تفاهمات اللحظة الأخيرة قد تنزع فتيل الهجوم على رفح

مصر تتفاءل بنتائج زيارة وفدها الأمني إلى تل أبيب.
الأحد 2024/04/28
من يمنع اجتياح رفح

مصر تقول إن وفدها الأمني الذي زار تل أبيب حمل أفكارا جديدة ونجح في تليين موقف حماس وإسرائيل معا. لكن لا يعرف مدى استعداد الطرفين لدخول تهدئة في غير وقتها بالنسبة إلى إسرائيل وحماس معا، الأولى بسبب زيادة الضغوط الداخلية والثانية تتخوف من تأثير هجوم رفح.

القاهرة - ينتظر الفلسطينيون نتائج التحركات الهادفة إلى تحقيق تهدئة تفضي إلى وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين بما من شأنه أن ينزع فتيل الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح التي يراها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مهمة لاستكمال تحقيق أهداف الحرب وعلى رأسها تفكيك حركة حماس.

وسرّعت القاهرة من تحركاتها الأيام الماضية، وطرحت أفكارا جديدة وعرضتها على إسرائيل وحماس حملها الوفد الأمني الذي زار تل أبيب. وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي السبت استمرار الجهود المكثفة على شتى الأصعدة، لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه في دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وتدرس حركة حماس ردّ إسرائيل على اقتراح بشأن هدنة محتملة في غزّة مرتبطة بإطلاق سراح رهائن محتجزين بالقطاع غداة وصول وفد أمني مصري، الجمعة، يضم مجموعة من المختصين في الملف الفلسطيني إلى إسرائيل، في محاولة لاستئناف المفاوضات المتعثرة، ومناقشة إطار شامل لوقف إطلاق النار في غزة.

وألقت حماس بورقة ضغط خاصة بها من خلال عرض أسرى في فيديو لإضعاف موقف نتنياهو داخليا، والخطوة يمكن أن تحقق نتيجة عكسية بأن تدفعه إلى التصعيد. ونشرت "كتائب القسام"، الذراع العسكرية المسلحة لحركة حماس، السبت، مقطع فيديو لأسيرين احتجزتهما في السابع من أكتوبر الماضي، يطالبان حكومة نتنياهو بالإفراج عنهما.

سمير فرج: القاهرة تدخل المفاوضات هذه المرة بثقل وهناك تقدم في ملف التباحث حول الهدنة وتبادل الأسرى
سمير فرج: القاهرة تدخل المفاوضات هذه المرة بثقل وهناك تقدم في ملف التباحث حول الهدنة وتبادل الأسرى

وعرضت “القسام” المقطع ومدته 3:27 دقيقة يتضمن مقابلتين مع الأسيرين الإسرائيليين، كيت سيغال (64 عاما) وعومري ميران (47 عاما)، وهما يتحدثان عن الظروف الصعبة التي يعيشونها تحت القصف الإسرائيلي على قطاع غزة. وتضمن المقطع تصريحات لنتنياهو يقول فيها “استمرار الضغط العسكري هو وحده فقط ما سيؤدي إلى تحرير جميع الأسرى”. كما تضمن المقطع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت يقول فيها “كلما ازداد الضغط العسكري كلما زادت فرصتنا للوصول إلى أعزائكم”.

وخلال المقطع قالت الكتائب في جمل مكتوبة “الضغط العسكري الذي تمارسه إسرائيل تسبب بمقتل عشرات الأسرى في غزة، وحرم البقية من الاحتفال بعيد الفصح (اليهودي الذي بدأ الثلاثاء ويستمر أسبوعا) مع أسرهم (دون توضيح عددهم)”.

وأكد الخبير الإستراتيجي اللواء سمير فرج لـ”العرب” أن زيارة الوفد الأمني لإسرائيل حققت نتائج إيجابية، على مستوى تليين مواقف حكومتها تجاه الهدنة وتبادل الأسرى مع حركة حماس، مشيرا إلى أن الخطة المصرية تقوم على وقف إطلاق النار لمدة عام، وهذا ما توافقت عليه دوائر عدة في إسرائيل، لكن تظل المشكلة في نتنياهو ومعه وزيران من اليمين المتطرف.

وأضاف أن المشكلة في قبول حماس وفصائل المقاومة للمقترح المصري، لأن الحركة ترغب في وقف دائم لإطلاق النار، مع إخراج جميع الأسرى دفعة واحدة، لذلك تسعى القاهرة إلى إيجاد مواءمة بين الموقفين في إسرائيل أو غزة، كي تصل إلى نقاط تفاهم بين الطرفين.

وأوضح سمير فرج، المقرب من دوائر صناعة القرار في مصر، في تصريح خاص لـ”العرب” أن القاهرة تدخل المفاوضات هذه المرة بثقل، وهناك تقدم في ملف التباحث حول الهدنة وتبادل الأسرى، لأن هدفها أبعد من مجرد وقف الحرب، حيث لديها خطة تتضمن أيضا إعادة إعمار غزة وإجراء انتخابات تكنوقراط في القطاع، ورؤية حول توحيد الضفة الغربية والقطاع كنواة لدولة فلسطينية.

ولفتت قناة “القاهرة الإخبارية” السبت إلى وجود تقدّم ملحوظ في تقريب وجهات النظر بين الوفدين المصري والإسرائيلي بشأن التوصل إلى هدنة، لافتة إلى أن مصر قدمت اقتراحاً لحماس بالإفراج عن 20 إلى 40 محتجزاً مقابل وقف إطلاق النار.

وقالت تقارير عبرية إن إسرائيل أبلغت الوفد المصري استعدادها لمنح “فرصة واحدة وأخيرة” للتوصل إلى اتفاق حول الأسرى قبل المضي قدما في عملية اجتياح رفح. وأشارت إلى أن عددا من أعضاء حكومة نتنياهو يؤيدون مقترحات مصر ونقلت المقترحات إلى حماس للتوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى ووقف مؤقت لإطلاق النار.

◙ حماس تعرض أسرى في فيديو لإضعاف موقف نتنياهو داخليا، والخطوة يمكن أن تحقق نتيجة عكسية بأن تدفعه إلى التصعيد

وكشف مسؤول أمني لهيئة البث الإسرائيلية أن الفرصة الأخيرة هي “إما أن يعود المختطفون في صفقة تؤخر الدخول إلى رفح، أو ندخل الحرب في رفح، ونتركها كما تركنا شمال ووسط القطاع لحماس”. لكن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هدد بإسقاط الحكومة إذا وافقت على الصفقة وفق المخطط المصري، واعتبرها “استسلاما خطيرا، وانتصارا رهيبا لحماس”.

وأكد نائب رئيس حماس خليل الحية تسلّم الحركة ردّ إسرائيل الرسمي على موقفها الذي سُلّم للوسيطين المصري والقطري في الثالث عشر من أبريل، قائلا “ستقوم الحركة بدراسة المقترح، وحال الانتهاء من دراسته ستُسلّم ردّها”.

وشددت حماس على التمسّك بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وانسحاب الجيش من كامل القطاع، وعودة النازحين إلى أماكن سكنهم، وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات والبدء في عملية إعادة الإعمار. وكانت إسرائيل قد رفضت وقفا دائما لإطلاق النار وانسحابًا كاملًا لقواتها من غزة، وأعلنت عزمها اجتياح مدينة رفح التي يقطن بها حوالي 1.5 مليون نازح فلسطيني، باعتبارها آخر معقل عسكري لحماس في القطاع.

ويواجه اجتياح رفح بتحفظات أميركية، ورفض من قبل جهات دولية عدة، خوفا من وقوع المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الفلسطينيين، وتصاعدت حدة الانتقادات الموجهة لإسرائيل من منظمات أممية مختلفة، وبدأت الحركة الطلابية في جامعات أميركية وأوروبية تثير مخاوف من اتساع نطاقها، ما ينطوي على تأثيرات سياسية للحكومات المؤيدة لإسرائيل.

وستكون الحرب بين إسرائيل وحماس وتداعياتها المختلفة محور محادثات في الرياض بين وزراء خارجية عدد من الدول العربية والأوروبية في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي يومي الأحد والاثنين.

ويقول متابعون إن مواصلة إسرائيل الحرب على غزة من خلال القيام بعملية عسكرية كبيرة في مدينة رفح قد لا يضمن تحقيق أهداف نتنياهو كاملة، لأن نحو سبعة أشهر من العمليات في شمال غزة ووسطه لم تفض إلى كسر قدرات حماس العسكرية، فلا تزال مستمرة في مقاومة قوات الاحتلال، في أماكن قالت قيادته إنها سيطرت عليها.

ويضيف هؤلاء المتابعون أن هدنة لفترة معينة يتم فيها تبادل الأسرى يمكن أن تمنح فرصة لالتقاط الأنفاس لإسرائيل وحماس والولايات المتحدة، وفتح المجال لخلق أمر واقع يتيح الحديث عن قضايا رئيسية، تتعلق بمصير حماس السياسي، ومستقبل قطاع غزة، والموقف من الدولة الفلسطينية، وهي ملفات يحتاج حسمها إلى المزيد من الوقت.

3