تقنين دخول اللبنانيين إلى سوريا: خطوة مريحة للجانبين

دخول ابن القرضاوي إلى سوريا عبر لبنان وظهوره في ساحة المسجد الأموي في حلب أحرجا الإدارة السورية الجديدة.
السبت 2025/01/04
البوابة بين وحدة الساحات سابقا

لندن - تنظر أوساط سياسية لبنانية وسورية بارتياح إلى قرار سوريا تقنين دخول اللبنانيين الأراضي السورية، خاصة بعد حادثة تسلل ابن الداعية الإخواني الراحل يوسف القرضاوي، عبدالرحمن، إلى سوريا عبر لبنان الأسبوع الماضي، وبثه مقطعا مصورا توعد فيه أنظمة عربية على رأسها مصر.

وبينما تبدو الخطوة في ظاهرها تصعيدا بين حكام سوريا الجدد ولبنان، خاصة أنها تأتي بعد توتر واشتباكات بين الجيش اللبناني وعناصر من هيئة تحرير الشام، يرى مراقبون أنها تضع حدا لوضع كان قائما لعقود ويسمح للبنانيين أو القادمين من لبنان بالعبور باتجاه سوريا دون تأشيرة.

يأتي هذا بعد أن تدفق الكثير من اللبنانيين وغير اللبنانيين إلى دمشق عبر الحدود البرية، منذ سقوط نظام بشار الأسد، وحتى الأيام الماضية، ومن ضمنهم وفود إعلامية وسياسية ومدنيون كان أبرزهم ابن القرضاوي عبدالرحمن.

◙ الخطوة تضع حدا لوضع كان قائما لعقود ويسمح للبنانيين أو القادمين من لبنان بالعبور باتجاه سوريا دون تأشيرة

وتسبب دخول عبدالرحمن القرضاوي إلى سوريا عبر لبنان وظهوره في ساحة المسجد الأموي بحلب في إحراج الإدارة السورية الجديدة التي تحاول الانفتاح على كل الدول العربية. كما يضع القبض عليه -الذي تم بناء على طلب توقيف مصري، بالإضافة إلى طلبين لتسلمه وصلا بيروت، الأول من القاهرة والثاني من أبوظبي- السلطات اللبنانية أمام مأزق هي في غنى عنه، خاصة مع حالة الارتباك التي تشهدها البلاد جراء تبعات الحرب الإسرائيلية على حزب الله.

وفرضت السلطات الجديدة في سوريا قيودا على دخول اللبنانيين إلى أراضيها، بحسب ما أفاد به مصدران أمنيان وكالة فرانس برس الجمعة، بينما أشار مصدر عسكري إلى أن الخطوة أتت إثر مناوشات بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين.

وأعلن الجيش اللبناني في بيان أن قوة منه كانت تعمل على إغلاق “معبر غير شرعي” مع سوريا في شرق لبنان، تعرضت لإطلاق نار من مسلحين سوريين، متحدثا عن وقوع “اشتباك بين الجانبين” وإصابة أحد جنوده بجروح.

وقال مسؤول في الأمن العام اللبناني المشرف على المعابر الحدودية لفرانس برس إن الجهاز لم يتبلغ بأي “إجراء جديد من الجانب السوري،” لكنه “فوجئ بإغلاق الحدود” أمام اللبنانيين. وكان يسمح للبنانيين بدخول سوريا باستخدام جواز السفر أو الهوية، من دون الحاجة إلى تأشيرة دخول.

وتحدث المسؤول الأمني عن “أخبار” تفيد بفرض قيود على دخول اللبنانيين وفق مبدأ “المعاملة بالمثل، أي بالشروط نفسها التي يفرضها اللبنانيون على السوريين لجهة حيازة إقامة أو حجز فندقي.”

وقال مصدر أمني آخر على معبر المصنع، وهو النقطة الحدودية الرئيسية بين البلدين، لفرانس برس “يبدو أن هناك إجراءات جديدة من الجانب السوري” تسمح فقط بعبور اللبنانيين الذين يحملون شهادة إقامة أو إذنا بدخول سوريا.

وأعلن الجيش اللبناني في بيان الجمعة أنه “بتاريخ 3 – 1 – 2025، أثناء عمل وحدة من الجيش على إغلاق معبر غير شرعي عند الحدود اللبنانية – السورية في منطقة معربون – بعلبك، حاول أشخاص سوريون فتح المعبر بواسطة جرافة، فأطلقت عناصر الجيش نيرانًا تحذيرية في الهواء.” وأضاف أنه إثر ذلك “عمد السوريون إلى إطلاق النار نحو عناصر الجيش ما أدى إلى إصابة أحدهم ووقوع اشتباك بين الجانبين.”

ويجمع بين لبنان وسوريا تاريخ طويل من العلاقات المتداخلة. وهذه الحادثة هي الأولى منذ إطاحة هيئة تحرير الشام وفصائل حليفة بحكم الرئيس بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الماضي.

وفي 22 ديسمبر تعهد القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع بأن بلاده لن تمارس بعد الآن نفوذا “سلبيا” في لبنان وستحترم سيادة هذا البلد المجاور، خلال استقباله وفدا برئاسة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.

ودخل الجيش السوري لبنان في عام 1976 كجزء آنذاك من قوات عربية للمساعدة على وقف الحرب الأهلية، لكنه تحوّل إلى طرف فاعل في المعارك، قبل أن تصبح دمشق “قوة الوصاية” على الحياة السياسية اللبنانية تتحكّم في كل مفاصلها.

وفي عام 2005 خرجت القوات السورية من لبنان تحت ضغط شعبي بعد اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في انفجار وجهت أصابع الاتهام فيه إليها ولاحقا إلى حليفها حزب الله.

1