تقرير الأمن الاقتصادي يطرح حلولا لمشاكل الشباب في الأردن

طالما فتح الأردن حدوده للاجئين وأحسن وفادتهم وعمل على تأمين حياة كريمة لهم. وتكفي قراءة سريعة لتقرير الأمن الاقتصادي للشباب في الأردن، الصادر مؤخرا، لندرك أن المملكة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة تحاول أن تسهل ما استطاعت حياة 1.3 مليون لاجئ سوري تستضيفهم وتحل مشاكل شبابهم.
عمان – مع دخول العالم أزمة اقتصادية حادة بسبب تداعيات وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية وما نجم عنهما من أزمة في الغذاء والطاقة تزداد معاناة اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة المستضيفة، خاصة في ظل تراجع الدعم الدولي المباشر الموجه لهم وتفاقم أوضاعهم المعيشية، وتراجع قدرات المجتمعات المضيفة على توفير المزيد من فرص العمل، وكذلك تحمل الأعباء والضغوطات على البنى التحتية والموارد الشحيحة أصلا.
حلول مستدامة
وفي الأردن تبدو معاناة اللاجئين السوريين في تصاعد، بسبب تأثر الاقتصاد الأردني أكثر من غيره بتداعيات الظروف الإقليمية والدولية.
وكشفت استطلاعات أجريت حديثا أن الاقتصاد الأردني لم يعد قادرا على تلبية الاحتياجات الأساسية لمواطنيه بالشكل المطلوب، وأن أزمة اللاجئين زادت من الصعوبات التي تواجهها البلاد.
وكانت الحكومة الأردنية قد قدرت في تقرير لها حجم التمويل المطلوب لخطة الاستجابة لتغطية الإنفاق على الخدمات المقدمة للاجئين السوريين خلال عام 2022 بحوالي 2.3 مليار دولار.
مهند الخطيب: استحداث تخصصات جديدة تلبي احتياجات سوق العمل
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن 1.3 مليون شخص يعيشون في مخيمات أقيمت لهم في عدة مناطق داخل البلاد أكبرها مخيم الزعتري الواقع في مدينة المفرفة شمال شرق العاصمة عمان وتقطن أعداد كبيرة منهم داخل المدن والقرى والبوادي.
وتقول المفوضية السامية لشؤون اللاجئين إنها حققت العديد من الإنجازات بالتنسيق مع الشركاء والحكومة الأردنية كبلد مضيف. وأكدت أنها “تعمل مع 36 شريكاً بما في ذلك المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني ومنظمات الأمم المتحدة الأخرى مع ضمان توافق الاستجابة الإنسانية والعمل الإنمائي والبحث المستمر عن حلول مستدامة”.
وبحسب المفوضية فإنه بالإضافة إلى 27 ألف تصريح عمل مرن صدر في عام 2021 تمكن أكثر من 100 ألف لاجئ سوري وأفراد من المجتمع المضيف من التسجيل أو من الحصول على ترخيص للحرف المنزلية. ولعبت لجان الدعم المجتمعي دوراً رئيسياً في النهج المجتمعي والتعايش السلس والسلمي بين اللاجئين والأردنيين، وفق المفوضية.
ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن، لم يبد الأردنيون أي تذمر من وجود اللاجئين السوريين بينهم، وأظهرت دراسة استطلاعية أجرتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومركز نماء للاستشارات الإستراتيجية أن 92 في المئة من الأردنيين يقولون إنهم متعاطفون مع اللاجئين.
نتائج الدراسة الاستطلاعية أيدها تقرير صدر مؤخرا عن مركز المعلومات والبحوث التابع لمؤسسة الملك الحسين بالشراكة مع معهد التنمية الخارجية، بعنوان “الأمن الاقتصادي للشباب ومهاراتهم وتمكينهم في الأردن”.
واللافت أن التقرير إلى جانب تصديه لمشكلة الشباب الأردني واقتراح حلول لها، ركز على الجهود المبذولة لدعم اللاجئين الشباب لتحقيق إمكاناتهم بما يتماشى مع الالتزامات الواردة في أهداف التنمية المستدامة “عدم إغفال أحد”، وما جاء في الميثاق العالمي بشأن اللاجئين من ضرورة “اعتماد اللاجئين على أنفسهم”، حتى يصبح هؤلاء الشباب عناصر فاعلة لإحداث تغيير إيجابي والمشاركة في تنمية مجتمعاتهم والبلدان المضيفة.
ويتناول التقرير بشكل خاص الأمثلة الإيجابية للشباب الذين نجحوا في مجال ريادة الأعمال الصغيرة، والتدريب المهني والمنح الأكاديمية والشباب المشاركين في دروس محو الأمية المالية، وبناء المهارات من أجل استخلاص الدروس حول طبيعة “المكونات” الرئيسية لغايات تحقيق التمكين الاقتصادي للشباب.
27
ألف تصريح عمل صدر عام 2021 و100 ألف لاجئ تمكن من الحصول على تراخيص لحرف منزلية
ويلقي التقرير الضوء على عوامل النجاح الاقتصادي والتعليمي الرئيسية التي من شأنها أن تسهم في تحسين سبل عيش اللاجئين من خلال سياسات وبرامج هادفة.
ويدعو التقرير إلى التشديد على أهمية الاستثمارات في الحماية الاجتماعية للتعليم الأساسي والعالي للاجئين والفئات الضعيفة من الأردنيين، مثل المنح الدراسية والتحويلات النقدية وقسائم السفر، وتوسيع نطاق الوصول إلى التدريب المهني للمراهقين والمراهقات.
كما يشدد التقرير على أهمية محو الأمية المالية و مهارات إدارة الأعمال والحصول على قروض ميسرة، فضلاً عن تكثيف الجهود للتصدي للتمييز ضد الشابات واللاجئين في سوق العمل.
تنمية المهارات
وأكد التقرير ضرورة توفير دعم تعليمي بعد المدرسة في المدارس والأماكن المجتمعية، وأن تكون البرامج مفتوحة للجميع، بغض النظر عن الجنسية، وألا تستهدف الطلبة الأكبر سناً الذين دون المستوى فحسب، ولكن أيضاً الطلبة الأصغر سناً الذين يسعون إلى اكتساب المهارات الأساسية.
ولتحسين المسارات التعليمية والمهنية للشباب على المدى الطويل؛ دعا التقرير إلى توفير البرامج المدرسية والمجتمعية لتحسين الرفاه النفسي والاجتماعي ودعم تنمية المهارات الحياتية مثل الاتصال والقيادة.
ولضمان أن يكون الطلبة وأسرهم على دراية ببرامج التعليم والتدريب التقني والمهني ومزاياها فيما يتعلق بفرص سوق العمل؛ اقترح زيادة الوعي وتعزيز المسار المهني بفعالية، بدءاً من المدارس المتوسطة.
2.3
مليار دولار حجم التمويل المطلوب للإنفاق على خدمات اللاجئين السوريين عام 2022
ويأمل المشرفون على إعداد التقرير في أن تساعد هذه الجهود في تغيير المواقف التي تميل إلى التقليل من قيمة التعليم والتدريب التقني والمهني مقارنة بمسارات التعليم الجامعي.
وركز التقرير على الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا من مجتمعات اللاجئين السوريين والفلسطينيين في الأردن والفئات الضعيفة من الأردنيين في المجتمعات المستضيفة.
ووفق دائرة الإحصاءات العامة، بلغ معدل البطالة في الربع الأول من العام الحالي 22.8 في المئة، علماً أنه مرتفع جداً بين حاملي الشهادات الجامعية، وصولاً إلى نحو 26.6 في المئة مقارنة بباقي مستويات التعليم، كما يقدر بـ78.7 في المئة بين الإناث، و24.6 في المئة بين الذكور.
ويقول مهند الخطيب، الناطق الإعلامي باسم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، إن “الوزارة تتخذ إجراءات تنفيذية وأخرى تهدف إلى التوعية لمواجهة هذه الأوضاع”. ويوضح أنه “على صعيد الإجراءات التنفيذية، تحث الوزارة الجامعات على استحداث تخصصات جديدة تلبي احتياجات سوق العمل، وتسهيل منح تراخيص لتدريس هذه التخصصات، في حين ترفض إنشاء تخصصات مكررة أو راكدة أو مشبّعة. كما اتخذت سابقاً قرارا يقضي بخفض عدد المرشحين المقبولين في التخصصات الراكدة والمشبعة بنسبة 35 في المئة للحدّ من البطالة”.
ويؤكد استحداث تخصصات جديدة، بعد إعداد دراسات جدوى اقتصادية تفصيلية تظهر حاجة سوق العمل المحلية والعالمية ومجالات العمل المتاحة، وذلك بالتعاون مع ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل، وجهات معنية أخرى.
ويكشف أيضاً أن الوزارة تعمل لتوعية الناجحين في امتحان الثانوية العامة، وإطلاعهم على التخصصات المطلوبة من أجل الإقبال عليها، وتلك الراكدة والمشبعة للابتعاد عنها عبر نشر قائمة بها على الموقع الإلكتروني لوحدة تنسيق القبول.