تقارب بين دروز سوريا وإسرائيل تحت غطاء ديني

دمشق - تشهد العلاقة بين دروز سوريا وإسرائيل تطورا لافتا، تحت غطاء ديني، وهو أمر يثير قلق دمشق، وإن كانت الأخيرة لا تبدي أي موقف حيال ذلك في سياق حرصها على تجنب استفزاز إسرائيل.
وتوجه قرابة 600 رجل دين درزي الجمعة من سوريا إلى إسرائيل للمشاركة في إحياء مناسبة دينية، وفق ما أفاد مصدران محليان، في ثاني زيارة من نوعها منذ الشهر الماضي.
وتأتي الزيارة في إطار تقليد سنوي متّبع منذ أكثر من 140 عاما ويقضي بزيارة رجال دين دروز من لبنان وسوريا والأردن مقام النبي شعيب في منطقة الجليل في الفترة الممتدة بين الثاني والعشرين والخامس والعشرين من أبريل من كل عام.
وتوقفت تباعا مشاركة دروز البلدان الثلاثة في هذا التقليد خصوصا بعد نكبة عام 1948، لكن التحول الذي شهدته سوريا عقب الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، وصعود سلطة جديدة في دمشق منبثقة عن هيئة تحرير الشام (فرع سوريا السابق في تنظيم القاعدة)، ساهم في تغيير موقف دروز سوريا، والانفتاح على إسرائيل، بحثا عن نوع من الحماية.
وقال أبويزن، مختار بلدة حضر الواقعة في مرتفعات الجولان التي تحتل إسرائيل قسما منها، والمشارك في الزيارة إن “400 رجل دين من البلدة ومن مدينة جرمانا (إحدى ضواحي دمشق) توجهوا إلى إسرائيل، بعدما رفع الجانب الإسرائيلي أسماءهم إلينا.” ووفق المختار، فقد تولى الجانب الإسرائيلي نقلهم في حافلات من نقطة إسرائيلية مستحدثة شمال البلدة الواقعة في محافظة القنيطرة.
إسرائيل تحاول التقرب من المجتمعات المحلية في جنوب سوريا ولاسيما الدروز مستغلة فجوة الثقة بين تلك المجتمعات ودمشق
ومن محافظة السويداء، شارك أكثر من 150 رجل دين في الزيارة، وفق ما أفاد مصدر محلي. وقال إن الوفد “أبلغ الحكومة السورية باعتزامه التوجه إلى إسرائيل، من دون أن يتلقى موافقة أو رفضا.” ووفق المصدرين، يعتزم الوفد المبيت لليلة واحدة، بموافقة إسرائيلية.
وأوضح أبويزن “طلبنا البقاء لأسبوع لزيارة المقام وأبناء طائفتنا ولكن الطرف الإسرائيلي لم يسمح لنا إلا بليلة واحدة تحت إشرافه”، مشددا على أن هدف الزيارة “ديني فقط”، في وقت يثير تكرارها انتقادات.
وأوردت شبكة السويداء 24 المحلية للأنباء أن “التنسيق للزيارة جرى بين هيئات دينية في سوريا وإسرائيل، حيث رفعت الهيئات الدرزية في الجليل أسماء الراغبين بالزيارة إلى السلطات الإسرائيلية، التي أعلنت من جانبها الموافقة على دخول الوفد الديني السوري والمشاركة في إحياء المناسبة.” ويتوزّع الدروز بين لبنان وإسرائيل والجولان المحتل وسوريا، حيث تشكل محافظة السويداء (جنوب) المجاورة للقنيطرة معقلهم الرئيسي.
ومنذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، تمكن الدروز إلى حد كبير من تحييد أنفسهم عن تداعياته. فلم يحملوا إجمالا السلاح ضد النظام ولا انخرطوا في المعارضة باستثناء قلة. وتخلف عشرات الآلاف من الشبان عن التجنيد الإجباري، مستعيضين عن ذلك بحمل السلاح دفاعا عن مناطقهم فقط، بينما غضّت دمشق النظر عنهم.
وأثارت تصريحات إسرائيلية أخيرا بلبلة في سوريا، بعدما قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مطلع الشهر الماضي إن “النظام إذا أقدم على المساس بالدروز فإننا سنؤذيه”، وذلك إثر اشتباكات محدودة في مدينة جرمانا التي يقطنها دروز ومسيحيون.
ويقول متابعون إن إسرائيل تحاول التقرب من المجتمعات المحلية في جنوب سوريا ولاسيما الدروز مستغلة فجوة الثقة بين تلك المجتمعات ودمشق، بالتوزاي مع تعزيز حضورها في مناطق معينة على غرار جبل الشيخ، وذلك بهدف تأمين المنطقة الحدودية مع سوريا، وعدم ترك المجال مجددا لأن تكون منطلقا لعمليات مستقبلية ضدها.
ودعا الرئيس السوري أحمد الشرع المجتمع الدولي مرارا إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب “الفوري” من مناطق توغلت فيها في جنوب سوريا، عقب سقوط الأسد، لكن مراقبين يتشككون في فرضية انسحاب إسرائيل، وأن الأمر سيبقى رهين اتفاق شامل مع السلطات الجديدة في سوريا.