تفكك تحالف السيادة في العراق يقوي جبهة المعارضين لتقدم

أكدت قيادات في حزب تقدم، الذي يقوده رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، قرب تفكك تحالف السيادة، عازية ذلك إلى عدم التزام الشركاء في التحالف بالمواثيق والثوابت الوطنية، لكن متابعين يربطون الأمر بصراع النفوذ المستفحل داخل البيت السني.
بغداد - خرجت الخلافات بين قطبي السيادة السني في العراق إلى العلن، وسط تصريحات من قيادات تؤكد قرب تفكك هذا التحالف الذي جرى تشكيله في العام الماضي برعاية تركية، في محاولة حينها لتوحيد البيت السني، والظهور بموقف موحد في مواجهة الأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد على مدار عام كامل قبل أن تجري تسويتها بعد انسحاب التيار الصدري.
ويقول متابعون للمشهد العراقي إن التحالف الذي تم بين حزب تقدم الذي يقوده رئيس البرلمان محمد الحلوبسي، وتحالف العزم بزعامة رجل الأعمال السني المعروف خميس الخنجر، كان وليد ظرفية معينة، وليس نتاج مراجعات أفضت إلى بناء قواسم مشتركة، يمكن الاستناد عليها للذهاب بعيدا في هذا التحالف.
ويلفت المتابعون إلى أن الوضع اختلف اليوم، وأن الحلبوسي والخنجر لم يتجاوزا صراع النفوذ الدائر بينهما منذ سنوات حول الساحة السنية، مشيرين إلى أن فرص بقاء التحالف بينهما صامدا تتلاشى لاسيما مع اقتراب موعد انتخابات مجالس المحافظات، المقرر إجراؤها في وقت لاحق من العام الجاري.
وأعلن القيادي في حزب تقدم النائب هيبت الحلبوسي، السبت، عن قرب انتهاء تحالف السيادة، عازيا ذلك إلى عدم التزام الشركاء في التحالف بالمواثيق والثوابت الوطنية، في إشارة إلى تحالف العزم.
وقال الحلبوسي الذي يشغل منصب رئيس لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، في بيان صدر عن مكتبه، إن “حزب تقدم الذي كان يملك قرابة 37 مقعدًا وافق على التحالف مع الشركاء السياسيين الذين يملكون 14 مقعدًا، حرصًا على وحدة الصف وإيمانًا بالثوابت الوطنية التي تنسجم مع مطالب جماهير محافظاتنا المحررة”.
وأكد الحلبوسي أن “الأسباب التي تقف خلف قرب انتهاء تحالف السيادة هي تغليب المصالح الشخصية لأغلب الشركاء السياسيين في التحالف، وانحراف الكثير منهم عن الاتفاقيات السياسية، بالإضافة إلى محاولات شق الصف السياسي، سواء في مجلس النواب أو في المحافظات التي نمثلها”.
وظهرت الأزمة في تحالف السيادة إثر انسحاب النائب رعد الدهلكي من التحالف، و”قبول استقالة” ليث الدليمي من عضوية مجلس النواب، وسط اتهامات لرئيس البرلمان باستغلال منصبه في استهداف منتقديه.
ويرى مراقبون أن الأزمة داخل التحالف ناتجة عن استفراد الحلبوسي بالقرار، ومحاولته تهميش الخنجر وباقي الأعضاء، فضلا عن سلوكياته المستفزة في المحافظات السنية.
ويقول المراقبون إن الحلبوسي لم يحسن إدارة الضغوط التي تواجهه، في المقابل اشتد عود القوى المناوئة له واتسعت دائرة معارضيه، لافتين إلى أن تفكك السيادة قد يقود إلى ضربة موجعة للحلبوسي، حيث من المنتظر في حال تحقق الانفصال أن ينضم الخنجر إلى الجبهة السنية المعارضة له.
ويشير المراقبون إلى أن أزمة الحلبوسي لا تنحصر فقط في قوى سياسية تطمح إلى تزعم الساحة السنية، بل طالت أيضا علاقته بشيوخ العشائر والمحافظين، على غرار محافظ الأنبار علي فرحان الدليمي الذي قاطع منذ فترة أي اجتماعات لرئيس مجلس النواب.
وحذر القيادي السني مشعان الجبوري في تدوينة له “خميس الخنجر من أنه سيكون الضحية القادمة للغادر المحترف إن لم يتدارك الأمر ويتحصن بتشكيل تحالف جديد يضم السيادة المسجل باسمه بالمفوضية ويتحد مع عزم بزعامة مثنى السامرائي ونواب تقدم المستائين من سلوك الفتى المغامر، وبذلك يمكن أيضا تفكيك منظومته الإجرامية التي تعمل بغطاء سلطة الدولة”، وبدا أن إشارات الجبوري موجهة إلى الحلبوسي.
وكشف مصدر سياسي مطلع، السبت، عن اعتزام ثلاثة نواب الانسحاب من حزب تقدم. ونقلت وسائل إعلام محلية عن المصدر قوله إن “ثلاثة نواب عن محافظة نينوى يعتزمون الانسحاب من حزب تقدم خلال الأيام المقبلة”.
وكان النواب فلاح الزيدان ولطيف الورشان وعادل المحلاوي ويوسف السبعاوي أعلنوا الجمعة انسحابهم من حزب تقدم. وعزا النواب الأربعة انسحابهم إلى “ملاحظات عدة على طريقة عمل الحزب وعدم وجود شراكة حقيقية في اتخاذ القرار”، مؤكدين في الوقت ذاته “بقاءهم ضمن تحالف السيادة”.
وتعكس هذه التطورات عن قرب تشكل جبهة عريضة للمطالبة بتنحي الحلبوسي من منصب رئيس البرلمان، وهو ما يطمح إليه معارضوه، كمقدمة لتحجيمه في المحافظات السنية.
وكانت قوى في الإطار التنسيقي، يتقدمها ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، قد أكدت استعدادها للتجاوب مع تنحي الحلبوسي عن رئاسة البرلمان شريطة توفر إجماع سني.
ويرى متابعون أن هذا الموقف لا يخلو من نزعة انتقامية، فقوى الإطار لم تنس للحلبوسي أنه تحالف ضدها مع التيار الصدري، قبل أن ينسحب الأخير من المشهد، وبذلك تتمكن تلك القوى من إعادة السيطرة على العملية السياسية.
وكشف تحالف الأنبار الموحد، السبت، عن فشل جهود رئيس مجلس النواب للصلح مع شيوخ عشائر الأنبار، مشيرا إلى أن قبول الصلح يرتبط بموافقة الحلبوسي على سحب يده من الأنبار بشكل تام.
وأجرى ريكان الحلبوسي، والد رئيس مجلس النواب، سلسلة من الاجتماعات مع شيوخ العشائر ضمن تسوية أطلقها لتوزيع المناصب وإنهاء حالة المعارضة المتزايدة ضد ابنه.
وقال القيادي في التحالف محمد دحام في تصريحات صحفية “منذ أسابيع جرت عدة محاولات من قبل رئيس البرلمان ووالده من خلال التجوال والتنقل بين شيوخ محافظة الأنبار لأجل التقرب من تحالف الأنبار بعد أن حدث تفكك وتصدع داخل تحالف السيادة وتراجع شعبية الحلبوسي إلى مستوى كبير في المحافظة والمحافظات السنية”.
وأضاف أن “هدف الزيارات واللقاءات واضح لنا تماما، إلا أننا لم ولن نقبل أي وساطة ولن نساوم على حساب مصالح ومقدرات المحافظة إلا بعد أن يرفع يده كليا عن التدخل في شؤون المحافظة”.
واعتبر القيادي في التحالف أن الزيارة الأخيرة للحلبوسي والزيارات السابقة لشيوخ الأنبار قد فشلتا تماما.