تقنية الواقع المعزز تزحف باتجاه السيطرة على سيارات المستقبل

تتيح تجربة الواقع المعزز لعشاق الطرز الحديثة المفعمة بالتكنولوجيا استكشاف التجهيزات الداخلية للسيارة من كافة الأبعاد والجوانب المختلفة دون أن تكون هناك ثغرة لتشتيت الانتباه وهو اتجاه لطالما سعى المصنعون لتوظيفه من أجل جذب المزيد من المستهلكين.
برلين - يأخذ اعتماد شركات السيارات على التكنولوجيا شكلا يكاد يكون مطلقا في عملية تصنيع الأجزاء مع توظيفها في قمرة القيادة بحيث تساعد السائق على التركيز على الطريق مع الشعور بالإحساس والأمان.
لكن يبدو أن الأمر آخذ في التطور ليصل إلى إمكانية إسقاط التقنية الآخذة في الاتساع عبر الاستخدامات اليومية على الواقع الفعلي أثناء القيادة والمعروف بالواقع المعزز.
وتغزو هذه التقنية عالم السيارات حاليا بوتيرة متسارعة لرفع عوامل السلامة والراحة أثناء القيادة حيث تمثل منعطفا مهما لمستقبل الصناعة بعد أن استعرضت مجموعة من الشركات عضلاتها بابتكارات تكنولوجية فريدة من نوعها تعتمد على الواقع الافتراضي.
ومع أن هذه التقنية لم تصل بعد إلى مرحلة النضج، إلا أن العديد من المصنعين يعملون مع شركات التكنولوجيا للمواصلة في تطوير شاشات الواقع المعزز لطرحها بشكل قياسي في الأسواق العالمية.

بيدرو مونتيرو: تقنية واي راي تهدف إلى عدم تشتيت انتباه السائق
وتفاوتت المقترحات الثورية المعروضة من قبل الشركات بين القيام بعرض الشبكات الاجتماعية على النوافذ والأسقف الزجاجية، واعتماد تقنية إسقاط الواقع المعزز، علاوة على توفير معلومات عن المعالم السياحية، ودمج ألعاب الفيديو.
وكانت شركات أودي ومرسيدس بنز وتسلا وتويوتا وفولفو قد شكلت تحالفا في 2019 من خلال استخدام منصة شركة إنفيديا درايف بلاتفورم التي تعتمد على تقنيات التعليم الآلي، بما فيها الواقع المعزز. وقد اعتبر أحد الاتجاهات الحديثة في هذا المضمار.
ورغم الطفرة في استخدام الذكاء الاصطناعي في السيارات، إلا أن الأمر تجاوز ذلك بعد أن أظهرت شركات جموحا أكبر في استخدام ما توفره التكنولوجيا من خدمات في كل التجهيزات التي تحتويها المركبة وتوظيف جانب منها في أشياء عملية أخرى.
ويدمج هذا الواقع العالمين الافتراضي والواقعي لتقديم بيانات القيادة الهامة في بيئة مناسبة للسائقين، وإثراء البيانات المعروضة على شاشة هيد - آب.
لكن وحتى اللحظة لم يُغن هذا النظام بشكل كامل عن شاشات العرض الأساسية، حيث يجب أن تظل جميع المعلومات الأساسية مرئية وفي جميع الأوقات والظروف.
وحاليا تعكف شركة التكنولوجيا السويسرية واي راي على تطوير تقنيات جديدة ثلاثية الأبعاد للسيارات المتصلة من خلال نماذج لأنظمة بصرية شديدة التعقيد فضلا عن الإلكترونيات والبرامج.
وأعلنت واي راي مؤخرا عن إثراء هذه التقنية باستخدام الليزر لعرض الصور المجسمة على الزجاج الأمامي للسيارة لتكون الشاشة أكبر بحوالي عشر مرات مما كانت عليه في الأنظمة السابقة.
وبالإضافة إلى مسار الطريق، يمكن عرض مناطق مرور المشاة أو راكبي الدراجات أو الإشارات المرورية بشكل بياني وملون.
وأوضحت الشركة أن هذه الرسومات المتحركة تنتظم حركاتها في خط رؤية قائد السيارة، مستندة على تقنية ليزر مدمجة في أرضية السيارة لتوفير تجربة واقع معزز ينقل أشعة الضوء الأحمر والأخضر والأزرق إلى لوحة القيادة.
ويوجد نظام بصري يطور الصور المجسمة ويعرضها على طبقة من البوليمر الضوئي الخاص في الزجاج الأمامي لإظهار الأشياء في نطاق يصل إلى البعيد اللامحدود تقريبا.
ومن المتوقع أن يتم طرح السيارات الأولى المزودة بهذه التقنية في الأسواق بحلول عام 2025.
وأوضح بيدرو مونتيرو، وهو المسؤول عن نظام الملتيميديا (أمبوكس) لدى مرسيدس بنز أن هذه التقنية تهدف في المقام الأول إلى عدم تشتيت انتباه قائد السيارة.
ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى مونتيرو قوله “يتم عرض المعلومات الضرورية في مجال الرؤية مثل السرعة الحالية أو بيانات نظام الملاحة أو معلومات الأنظمة المساعدة أو حدود السرعة، فضلا عن عرض أسماء المتصلين أو الشوارع أو محطات الراديو”.
شركة التكنولوجيا السويسرية واي راي تعكف على تطوير تقنيات جديدة ثلاثية الأبعاد للسيارات المتصلة من خلال نماذج لأنظمة بصرية شديدة التعقيد
ولا يزال نظام مرسيدس يتطلب مساحة كبيرة، والتي تتوفر في الفئة S أكثر من الفئة A على سبيل المثال. لذلك يجب أن تكون الأنظمة المستقبلية أصغر حجما بينما تقدم في نفس الوقت صورة أكبر ووظائف إضافية تدعم قائد السيارة في مهمته.
وأضاف مونتيرو أن “الصورة العريضة ستساعد عند الانعطاف، ولكن من الممكن أيضا تصور العرض على النوافذ الجانبية، في إشارة إلى السيارات آلية القيادة”.
ويرى مطورو واي راي أيضا إمكانية وجود صور مجسمة للنافذة الجانبية تحتوي على معلومات ومحتوى، وذلك بناء على إمكانية تحويل أي سطح شفاف إلى شاشة عرض للواقع المعزز.
وقامت فولكسفاغن بالفعل بدمج نظام أي.آر - أتش.يو.دي في السيارات المدمجة كجزء من التجهيزات الخاصة بالموديلات الكهربائية مثل آي.دي 3 وآي.دي 4.
ويقول ألكسندر كونز، المتخصص في أنظمة الواقع المعزز لدى فولكسفاغن، إن هذه التقنية تزيد من راحة وسلامة القيادة من خلال تقليل الجهد المعرفي لتفسير المعلومات المعروضة؛ نظرا لأن المعلومات الهامة تظهر فعليا في بيئة العمل الخاصة بقائد السيارة.
ويتم عرض التعليمات الخاصة بالملاحة أو المسافة أو البقاء في حارة السير فقط عند الحاجة إليها بصريا على مسافة يبدو أنها على بعد عشرة أمتار. ويوجد في الأسفل شريط عرض يحتوي على معلومات ثابتة يبدو أنه على بعد ثلاثة أمتار.
ومع هذا لن يتمكن مطورو السيارات من الاستغناء عن دعم شاشات العرض الأساسية؛ حيث يجب توفير جميع المعلومات الأساسية في جميع الأوقات مثل أضواء التحذير والمصابيح الوظيفية.