تقاسم المهام بين الزوجين داخل الأسرة التونسية ما زال ضعيفا

المرأة التونسية تناضل للتوفيق بين قضاء الشؤون المنزلية والعمل لكن مستوى مشاركتها أو تحكمها في مصاريف البيت وتوزيع الدخل الأسري مازال ضعيفا.
السبت 2018/05/19
معادلة صعبة البلوغ

تونس – مساهمة المرأة التونسية في توفير الدخل المادي للأسرة لا يعني ضرورة تحكمها في مصاريف البيت، ولا إشراكها في اتخاذ القرارات التي تهم اقتصاد الأسرة وتوزيع الموارد بين أفرادها وحاجياتها، وهو ما كشفته دراسة حول قيس التمكين لفائدة النساء والشباب أن مستوى التمكين الاقتصادي للمرأة التونسية داخل الأسرة ما يزال ضعيفا ومنقوصا، إذ أن المرأة لا تأخذ القرار الأول في مسألة التحكم في مصاريف المنزل.

وشملت الدراسة التي تم إعدادها ببادرة من مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر) وبالتعاون مع جامعة الأمم المتحدة ومكتب العمل الدولي وصندوق التنمية الفلاحية والمدرسة الدولية للتجارة الخاصة بمحافظة صفاقس، عينة تمثيلية من 1150 أسرة تونسية من كامل تراب الجمهورية، وموزعة بين 65 بالمئة أسر قاطنة في المناطق الحضرية و35 بالمئة في الأرياف. وتتكون العينة من 2513 شخصا 30 بالمئة منهم شباب و48 بالمئة رجال و52 بالمئة نساء.

 

تساهم نسبة كبيرة من النساء التونسيات في الدخل الأسري، سواء كانت موظفة أو عاملة من البيت بالحرف وغيرها من المهن، لكن مستوى مشاركتها أو تحكمها في مصاريف البيت وتوزيع الدخل الأسري مازال ضعيفا وهو ما كشفته أحدث الدراسات التي طرحت مسألة التمكين الاقتصادي للمرأة التونسية داخل الأسرة.

وأبرزت ممثلة جامعة الأمم المتحدة بهولندا، عضو الفريق الذي أنجز الدراسة ميلشين غودبايز أن التمكين في مجال القيادة وتوظيف الزمن أرفع لدى المرأة التونسية، في حين أن التناصف بين الجنسين في الأسرة يظل ضعيفا في حدود 35 بالمئة.

وأضافت الباحثة أن الدراسة ركزت على محاورة الزوج والزوجة في الأسرة، بالإضافة إلى محاورة أبناء يتراوح سنهم بين 18 و30 سنة يقطنون مع أبائهم لمزيد التأكد من مسألة التمكين لدى الشباب.

وأظهرت الدراسة وفق الباحثة، أن المرأة في تونس متمكنة بالطريقة المثلى في مسألة القيادة في المنزل وحسن توظيف الزمن مقارنة ببعض الدول الأخرى على غرار بنغلاديش أو غواتيمالا وأوغندا التي تم إنجاز نفس الدراسة بنفس المنهجية فيها، مرجعة حسن التمكين في مجال القيادة إلى ارتفاع نسب التعليم في صفوف النساء التونسيات.

وأشارت غودبايز إلى أن هذه الدراسة خوّلت توسيع البحث في تونس لإنجاز مشاريع بحث أخرى ليس في مجال التمكين فقط بل أيضا في مجالات الصحة والتشغيل والتربية والصناعة باعتبارها على علاقة وطيدة بالتنمية المستدامة.

وقالت المديرة التنفيذية لمركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر) سكينة بوراوي إن الدراسة التي يقع تقديمها لأول مرة في تونس تتمثل في اختبار آلة قيس جديدة يمكن من خلالها قيس تمكين النساء ومعرفة مدى تمكنهن من اتخاذ القرار لا سيما داخل الأسرة، مشيرة إلى أن هذه الدراسة من شأنها أن تساعد صناع القرار في تونس على مزيد النهوض بأوضاع المرأة ودعم نفاذها إلى التمويل والموارد والخدمات.

وأثبتت الدراسة ضعف مستوى التمكين الاقتصادي لنسبة 95 في المئة من النساء المستجوبات اللاتي يعشن ضمن أسرة متكونة من رجل على الأقل، ما يعني ضعف مستويات تأثيرها في أخذ القرارات الإنتاجية مع مراقبة محدودة على الموارد علاوة على تأثير أقل بشأن طرق التصرف في النفقات المنزلية، مقابل ارتفاع مستوى تمكينها في مجال القيادة وحسن توظيف الزمن.

ومن جانبها أبرزت وزيرة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن نزيهة العبيدي أهمية التمكين للمرأة في تونس كإحدى وسائل بلوغ التناصف الحقيقي والفعلي بين الجنسين. وبينت أن الحكومة وضعت جملة من البرامج والخطط في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة على غرار خطة العمل الموضوعة من أجل تمكين 5 آلاف امرأة من إنجاز مشاريعهن في أفق عام 2020.

واستعرضت العبيدي جملة القوانين والتشريعات التي وضعتها تونس في مجال تعزيز مكتسبات المرأة وفي مقدمتها القانون الأساسي المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة.

ومن جهة أخرى كشفت درة محفوظ أستاذة علم الاجتماع بالجامعة التونسية خلال محاضرة ألقتها في يوم توعوي حول “مواطنة المرأة بالمشاركة الفعالة لصنع القرار” الذي نظمته جمعية “صوتك مصيرك” بالتعاون مع مشروع الحقوق الاجتماعية والاقتصادية (دروس)، أن دراسة حديثة أجريت في تونس حول توزيع العمل في البيت بين الرجل وزوجته أظهرت أن المرأة تخصص 5 ساعات ونصف الساعة للقيام بأعمال منزلية، في حين يخصص الرجل 30 دقيقة فقط.

مستوى التمكين الاقتصادي ضعيف لنسبة 95 في المئة من النساء اللاتي يعشن ضمن أسرة متكونة من رجل على الأقل

وصرحت محفوظ خلال محاضرة حول “النساء والمسؤولية النقابية: التحديات والآفاق” أن المرأة التونسية بصدد النضال للتوفيق بين قضاء الشؤون المنزلية والعمل وكذلك العمل الحزبي والجمعياتي، مشيرة إل أن تواجد المرأة التونسية في مواقع القرار في المناصب العليا لا يتجاوز 6 في المئة مؤكدة أن النساء تصطدمن بحسب مصطلح الحركات النسائية “بالسقف البلوري”.

وأشارت إلى أن المجتمع التونسي لا يمكنه أن ينهض ويتطور إلا بتطور نصفه الآخر ملمحة إلى العنصر النسائي، مؤكدة أن مكانة المرأة في النقابات التونسية مرتبط بالسياق العام الحاصل في البلاد وفي المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكذلك سوق الشغل.

واستعرضت محفوظ جملة من المؤشرات والبيانات الإحصائية التي تظهر تواضع تواجد المرأة التونسية في سوق الشغل في العشرية الأخيرة، من ذلك أن نسبة البطالة في صفوف النساء تبلغ 27 في المئة مقابل 15 في المئة للرجال كما أن ثلث طلبات الشغل المتأتية من النساء تمت تلبيته. وفي المقابل بيّنت محفوظ أن الوضعية في الوظيفة العمومية “تبدو أقل حدة وتعرف حصول شبه تناصف بين الجنسين، إذ أنّ تواجد الإطارات النسائية المتوسطة والتقنية تناهز 49 في المئة”.

كما كشفت أن نسبة البطالة تمس النساء أكثر من الرجال وأن 43 في المئة من حاملي الشهادات العليا نساء ولا يجدن شغلا مقابل 23 في المئة للرجال أما في الأرياف فإن امرأة من جملة اثنتان لا تعمل، موضحة أن النساء يقبلن العمل بأجرة أقل بكثير من مستواهم العلمي، وأن الفارق في الأجور بين الجنسين يبلغ 20 بالمائة مهم كان المستوى التعليمي.

21