبة خطابها السياسي
حازم الرديني: ضرورة المتابعة الدورية للأحزاب المسجلة ومراقبة خطابها السياسي

وينطبق الأمر ذاته على الائتلافات السياسية وخصوصا الظرفي منها والمرتبط مباشرة بخوض الانتخابات حيث عادة ما تتم فبركة تلك الائتلافات بشكل عاجل وعلى أساس مصلحي مباشر يتمثل في منافسة القوى الأخرى على تحصيل أكبر عدد ممكن من الأصوات الانتخابية دون أن يكون بين القوى المؤتلفة رابط فكري أو برامجي، بل إنّ بعض القوى المشتركة في تشكيل تحالفات وائتلافات بعينها تكون في تضاد فكري وسياسي وأيديولوجي فيما بينها، وخاضت في ما قبل معارك وخصومات علنية قبل أن تعود وتجتمع تحت مظلة المصلحة المشتركة.

وتجلّت "تخمة الأحزاب" في العراق عدديا في تجاوز عدد التشكيلات الحزبية لعدد مقاعد البرلمان الذي ستتنافس على الفوز بها خلال الانتخابات النيابية المقررة لشهر نوفمبر القادم بحسب ما ذكره مركز حقوقي عراقي.

ورغم كثرة عدد الأحزاب في العراق بشكل يستحيل معه حتى استذكار أسمائها من قبل الجمهور العريض فضلا عن الاطلاع على برامجها وأفكارها، إن وجدت، فإنّ عدد القوى السياسية المؤثرة فعلا في العراق محدود، ويتعلّق الأمر بأحزاب موجودة من قبل وأخرى منشقة عنها وهي ممسكة بمقاليد السلطة ومتحكمة في القرار السياسي والاقتصادي والأمني للدولة بفضل أسبقيتها في الوصول إلى الحكم واستخدام مقدراتها المالية وحتى سلاح الفصائل المرتبطة بها في حمايته والحفاظ عليه.

وقال حازم الرديني نائب المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق إن عدد الأحزاب المسجلة رسميا في دائرة الأحزاب والتنظيمات السياسية وفق قانون الأحزاب رقم 36 لسنة 2015، بلغ 333 حزبا وهنالك أكثر من خمسين حزبا قيد التأسيس، وهو عدد يفوق عدد أعضاء مجلس النواب العراقي البالغ عدد مقاعده 329 عضوا.

وطالب الرديني في بيان بضرورة إجراء تعديل على قانون الأحزاب بعد مرور عشر سنوات من التطبيق على أن يتضمن سحب إجازة الحزب المسجل لدى دائرة الأحزاب حين لا يشترك بعمليتين انتخابيتين، لأن الغاية من تأسيس أي حزب هي المشاركة في العمليتين السياسية والانتخابية.

"تخمة الأحزاب" عدديا تجلّت في تجاوز عدد التشكيلات الحزبية لعدد مقاعد البرلمان الذي ستتنافس على الفوز بها خلال الانتخابات النيابية المقررة لشهر نوفمبر القادم

كما دعا إلى إلزام الأحزاب بأن تكون لها مقار في أكثر من محافظة لضمان جدية العمل، وضرورة متابعة الأحزاب المسجلة بشكل دوري ومراقبة خطابها السياسي الذي يحرض في بعض الأحيان على مقاطعة الانتخابات والعملية السياسية.

وقالت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وهي الهيئة المكلفة بالإشراف على إجراء الاستحقاقات الانتخابية في العراق، في وقت سابق إن كل الأحزاب والتحالفات السياسية المسجلة لدى المفوضية قد لا تشارك في الانتخابات المقبلة لأنّ هناك بعض التحالفات قد خرجت منها وأحزاب، وبالعكس هناك تحالفات دخلت فيها أحزاب جديدة، لذا على جميع التحالفات مراجعة المفوضية لتحديث بياناتها للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي المقبل.

وأصبح مألوفا قبل أي استحقاق انتخابي في العراق قيام القوى السياسية بنثر ائتلافاتها وتكتلاتها وإعادة تركيبها بطريقة عشوائية بناء على أسس مصلحية عاجلة وليس على أفكار وبرامج، وهو الأمر الذي يفسّر سرعة تفكّك تلك الائتلافات وكثرة الانشقاقات في صفوفها بمجرّد أن تنقضي الانتخابات.

وتعليقا على قضية كثرة الأحزاب وتجاوزها عدد المقاعد البرلمانية أكّدت مفوضية الانتخابات أحقية أي حزب مسجل لديها بتقديم مرشحين ضعف عدد المقاعد النيابية ولا علاقة بين عدد الأحزاب والمقاعد.

ونقلت وكالة شفق نيوز الإخبارية عن جمانة الغلاي المتحدثة باسم المفوضية قولها إنّ “مجموع الأحزاب السياسية المجازة والمسجلة لدى المفوضية بلغ 335 بينهم أكثر من 100 حزب سياسي قديم أبدى الرغبة في المشاركة بالانتخابات.”

وأضافت الغلاي أن “عدد الأحزاب قيد التأسيس بلغ 61 حزبا، فيما بلغ عدد التحالفات التي أبدت رغبتها بالمشاركة في الانتخابات والمسجلة لدى دائرة شؤون الأحزاب والتنظيمات السياسية في المفوضية بلغ 66 منها 6 حدثت بياناتها و5 تحالفات جديدة.”

3