تفتت اليسار الأميركي

"تاريخ للحضارات" يقدم رؤية شاملة تعرّف بالمغامرة الإنسانية منذ بدء الخليقة، وتغطي مجمل العصور في شتى القارات، لا تستثني حتى المجتمعات التي لم تعرف الكتابة.
الأحد 2019/01/27
مارك ليلّا: حان الوقت كي يعيد اليسار اكتشاف فضائل التضامن الجمهوري

بعد كتاب "الإله الذي ولد ميتا" عن الدين والسياسة والغرب المعاصر، صدر للأميركي لمارك ليلّا أستاذ علم الاجتماع بجامعة كولمبيا كتاب عنوانه "اليسار الهووي"، يفسر فيه هزيمة هيلاري كلينتون أمام دونالد ترامب بتشظي اليسار إلى عدة تيارات من لاتينيين وأفارقة وخضر ومثليين منعت الحزب الديمقراطي من إيجاد رؤية شاملة عن البلاد بأسرها كان يمكن أن تجمع مواطنين من أصول مختلفة، للفوز بالانتخابات، وتلبية مطالب تلك الجماعات الهووية.

 وفي رأيه أن اليسار الأميركي ترك الإقناع الديمقراطي لينخرط في الإدانة العلنية المتعالية، والجدل العقيم حول الجندرة والحرية الجنسية والمسائل العرقية، فوقع في فخ نصبه لنفسه ولم يستفد منه غير اليمين، الذي يحسن استغلال الخلافات.

 يقول الكاتب: "بعد صراع الطبقات، وغواية التمرد المسلح، والحلم الرومانسي بالعالم ثالثية، وأمام تحديات العولمة، حان الوقت كي يعيد اليسار اكتشاف فضائل التضامن الجمهوري".

نظرة شاملة لتاريخ الإنسانية عبر الآثار 

مقاربة أنثروبولوجية وتاريخية للأركيولوجيا
مقاربة أنثروبولوجية وتاريخية للأركيولوجيا

من خلال مقاربة أنثروبولوجية وتاريخية للأركيولوجيا، يقدم كتاب "تاريخ للحضارات" حصيلة للمعرفة الراهنة عن الأصول والتطور المادي للمجتمعات، منذ أقدم العصور إلى الآن، بغرض وضع كل حضارة في إطارها عبر خصوصياتها الاجتماعية والثقافية.

في هذا الكتاب الذي أشرف عليه جان بول ديمول أستاذ التاريخ الأوائلي في السوربون، ودومنيك غارسيا أستاذ علم الآثار في جامعة إيكس مرسيليا، وألان شناب أستاذ الأركيولوجيا اليونانية في السوربون، الذي يعد من أهم العارفين بتاريخ الآثار في العالم، تركيز على الثورة الهادئة التي غيرت معرفتنا بتاريخ البشرية منذ الثمانينات، بفضل المستحدثات التكنولوجية وتطور منهجية علم الآثار، حيث تم اكتشاف جوانب هامة من ذلك التاريخ كانت مجهولة.

ولكن رغم تعدد المنشورات العلمية في هذا المجال، ظلت تفتقر إلى نظرة شمولية تقربها من غير المتخصصين، وهو ما حرص الكتاب على الاشتغال عليه، فقد تضافرت جهود مجموعة من العلماء لصياغة رؤية شاملة تعرّف بالمغامرة الإنسانية منذ بدء الخليقة، وتغطي مجمل العصور في شتى القارات، لا تستثني حتى المجتمعات التي لم تعرف الكتابة. 

جنون الفلسفة

في كتابه "الفلسفة جُنّت" يتوقف جان فرنسوا برونشتاين أستاذ الفلسفة المعاصرة بالسوربون عند ثلاث مسائل مثيرة للجدل هي الجندر، وحقوق الحيوان، والموت الرحيم، تحظى باهتمام ثلاث مواد في رحاب الجامعة هي دراسات الجندر، ودراسات الحيوان، والبيو إيثيقا. بيد أننا عندما نقرأ نصوص مؤسسي تلك المواد أمثال جون موني، وجوذيث بتلر، وبيتر سنغر، ودونّا هاراوي وآخرين، نكتشف أن خلف النوايا الطيبة عواقب عبثية بل وضيعة.

 يقول الكاتب: إن لم يكن الجندر مرتبطا بالجنس، فلم لا نغيره كل صباح؟ وإن كان الجسد في خدمة وعينا، فلم لا نغيره على الدوام؟ وإن لم يكن ثمة فرق بين الحيوانات والبشر، فلم لا نجري تجاربنا العلمية على البشر بدل الحيوان؟ ولم لا نقيم علاقات جنسية مع حيواناتنا الأليفة؟ وإن كانت ثمة حيوات جديرة بأن تعاش وأخرى لا، فلم لا نتخلص من "المعوقين" بمن فيهم الأطفال "المرضى"؟ ولم لا نؤمم أعضاء الذين هم في عداد الموتى ونعطيها لبشر واعدين؟

11