تفعيل اتفاق سلام جوبا يذلل عقبات الأزمة السياسية في السودان

السودانيون يأملون أن يشكل الاتفاق بداية لنهاية 6 عقود من الحروب الأهلية، التي أجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى.
الاثنين 2023/02/20
تعاون أوسع وتنسيق أكبر

الخرطوم - وقعت الحكومة السودانية وحركات الكفاح المسلح الأحد في عاصمة جنوب السودان على صيغة محدثة لتنفيذ اتفاق جوبا للسلام، ما يذلل عقبات حل الأزمة السياسية في السودان.

وأكد عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي التزام الحكومة السودانية بالعمل على تنفيذ الاتفاق بصيغته المعدلة حتى تحقيق السلام.

وقال البرهان في حفل التوقيع على الصيغة المعدلة إن الاتفاق سيسمح بتعاون أوسع وبتنسيق أكبر بين جوبا والخرطوم. وذكر رئيس مجلس السيادة الانتقالي أن “الحرب لعينة والقتال لا يمكن أن يجلب السلام”.

عبدالفتاح البرهان: ملتزمون بتنفيذ الاتفاق بصيغته المعدلة حتى تحقيق السلام
عبدالفتاح البرهان: ملتزمون بتنفيذ الاتفاق بصيغته المعدلة حتى تحقيق السلام

وأعرب البرهان عن امتنانه لكل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية التي ساهمت في التوصل إلى اتفاق جوبا.

ويأمل السودانيون أن يشكل الاتفاق بداية لنهاية 6 عقود من الحروب الأهلية، التي حصدت أرواح نحو 4 ملايين شخص، وأجبرت أكثر من 10 ملايين على النزوح الداخلي هربا من الموت أو اللجوء إلى بلدان أخرى بحثا عن الأمان والاستقرار.

وشملت الحرب مناطق عديدة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق، ما أدى إلى إهدار كم ضخم من الموارد، وتسبب في خسائر مادية مباشرة وغير مباشرة تقدر بأكثر من 600 مليار دولار إضافة إلى إيجاد حالة من الغبن الاجتماعي.

وجاء اتفاق جوبا للسلام 2020 بعد مفاوضات استمرت 10 أشهر في عاصمة جنوب السودان، وشاركت فيه عدد من الحركات المسلحة أبرزها الحركة الشعبية شمال – جناح مالك عقار وحركة جيش تحرير السودان – جناح أركي مناوي وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، إضافة إلى مجموعات غير مسلحة تشمل مسارات الوسط والشرق والشمال.

وتلخصت أبرز بنود الاتفاق في وقف الحرب وجبر الضرر واحترام التعدد الديني والثقافي والتمييز الإيجابي لمناطق الحرب، وهي دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان.

ونص الاتفاق كذلك على منح منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان صيغة حكم ذاتي حددت من خلالها اختصاصات السلطات المحلية والفيدرالية، بما في ذلك سن القوانين والتشريعات التي اتفق على أن تستند إلى دستور 1973، إضافة إلى تشكيل مقتضيات أهمها مفوضية للحريات الدينية.

ومنذ الثامن من يناير الماضي تجري بين الفرقاء السودانيين عملية سياسية بين الموقعين على “الاتفاق الإطاري” المبرم في 5 ديسمبر 2022 بين مجلس السيادة العسكري الحاكم وقوى مدنية معارضة أبرزها قوى الحرية والتغيير.

ويهدف الاتفاق إلى حل أزمة سياسية ممتدة منذ 25 أكتوبر 2021، حين فرض البرهان إجراءات استثنائية منها إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.

الجهود الغربية أثمرت في الضغط على طرفي الخلاف للمضي قدما في تتويج المصالحة بالإمضاء على الاتفاق النهائي الذي ستتحول معه السلطة إلى المدنيين

وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية بدأت بالسودان في 21 أغسطس 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات في مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.

وتشمل المرحلة النهائية التوصل إلى اتفاق بشأن 5 قضايا هي: العدالة والعدالة الانتقالية، الإصلاح الأمني والعسكري، مراجعة وتقييم اتفاق السلام، تفكيك نظام 30 يونيو 1989 (نظام عمر البشير)، قضية شرقي السودان.

وأحرزت الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري في السودان والكتلة الديمقراطية في تحالف الحرية والتغيير المعارضة له تقدمًا ملموسًا في مفاوضات ترعاها الآلية الثلاثية المكونة من البعثة الأممية والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد).

ومن المتوقع أن تُفضي التطورات الراهنة إلى التوقيع على اتفاق سياسي نهائي في غضون أيام قليلة ستشكل بمقتضاه حكومة جديدة تفتح الباب أمام استكمال مهام المرحلة الانتقالية وصولاً إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.

وأثمرت الجهود الغربية في الضغط على طرفي الخلاف للمضي قدما في تتويج المصالحة بالإمضاء على الاتفاق النهائي الذي ستتحول معه السلطة إلى المدنيين، ما يعيد مسار الانتقال الديمقراطي إلى السكة.

2