تقارب بين العراق وسوريا يثير تساؤلات حول مشاركة الشرع بقمة بغداد

رئيس الوزراء العراقي والرئيس السوري الانتقالي يؤكدان خلال أول اتصال هاتفي على أهمية تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.
الثلاثاء 2025/04/01
مصالح وتحديات مشتركة تفرض على بغداد فتح الباب أمام دمشق

بغداد/دمشق - أجرى رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني اليوم الثلاثاء أول اتصال هاتفي بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع منذ توليه السلطة في دمشق في 29 يناير الماضي، في خطوة تعكس التوجه نحو تعزيز العلاقات الثنائية، لكنها تثير في نفس الوقت التساؤل حول ما إذا كانت تمهد لدعوة الشرع لحضور القمة العربية التي تستضيفها بغداد في 17 مايو المقبل.

هذا الاتصال، الذي جاء في أعقاب زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى بغداد، يعكس رغبة مشتركة في تعزيز التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، خاصة في ظل التحديات الإقليمية المشتركة وتصاعد المخاوف من تمدد الجماعات الإرهابية وتهريب المخدرات.

وتناول الاتصال الهاتفي ملف أمن الحدود والتعاون في مكافحة تهريب المخدرات، مما يعكس القلق المشترك من التهديدات الأمنية العابرة للحدود، وفق بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسوداني.

وأشار البيان إلى أهمية "التعاون المتبادل في مواجهة خطر عصابات داعش الإرهابية، بالإضافة إلى التعاون في المجالات الاقتصادية، بحكم العوامل والفرص المشتركة".

وكانت زيارة وزير الخارجية السوري إلى بغداد ركزت أيضًا على الملف الأمني، خاصة مع تصاعد المخاوف العراقية من تمدد الجماعات الإرهابية في البادية السورية.

وأكد الجانبان على أهمية تطوير العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما يخدم مصالح الشعبين.

وأشار الشرع إلى التزامه بتطوير العلاقات مع العراق، واحترامه لسيادة بغداد وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

وأكد السوداني للشرع "موقف العراق الثابت بالوقوف إلى جانب خيارات الشعب السوري، وأهمية أن تضمّ العملية السياسية كل أطيافه ومكوناته، وأن تصبّ في مسار التعايش السلمي والأمن المجتمعي، من أجل مستقبل آمن ومستقر لسوريا وكلّ المنطقة".

هنأ السوداني الشرع بمناسبة عيد الفطر، ورحب بتشكيل الحكومة السورية الجديدة، مؤكدًا دعم العراق لأمن وسيادة سوريا.

وجدد السوداني موقف العراق الداعم لسوريا، مشيرًا إلى أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين.

ويعكس هذا التقارب العراقي السوري إدراكا مشتركا لأهمية التعاون في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة، حيث يعد ملف أمن الحدود ومكافحة تهريب المخدرات من أبرز الملفات التي تثير قلق البلدين.

وتأتي هذه التحركات في إطار سعي العراق وسوريا إلى مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية، وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

وتاريخيا، شهدت العلاقات العراقية السورية تقلبات كبيرة، متأثرة بالصراعات الإقليمية والدولية. ومع ذلك، يجمع البلدين اليوم تحديات أمنية مشتركة تتطلب تعاونًا وثيقًا، أبرزها مكافحة الإرهاب، خاصةً تنظيم "داعش" الذي يشكل تهديدًا عابرًا للحدود. بالإضافة إلى ذلك، تشكل الحدود المشتركة ممرًا لتهريب المخدرات، مما يستدعي تنسيقًا أمنيًا واستخباراتيًا مكثفًا. وتتخوف الدولتان من التدخلات الخارجية في شؤونهما الداخلية، مما يدفعهما إلى تنسيق المواقف السياسية لمنع هذه التدخلات.

وعلى الصعيد الاقتصادي، يمثل التعاون بين العراق وسوريا فرصة لإعادة إعمار المناطق المتضررة من النزاعات في سوريا، حيث يمكن للعراق أن يلعب دورًا داعمًا في هذه الجهود. كما يمكن للبلدين تعزيز التجارة البينية من خلال تسهيل حركة البضائع والأفراد، وتطوير مشاريع مشتركة في مجالات الطاقة والبنية التحتية.

وتعتبر هذه المصالح الاقتصادية المشتركة دافعًا قويًا لتعزيز التعاون الثنائي، بالإضافة إلى التنسيق في مواجهة الضغوط الدولية المختلفة التي يواجهها كلا البلدين. ويعد هذا التعاون ضروريًا لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وحل النزاعات، وتحقيق فوائد متبادلة للبلدين.

وأغلق العراق الحدود لأسباب أمنية في أعقاب إطاحة فصائل المعارضة المسلحة بالرئيس بشار الأسد في 8 ديسمبر الماضي.

وخاض العراق معركة ضد مقاتلي تنظيم داعش الذين استولوا على أراض على جانبي الحدود بين عامي 2014 و2017.

وقال الشيباني خلال زيارته إلى العراق، إن دمشق "مستعدة للتعاون مع بغداد" في محاربة تنظيم داعش، مضيفا أن "الأمن في سوريا جزء لا يتجزأ من أمن العراق".

وهذا التقارب بين بغداد ودمشق يمكن أن يكون مقدمة لدعوة الشرع لحضور القمة العربية، حيث يسعى العراق إلى تعزيز دوره الإقليمي وتوحيد الصف العربي.

ولا يستبعد مراقبون للشأن السياسي حضور الشرع في قمة بغداد المرتقبة، وذلك لان الدعوة الرسمية ستوجه له حسب البروتوكولات المعمول بها في الجامعة العربية، وبغداد ودمشق ستتفقان في النهاية على طبيعة المشاركة السورية في القمة.

يرى البعض أن مشاركة سوريا في القمة العربية يمكن أن تساهم في تعزيز الحوار العربي وإيجاد حلول للأزمات الإقليمية، حيث يعتبرون أن استمرار الحوار والتنسيق بين العراق وسوريا يمثل نموذجا للتعاون الإقليمي في مواجهة التحديات المشتركة.

وتباينت المواقف السياسية في العراق حول التطور الجديد في العلاقات مع حكومة الشرع الجديدة في سوريا بعد تصريحات وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين بإرسال دعوة رسمية للشرع لحضور القمة العربية المفترض أن تُعقد بالعاصمة بغداد في مايو المقبل.

إذ انتقد رئيس الهيئة التنظيمية للحراك الشعبي، حسين علي الكرعاوي، وزير الخارجية العراقي بسبب دعوته الشرع لحضور القمة العربية في بغداد.

وقال الكرعاوي إن "وزير خارجية كردستان، وليس العراق، ينسجم مع مصالح أسياده الأميركيين”، مشيرًا إلى "وجود رغبة أمريكية-صهيونية في تسويق الشرع كرئيس لسوريا، وما رفع اسمه من قائمة المطلوبين للإدارة الأميركية إلا دليل على ذلك".

إلى ذلك، رأى الناطق السابق باسم نائب رئيس الوزراء العراقي ورئيس مؤسسة المستقبل في الولايات المتحدة، انتفاض قنبر، أن قرار العراق بدعوة وزير الخارجية السوري إلى بلاده "خطوة الصائبة".

وقال قنبر في تصريح إعلامي إن "العراق ليس لديه أي مصلحة في فتح جبهة مواجهة مع سوريا، على عكس ما تسعى إليه الميليشيات المسلحة وبقايا جيش نظام الأسد السابق".

وحول رفض بعض العراقيين الاعتراف بأحمد الشرع بسبب تاريخه كعضو في تنظيم القاعدة ومشاركته في تنفيذ عمليات في العراق، أكد قنبر إن ذلك لا يختلف عما فعله العديد من القادة العراقيين على مر العقود الماضية، عندما شاركوا في محاربة العراق وشعبه، خاصة خلال الحرب العراقية الإيرانية”. وأضاف "لكل حادث حديث".

وشدد قنبر على أن العراق في الوقت الراهن يعد بلدًا ضعيفًا وغير قادر على فتح جبهات جديدة، كما أن ليس له أي مصلحة في ذلك، قائلا إن "أحمد الشرع يمثل ثورة سنية في سوريا ضد عقود من ظلم الميليشيات الإيرانية وعائلة الأسد".

وأعاد قنبر التأكيد على أهمية أن تكون الولايات المتحدة شريكًا وصديقًا استراتيجيًا للعراق، مع التأكيد على ضرورة أن تظل إيران خارج هذه المعادلة.

كما شدد على ضرورة بناء العلاقة بين بغداد وطهران على أسس متوازنة، بحيث لا يتحول العراق إلى مستعمرة إيرانية".

وكانت الجامعة العربية قد استجابت لطلب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بعقد القمة العربية المقبلة في بغداد، والذي تقدم به خلال قمة الرياض في آيار مايو عام 2023، وأكد السوداني، في وقت سابق، أن بغداد ستكون منبراً لتعزيز التعاون العربي ومواجهة التحديات، مجدداً التزام العراق بدعم القضايا العربية، والعمل على إنجاح القمة، وتقديمها منصةً لتحقيق الاستقرار والتنمية.