تقرير المخابرات البريطانية يستعيد مخاوف استراتيجية ترامب

لندن - لم يخرج التقرير السنوي الذي أصدرته المخابرات البريطانية الأربعاء عن المخاوف التي عرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ أيام في اسراتيجيته للأمن القومي الأميركي.
وسيطرت المخاوف من أنشطة العائدين من سوريا والعراق على التقرير البريطاني، فيما بدا الخوف من التحدي الروسي متمركزا بالأساس في التهديد السيبراني على خلفية ما راج عن تأثيره في الانتخابات الأميركية. أما الصين فظهرت كتحد اقتصادي بالدرجة الأولى، ولم ير التقرير في إيران خطرا محدقا واكتفى بوصف أنشطتها بأنها محاولة لاستعراض القوة.
وأصدرت لجنة مكونة من أجهزة الأمن والمخابرات البريطانية تقريرها السنوي الذي يقيّم جهود وكالات الأمن والمخابرات البريطانية والتهديد الذي يواجه بريطانيا بعد عام من الهجمات الإرهابية التي حدثت في جميع أنحاء أوروبا.
وكشف التقرير أن “بريطانيا تواجه في الوقت الحالي تهديدا غير مسبوق من قبل الجماعات الإسلامية الإرهابية”، مشيرا إلى أن “هذا التهديد يعود في الغالب إلى الأنشطة التي يمارسها تنظيم داعش في سوريا والعراق والذي يسعى بشتى الطرق إلى الحفاظ على صورة الجماعة ونجاحاتها في مقابل الخسائر العسكرية”.
وشدد دومينيك غريف، رئيس لجنة الأمن والمخابرات البرلمانية البريطانية، على الخطر المحتمل من عودة المقاتلين الأجانب من تنظيم داعش، مؤكدا أن “تشتت مقاتلي داعش الأجانب بين الفصائل في سوريا والعراق يثير تساؤلات خطيرة حول متى وأين سيعودون إلى الظهور من جديد وبأي نوايا؟”.
ولفت كذلك إلى تحدي إعادة دمج الأطفال الذين نشأوا في ما يسمى بـ’الخلافة’، وتلقوا تعليمهم على أيدي مقاتلي داعش”.
ولاحظ متابعون للشأن البريطاني أن التقرير بدا مهتما فقط بالعائدين من مناطق النزاع دون أن يشير إلى الخطر المحلي القائم منذ سنوات طويلة وتسبب فيه سكوت الجهات الرسمية عن أنشطة جماعة الإخوان المسلمين بأذرعها المختلفة سواء ما تعلق بالجمعيات الخيرية أو الأنشطة الدعوية والتربوية، أو منظماتها الطلابية.
وقال هؤلاء المتابعون إن خطر الأنشطة الإرهابية سيظل قائما طالما تستمر جماعة الإخوان بتوفير البيئة الدعوية والتربوية التي تهيئ أبناء الجاليات العربية والمسلمة لكراهية المجتمع وقيمه وتعلي من شأن الانتقام والعنف.
واحتلت روسيا المرتبة الثانية في قائمة المخاوف التي سجلها التقرير السنوي للمخابرات البريطانية، وتم اعتبارها أولوية استخباراتية، لافتا إلى أن الأجهزة البريطانية زادت من تركيزها على أنشطة موسكو الخطرة لدفع سياستها الخارجية قدما بطريقة أكثر عدوانية.
ومن الواضح أن التقرير البريطاني انخرط بوعي في استعادة أجواء الحرب الباردة ضد روسيا بسبب تدخلاتها المتعددة في أوكرانيا وسوريا وسعيها لإعادة التموقع كقوة دولية ثانية مثلما كانت منزلتها في فترة الاتحاد السوفييتي.
وكشف جهاز الاستخبارات البريطاني “إم آي 6″ أنه يمتلك الدليل القاطع على أن روسيا كانت وراء إسقاط الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا.
وعلى الرغم من محاولات روسيا لإقناع العالم بأنها لم تكن المسؤولة عن حدوث هذه المأساة، إلا أن جهاز الاستخبارات البريطاني “إم آي 6″ أكد أن هذا التصريح هو مجرد كذب صريح “نعرف تماما أن الجيش الروسي هو من موّل وزود الانفصاليين بالصاروخ الذي تم إطلاقه”.
|
ويشتمل التقرير على قسم كبير حول التهديد السيبراني لبريطانيا ويحذر من أن روسيا أصبحت أكثر خطورة في هذا المجال.
وكشف عن “أن التهديد الكلي لبريطانيا يشهد تنوعا بداية من الأفراد الإرهابيين والجماعات الإرهابية المنظمة وصولا إلى الدول والحكومات الفاعلة مثل روسيا والصين وإيران”.
وقال “نعلم أن هذه المجموعة الأخيرة من الدول قادرة جدا على تنفيذ الهجمات السيبرانية المتقدمة. إلا أن استخدام هذا النوع من التهديدات تم حظره تاريخيا بسبب العواقب الدبلوماسية والجيوسياسية إذا ما تم الكشف عن مثل هذا النشاط. ولكن يبدو أن الاعتداء السيبراني الأخير الذي قامت به روسيا يشير إلى أن الأمر ليس كذلك”.
وقيّم التقرير التهديد المحتمل من الجانب الصيني بوصفه “أن الكثير من أجهزة المخابرات الصينية تستهدف المملكة المتحدة لدوافع اقتصادية، بالإضافة إلى محاولاتها لتطوير منشآتها العسكرية”.
ويفيد مركز الاتصالات الحكومية البريطانية أن الصينيين “لم يهتموا حقا لفترة من الوقت باتهامهم من قبل الولايات المتحدة بأنهم أكبر سارق للمعلومات من شبكة الإنترنت” لكن ذلك بدأ يتغير قليلا.
ولم ير محللون سياسيون أي مسوغ لإغفال الخطر الإيراني في منطقة يتمركز فيها جزء من المصالح البريطانية مثل منطقة الخليج، والتعاطي معه على أنه خطر هامشي.
واعتبر أليستير بنكال محلل شؤون الدفاع في شبكة سكاي نيوز الدولية أن الدوافع الإيرانية تجاه المملكة المتحدة كانت الأكثر غموضا من روسيا والصين في التقرير. فقد وصف مركز الاتصالات الحكومية البريطانية النشاط الإيراني بأنه مجرد “محاولة لاستعراض القوة”.
وحذر التقرير أيضا من أن أيرلندا الشمالية ما زالت تشكل تهديدا مستمرا بسبب تزايد الأنشطة الإرهابية التي تمارسها الجماعات الجمهورية المنشقة.
وأوضح الجهاز الأمني البريطاني “إم آي 5″ للجنة أن أيرلندا الشمالية تمثل الآن “بؤرة لأكثر النشاطات الإرهابية تركيزا في أوروبا” وأن الأجهزة الأمنية تقوم بإحباط مخطط إرهابي جديد بمعدل أسبوعي.