تقدم طالبان يدفع كابول إلى عرض اتفاق لتقاسم السلطة

الدوحة - عرض فريق مفاوضي الحكومة الأفغانية في قطر على حركة طالبان اتفاقا لتقاسم السلطة مقابل وقف القتال، في وقت يزداد فيه اتساع رقعة نفوذ الحركة على الأرض.
وصرّح مصدر في الفريق المفاوض للحكومة الأفغانية بأن الأخيرة قدمت عرضا عبر الوسيط القطري يسمح لطالبان بتقاسم السلطة مقابل وقف العنف في البلاد.
وتعقد الحكومة وحركة طالبان محادثات متقطّعة منذ أشهر في العاصمة القطريّة، لكنّ مصادر مطّلعة أشارت إلى أنّ المفاوضات تتراجع مع تقدّم طالبان في ساحة المعركة.
وتقدّمت طالبان بوتيرة سريعة في الأيام الأخيرة، وفي أسبوع واحد سيطرت على عشر من أصل 34 عاصمة ولاية أفغانية، سبع منها في شمال البلاد، وهي منطقة كانت دائما تتصدى لها في الماضي، واليوم اقتربت أكثر فأكثر من العاصمة كابول بعد سيطرتها على مدينة غزنة الاستراتيجية الواقعة على بعد 150 كلم في جنوب غرب العاصمة.
ورغم أنّ طالبان موجودة منذ فترة في ولايتي ورداك ولوغار على بعد عشرات الكيلومترات من كابول، إلا أنّ سقوط غزنة يشكّل إشارة مقلقة للغاية بالنسبة إلى العاصمة، خاصة مع تحذير تقرير للمخابرات الأميركية من إمكانية أن تعزل الحركة العاصمة الأفغانية في غضون شهر، وأنها قد تسيطر عليها بشكل نهائي في غضون ثلاثة أشهر.
وتعدّ المدينة نقطة مهمة على المحور الرئيسي الذي يربط كابول بقندهار، ثاني أكبر مدن أفغانستان إلى الجنوب، ويسمح الاستيلاء عليها للمتمردين بقطع خطوط إمداد الجيش البرية إلى الجنوب، ومن شأن ذلك أن يضاعف الضغوط على قوات الجو الأفغانية، إذ يتعيّن عليها قصف مواقع طالبان وإيصال التعزيزات والإمدادات إلى المناطق التي لا يمكن بلوغها برا.
ويحاصر متمردو طالبان منذ أشهر قندهار، عاصمة الولاية التي تحمل الاسم ذاته، ولشكركاه عاصمة ولاية هلمند، اللتين تعدان معقلين تقليديين للحركة، وتدور معارك عنيفة بين طالبان والقوات الأفغانية منذ أيام عدّة.
وشنّت طالبان هجوما شاملا على القوّات الأفغانيّة أوائل مايو، مستغلّة بدء انسحاب القوات الأجنبيّة الذي من المقرّر أن يكتمل بحلول نهاية أغسطس، وسيطرت على مناطق ريفيّة شاسعة، خصوصا في شمال أفغانستان وغربها، بعيدا من معاقلها التقليديّة في الجنوب.
وأثارت سرعة زحف طالبان اتهامات متبادلة على نطاق واسع، بسبب قرار الرئيس الأميركي جو بايدن سحب القوات الأميركية وترك الحكومة الأفغانية تقاتل وحدها.
ولم تخف واشنطن استياءها خلال الأيام الأخيرة إزاء ضعف أداء الجيش الأفغاني، الذي عمل الأميركيون على تدريبه وتمويله وتجهيزه منذ سنوات.
وقال الناطق باسم البنتاغون جون كيربي الأربعاء "نرى تدهورا للوضع الأمني، وكنا صادقين تماما" بشأن ذلك، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أنّ "ثمة أماكن ولحظات، كما هي الحال اليوم، حيث تقاتل القوات الأفغانية على الأرض" فعليا.
ولوّح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الخميس بأن بلاده التي تعتبر أحد المانحين الرئيسيين لأفغانستان، لن تدفع "فلسا واحدا بعد الآن" إذا ما سيطرت طالبان على البلاد.
وقال الوزير في مقابلة مع محطة "زي.دي.أف" العامة "لن نعطي أفغانستان فلسا واحدا بعد الآن، إذا سيطرت طالبان بالكامل على السلطة وطبقت الشريعة، وإذا أصبحت هذه دولة خلافة". وشدد على أنّ أفغانستان "لا يمكن أن تستمر دون مساعدات دولية".
وتساهم ألمانيا بنحو 430 مليون يورو سنويا، وهي من بين أكبر عشرة مانحين للمساعدات التنموية لأفغانستان.
وشدد ماس على أن انسحاب القوات الدولية كان بمبادرة من الولايات المتحدة، وقال إن القرار "يعني أن جميع قوات حلف شمال الأطلسي اضطرت إلى مغادرة البلاد، لأنه لا يمكن لأي دولة إرسال قوات إلى هناك" دون حماية عسكرية أميركية.