تقاعس البنوك المركزية يغذي انفلات التضخم

بنك التسويات الدولية يحذر من أن البنوك المركزية يجب ألا تسمح للتضخم بأن يستحكم بينما يخيم خطر الركود التضخمي على الاقتصاد العالمي.
الثلاثاء 2022/06/28
تحديات بالجملة

زوريخ - يغذي تقاعس البنوك المركزية في وضع سياسيات نقدية قوية حالة انفلات مستوى التضخم إلى مستويات قد لا يتوقعها أحد بفعل استمرار الضبابية التي ترافق نشاط الاقتصاد العالمي.

وفي صورة تعكس حالة الذعر التي تسيطر على الخبراء حذر بنك التسويات الدولية (بي.آي.أس) في تقريره السنوي عن الاقتصاد من أن البنوك المركزية يجب ألا تسمح للتضخم بأن يستحكم، بينما يخيم خطر الركود التضخمي على الاقتصاد العالمي.

وذكر البنك، الذي يعد بمثابة البنك المركزي للبنوك المركزية في العالم، أن على المؤسسات التحرك بسرعة لضمان العودة إلى تضخم منخفض ومستقر، في حين يتم الحد من تأثيراته على معدلات النمو.

وقال المدير العام للبنك أغوستين كارستينز إن “المفتاح للبنوك المركزية هو التحرك بسرعة قبل أن يستحكم التضخم”.

أغوستين كارستينز: المفتاح هو حسم الأمر سريعا قبل أن يستحكم التضخم

وأضاف “إذا ما حدث ذلك، فإن كلفة إعادته ليكون تحت السيطرة ستكون أعلى. وفوائد المحافظة على استقرار الأسر والشركات على المدى الطويل تفوق أي تكاليف قصيرة الأجل”.

تعود ملكية بنك التسويات الدولية الذي تأسس عام 1930 في بازل إلى 62 بنكا مركزيا تمثل 95 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وأفاد التقرير الرئيسي لبي.آي.أس بأنه في سبيل استعادة معدلات تضخم منخفضة ومستقرة، يجب على البنوك المركزية أن تسعى إلى تقليل الضرر الذي يلحق بالنشاط الاقتصادي وبالتالي حماية الاستقرار المالي.

وأوضح معدو التقرير أن هندسة ما يسمى بهبوط مرن كانت تاريخيا عملية صعبة، والظروف الحالية تجعل المهمة أكثر تحديا.

وقال كارستينز خلال مؤتمر صحافي إنه “من المستحب أكثر إذا كان بإمكاننا القيام بهبوط مرن، لأن هذا يعني أن تشديد السياسة النقدية يمكن أن يكون تحت السيطرة أكثر”.

وأضاف “ولكن حتى لو لم تكن هذه هي القضية، فإن الأولوية بالتأكيد يجب أن تكون لمكافحة التضخم”.

وبعد صدمة وباء كوفيد، استشرفت البنوك المركزية في البداية عودة مؤقتة للتضخم مع انتعاش الاقتصاد مرة أخرى. لكن ارتفاع الأسعار تسارع بشكل حاد منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي.

وبعث بي.آي.أس بإشارات مقلقة مفادها أن الاقتصاد العالمي يخاطر بدخول حقبة جديدة من التضخم المرتفع.

وأكد أن مخاطر الركود التضخمي، أي تباطؤ النمو مع ارتفاع الأسعار والبطالة، تلوح في الأفق بشكل كبير على شكل مزيج من الاضطرابات المستمرة جراء الوباء والحرب على أوكرانيا وارتفاع أسعار السلع الأساسية إضافة إلى نقاط الضعف المالية.

وأوصى البنك صانعي السياسات بالمضي قدما في الإصلاحات لدعم نمو طويل الأجل ووضع الأسس للمزيد من الإجراءات الطبيعية للسياسات المالية والنقدية.

وبينما يخطط البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة في يوليو ثم في سبتمبر المقبلين، قام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك الأميركي) مؤخرا بأكبر زيادة في سعر الفائدة منذ عام 1994.

بي.آي.أس بعث بإشارات مقلقة مفادها أن الاقتصاد العالمي يخاطر بدخول حقبة جديدة من التضخم المرتفع
بي.آي.أس بعث بإشارات مقلقة مفادها أن الاقتصاد العالمي يخاطر بدخول حقبة جديدة من التضخم المرتفع

وأعلن الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة بنسبة 0.75 نقطة مئوية، قائلا إنه “مستعد للقيام بذلك مرة أخرى الشهر المقبل في معركة شاملة لخفض التضخم المرتفع”.

وفي تقريره السنوي، أعاد التذكير بالركود التضخمي في السبعينيات عندما تسببت الصدمات النفطية في عامي 1973 و1979 بارتفاع التضخم.

وعام 1973 تضاعفت أسعار النفط في غضون شهر، وكان النفط يحتل مكانة أكثر محورية في الاقتصاد.

إضافة الى ذلك كان التضخم آخذا في الارتفاع قبل صدمة النفط، في حين أن الاقتصاد العالمي يخرج الآن من مرحلة طويلة من التضخم المنخفض.

وسلط بي.آي.أس الضوء أيضا على نقاط ضعف أخرى، بينها المستوى المرتفع الحالي للديون العامة والخاصة.

ومع الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن التضخم هذه المرة لا يرتكز فقط على النفط ولكن أيضًا على مصادر الطاقة الأخرى والمواد الخام الزراعية والأسمدة والمعادن.

وبالتالي فإن التحدي الأكثر إلحاحا بالنسبة إلى المصارف المركزية هو دفع التضخم إلى مستويات منخفضة، وفقا لبنك التسويات الدولية.

وحذر بي.آي.أس من أن حالات التضخم المرتفعة تميل إلى أن تكون ذاتية التعزيز، خصوصا عندما يتم رفع الأجور في محاولة لمجاراة ارتفاع الأسعار.

10