تقدم الإسكواش المصري في التصنيفات العالمية يواجه خطر التراجع

ما زالت أصداء حصول لاعب الإسكواش المصري محمد الشوربجي على الجنسية الإنجليزية مستمرة بعد ما يقرب من خمسة أشهر على الخطوة التي أثارت جدلا واسعا، وكشفت عن الكثير من الأزمات التي تعانيها الألعاب الفردية في مصر وفي مقدمتها الإسكواش الذي استحوذ فيه بعض اللاعبين المصريين على صدارة التصنيفات العالمية خلال العقدين الماضيين.
القاهرة - لم تُعلن لجان التحقيق التي شكلتها وزارة الشباب والرياضة أو البرلمان المصري نتائجها بعد للتعرف على الأسباب الحقيقية التي دفعت اللاعب محمد الشوربجي للتخلي عن اللعب باسم مصر، ما رسخ الأسباب التي قادها اللاعب وارتبطت بوجود أزمات عديدة بينه وبين الاتحاد المحلي، ويفتح ذلك الباب أمام تكرار الواقعة مع لاعبين آخرين في ظل مشكلات إدارية وفنية تعاني منها اللعبة في الوقت الحالي.
ونشر والد اللاعب مصطفى عسل المصنف الثالث عالميًا وفقًا لآخر تصنيف صادر عن رابطة لاعبي الإسكواش المحترفين، استغاثة في إحدى الصحف المحلية طالب فيها أجهزة الدولة بحل أزمة ابنه المرتبطة بوجود تعنت ضده من أحد الرعاة الرئيسيين للاعبي الإسكواش في مصر، والذي لم يتعاقد معه ابنه بسبب ضعف المقابل المادي، مفضلاً التعاقد مع راع آخر يسهم في تكاليف رحلاته الخارجية.
لوّح ولي الأمر بإمكانية تكرار تجربة محمد الشوربجي وأن ابنه تلقى بالفعل عروضَا للتجنيس من دول أخرى، لكن لديه رغبه في تمثيل بلده، ما يشي بأن العديد من أولياء الأمور واللاعبين سوف يوظفون مسألة تجنيس الشوربجي للضغط على الاتحاد المحلي بشأن تسوية أزماتهم التي تتعلق في الغالب بالدعم المالي.
وقال الناقد الرياضي المهتم بلعبة الإسكواش محمد ناجي إن الخلافات داخل مجلس إدارة الاتحاد نشبت منذ أن انتهت الانتخابات السابقة بفوز أعضاء من خارج قائمة رئيس الاتحاد عاصم خليفة، ولم يكن هناك توافق على كثير من القرارات التي صدرت مؤخرا، وأن ذلك التخبط لم يؤثر مباشرة على اللاعبين المصنفين عالميًا ويعدون أعضاء في رابطة اللاعبين المحترفين، لكن الأزمة تكمن في الأجيال الصاعدة والمنتخبات الوطنية وقد لا ترتاح للطريقة التي يتم التعامل بها معهم.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن خلافات اتحاد الإسكواش سيكون لها تأثير سلبي على منتخب السيدات المشارك في بطولة العالم التي تستضيفها مصر في ديسمبر المقبل، حال تم الاستقرار على جهاز فني دون المستوى لإدارة الفريق ويشاركهم في مراحل التدريبات أثناء البطولة، وأن الأزمة الأكبر في عدم تدخل الاتحاد بشكل إيجابي لحل مشاكل اللاعبين مع الرعاة التابعين له، وهو ما يحدث حاليًا مع اللاعب مصطفى عسل.
تكرار التجربة
وشدد على أن أزمة الرعاة ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه عسل، وأن الأسباب الحقيقية للخلاف تعود إلى وجود اعتراضات من أعضاء داخل الاتحاد على طريقة لعبه ويواجه اتهامات بأنه لا يقدم الإسكواش الكلاسيكي أو الاستعراضي المعروف عن اللاعبين المصريين، في حين أن اللاعب لديه فكر جديد وأسس فنية حديثة في اللعبة ويحاول تطبيقها.
ويوظف عسل تصنيفه العالمي لجذب مزيد من الجهور إلى لعبة الإسكواش وغازل في إحدى المباريات جماهير كرة القدم مستخدمًا إشارة عُرف بها اللاعب المصري مؤمن زكريا ويعاني الآن من مرض ضمور العضلات ولم يعد قادراً على ممارسة رياضة كرة القدم، ولدى اللاعب رؤية بأن لعبة الإسكواش التي تجذب الطبقات الأرستقراطية قادرة على جذب الجماهير الشعبية.
ولا يجيد عسل مهادنة أعضاء الاتحاد ولديه آراء علنية ودائما ما يٌتهم بأنه صدامي، لكن برأي ناجي لن يكرر اللاعب تجربة الشوربجي في التجنيس، وفي حال حدث ذلك فإنه سيكون قد تعرض لضغوط أكبر كثيرا من تلك التي واجهها الشوربجي سواء في الداخل نتيجة الخلافات المتفاقمة مع أعضاء الاتحاد أو من الجهات الخارجية التي تدخل على خط هذه الأزمات.
وفي رأي العديد من النقاد فإن الصدارة المصرية للعبة عالميًا أصبحت على المحك الآن، تحديداً على مستوى تصنيف الرجال مع عدم قدرة الاتحاد المحلي للعبة على تخريج أجيال صاعدة تستطيع أن تُكمل مسيرة من سبقوها وسط أزمات يشهدها الاتحاد على مستوى عدم الاستقرار الإداري نتيجة الطعن في نتيجة الانتخابات التي تم إجراؤها العام الماضي وما ترتب عليها من استقالة أربعة أعضاء بمجلس إدارة الاتحاد، أو على مستوى إهمال اللعبة وتزايد المشكلات بين اللاعبين والاتحاد والرعاة التابعين له.
وقالت رشا إبراهيم حجازي عضو مجلس إدارة اتحاد الإسكواش المستقيلة مؤخراً في تصريحات إعلامية، إن الاتحاد يغيب فيه العمل الجماعي ويسود اتخاذ القرارات الفردية وهو ما تسبب في تعريض الكثير من لاعبي الإسكواش للظلم، وأنها خاطبت وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي لحل الأزمة، وأفصحت عن تلقي العديد من اللاعبين طلبات للتجنيس في دول أوروبية، وأن عسل صاحب الأزمة الأخيرة تلقى بالفعل عرضا للعب باسم الولايات المتحدة.
وتوالت شكاوى أعضاء الاتحاد المستقيلين بوجود خلافات عديدة داخل مجلس الإدارة وتحدثوا عن مجاملات واتخاذ قرارات فنية ضد لاعبين لديهم الموهبة ليكونوا واعدين في المستقبل لصالح آخرين، إلى جانب اتخاذ مجموعة من القرارات والعدول عنها.
وتقدم نائب رئيس الاتحاد المصري للإسكواش أشرف قناوي باستقالته مطلع شهر نوفمبر الجاري، وسبقه الثنائي محمد عبدالحفيظ ورشا حجازي عضوا المجلس، إلى جانب استقالة عمر البرلسي رئيس لجنة المسابقات، وأضحى المجلس الحالي مهدداً بالحل إذا استقال عضو آخر.
شكاوى متتالية
وأشار ناجي لـ”العرب” إلى أن الأجواء غير الإيجابية قد يكون لها تأثير على اكتشاف المواهب الجديدة وتنميتها، وأن لعبة الإسكواش في مصر سوف تواجه أزمة خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة على مستوى منافسات الرجال مع كبر سن اللاعبين الحاليين، وعدم القدرة على اكتشاف لاعبين صغار بنفس الجودة، ويمكن الاستثناء هنا مصطفى عسل البالغ من العمر 22 عاما.
ويفتقر لاعبو الصف الثاني الآن إلى نفس طموح أقرانهم المتصدرين للتصنيف العالمي، وأغلب اللاعبين عاديين ولا يملكون مهارات نوعية كبيرة، وقد تكون هناك مواهب لكنها ليست فذة، ما يضع صعوبات أمام الاتحاد لاكتشاف أصحاب السمات الشخصية والنفسية التي تقنع بأنها تستطيع أن تصل إلى صدارة التصنيف العالمي وتستمر فيه لفترات طويلة، كما كان الحال مع كثير من اللاعبين المصريين السابقين.
◙ الشوربجي قبل حصوله على الجنسية الإنجليزية في يونيو الماضي يعد أحد أبرز اللاعبين المصريين في العقد الأخير
وحسب آخر تصنيف لرابطة اللاعبين المحترفين للإسكواش “بي.إس.إي” قبل أيام، حافظ المصري علي فرج لاعب نادي وادي دجلة في القاهرة على صدارة التصنيف العالمي للأسبوع الثاني على التوالي، فيما حافظت نوران جوهر لاعبة وادي دجلة أيضا على صدارتها لتصنيف السيدات بعد تتويجها ببطولة أميركا في النسخة الأخيرة.
وفي الرجال، استقر النيوزيلندي بول كول في المركز الثاني خلف علي فرج، واستعاد مصطفى عسل لاعب النادي الأهلي المركز الثالث، وحل محمد الشوربجي لاعب إنجلترا في المركز الرابع، فيما تراجع البيروفي دييغو إلياس إلى المركز الخامس. وتراجع طارق مؤمن إلى المركز السابع ليحل مروان الشوربجي بدلا منه في المركز السادس، وتقدم فارس الدسوقي إلى المركز الثامن، وتراجع زاهد سالم إلى المركز التاسع.
حافظت مصر على صدارة التصنيف العالمي للسيدات في المراكز الثلاثة الأولى، حيث استقرت نور الشربيني لاعبة نادي سبورتنغ بالإسكندرية في المركز الثاني بعدما حصدت وصافة بطولة أميركا وبطولة كأس غراسهوبر للإسكواش، واستمرت هانيا الحمامي لاعبة دجلة في المركز الثالث، واحتفظت نور الطيب بالمركز السادس تليها روان العربي في المركز السابع، وسلمى هاني في المركز العاشر.
البقاء في القمة
تربعت البطلة المصرية نور الشربيني على عرش أبطال مصر المتوجين بالألقاب في الملعب الزجاجي، بعدما نجحت في كتابة تاريخها الحافل بالألقاب.
وحصدت الشربيني اللقب رقم 31 في تاريخ بطولاتها الدولية لتكون أكثر لاعبة مصرية تحقيقاً للبطولات، وتليها البطلة المعتزلة رنيم الوليلي والتي توجت بـ24 لقبا، كما تعتبر نور الشربيني أكثر لاعبة مصرية تتصدر التصنيف العالمي للاسكواش.
وتُعد نور الشربيني أصغر لاعبة في العالم تتوج ببطولة العالم للناشئات تحت 19 عاما، ففي عام 2009 فازت ببطولة العالم للناشئين التي أقيمت بالهند وحصدت لقب أصغر لاعبة في العالم تحصل على بطولة في سن 13 عاما. ونجحت الشربيني في حصد 6 بطولات عالمية، من بينها 4 نسخ متتالية عقب تتويجها بالبطولة في مواسم: 2015، 2016، 2019، 2020، 2021 وأخيرا 2022.
وقالت الناقدة الرياضية المهتمة برياضة الإسكواش دينا نبيل إن تجنيس الشوربجي جعل الأنظار تتجه نحو اتحاد اللعبة المحلي في مصر للتعرف على الأسباب التي قادت إلى ذلك، وأن ما يحدث الآن في اتحاد الإسكواش قد يتكرر في ألعاب فردية أخرى دون أن يتم تسليط الضوء عليه، وقد يكون دافعا للتعامل مع السلبيات الراهنة.
وأوضحت في تصريح لـ"العرب" أن لاعبي الإسكواش يتحملون كافة تكاليف نفقاتهم بعيدا عن الاتحاد المحلي، واللاعب يصبح مستقبلا بذاته منذ انضمامه إلى رابطة اللاعبين المحترفين ولا يتكلف الاتحاد مصاريف سفر اللاعبين أو إقامتهم الخارجية، وهذا ممكن حدوثه بالنسبة إلى منتخبات الناشئين أو الشباب، ما يحصن كثيرا من اللاعبين بعيداً عن الخلافات المتصاعدة على المستوى الإداري.
وتحتل مصر المركز الثاني بين أكثر الدول تتويجا ببطولة العالم المفتوحة في الإسكواش (رجال) برصيد 13 لقبا خلف باكستان التي حصدت 14 لقبا، فيما تحتل المرتبة الثالثة في بطولة السيدات بـ7 ألقاب خلف أستراليا (14) وماليزيا (8).
◙ مصر حافظت على صدارة التصنيف العالمي للسيدات في المراكز الثلاثة الأولى، حيث استقرت نور الشربيني في المركز الثاني
وتعد فترة التسعينات من القرن الماضي فترة الجيل الذهبي لنجوم الإسكواش المصريين، وتصدرهم اللاعب أحمد برادة، ثم ظهر عدد من النجوم أبرزهم عمرو شبانة المصنف الأول عالميا 28 شهرا متصلة بين أبريل 2006 وديسمبر 2008.
وتسلم كريم درويش الصدارة من شبانة بعد ذلك وفاز ببطولة العالم 4 مرات، وبطولة هونغ كونغ المفتوحة 4 مرات، وبطولة أميركا المفتوحة مرتين، وظل المصنف الأول عالميا طيلة عام 2009 باستثناء شهر نوفمبر وحصد 23 بطولة عالمية بين عامي 1999 و2014.
ويعد محمد الشوربجي قبل حصوله على الجنسية الإنجليزية في يونيو الماضي أحد أبرز اللاعبين المصريين في العقد الأخير وظل في التصنيف الأول عالميًا لمدة عامين بين 2014، 2015، ثم خلال الفترة بين عامي 2016 و2017.
وفي سياق آخر حرصت سلوى موافي السفيرة المصرية بزيمبابوي على التواجد مع البعثة المصرية للإسكواش لدعمهم قبل انطلاق منافسات بطولة أفريقيا، وكانت موافي قد استقبلت البعثة المصرية في مطار زيمبابوي.