تفاقم التوترات التجارية يقوض الاقتصاد العالمي

منظمات غير حكومية تطالب صندوق النقد بتخصيص المزيد من الأموال للبلدان منخفضة الدخل.
السبت 2023/04/08
صندوق النقد يطلق جرس الإنذار

واشنطن - حذر صندوق النقد الدولي من أن تفاقم التوترات العالمية بما في ذلك استمرار الحرب التجارية الأميركية - الصينية، والحرب في أوكرانيا، قد يؤدي إلى فقدان الاقتصاد العالمي المزيد من قوة الدفع.

ويرى خبراء الصندوق أن انقسام العالم إلى جبهتين بين الولايات المتحدة والصين قد يتسبب في إعادة تشكيل العلاقات التجارية بين الدول ويعزز من الحمائية لضمان توافر سلاسل الإمدادات بين دول التحالفات الاقتصادية.

وأكدوا أن هذا المنحى ستكون له تداعيات قاسية على الإنتاج العالمي، والذي يتوقع أن يتقهقر بنسبة واحد في المئة في خمس سنوات وبنسبة اثنين بالمئة على المدى الطويل.

صندوق النقد الدولي: الحمائية قد تؤدي إلى خسارة العالم اثنين في المئة من النمو
صندوق النقد الدولي: الحمائية قد تؤدي إلى خسارة العالم اثنين في المئة من النمو

وأشار الصندوق في مدونة عشية انعقاد اجتماعات الربيع إلى مشاريع القوانين الأخيرة، التي تم تبنيها على خلفية التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، مثل قانون الرقائق الأميركي.

وفرضت اليابان مؤخرا قيودها الخاصة على 23 نوعا من معدات تصنيع أشباه الموصلات، لتنضم إلى جهود الولايات المتحدة للحد من قدرة بكين على تصنيع رقائق متقدمة.

وأظهر مسح حديث أجرته غرفة التجارة الأميركية في الصين تحولا في الاستثمار الأجنبي المباشر بعيدا عن الصين، إذ أن أقل من نصف المشاركين في الاستطلاع صنفوا الصين كأولوية استثمارية ثالثة للمرة الأولى منذ ربع قرن.

ووجدت الأبحاث التي أجراها صندوق النقد أن “التوترات الجيوسياسية المتزايدة تسببت في إعادة تخصيص الاستثمار الأجنبي المباشر بعيداً عن البلدان القريبة جغرافيا، ونحو تلك التي كانت قريبة جيوسياسيا، مثل الولايات المتحدة وأوروبا”.

واعتبر الصندوق أن إعادة تخصيص الاستثمار الأجنبي المباشر هذه من المحتمل أن تتسبب في أضرار جسيمة لاقتصادات الأسواق الناشئة، لأنها تعتمد بشكل أكبر على تدفقات الاستثمار من البلدان البعيدة جيوسياسيا.

وكتب مسؤولو صندوق النقد في مدونة نشرت الأربعاء الماضي يقولون إنه بشكل عام، من المرجح أن يكون العالم المجزأ أفقر.

وأضافوا “يجب أن يوازن صانعو السياسة بعناية الدوافع الإستراتيجية وراء إعادة التوطين ودعم الأصدقاء مقابل التكاليف الاقتصادية لاقتصاداتهم والآثار غير المباشرة للآخرين”.

وقالت مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا خلال حدث أقيم في مركز ميريديان الدولي بواشنطن إن “الاقتصاد العالمي من المتوقع أن ينمو أقل من 3 في المئة هذا العام، انخفاضا من 3.4 في المئة العام الماضي، مما يزيد من مخاطر الجوع والفقر على مستوى العالم”.

وأوضحت أن فترة تباطؤ النشاط الاقتصادي ستمتد، مع بقاء السنوات الخمس القادمة من النمو عند حوالي ثلاثة في المئة، واصفة إياها بأنها “أدنى توقعاتنا للنمو متوسط الأجل منذ عام 1990، وأقل بكثير من متوسط 3.8 في المئة خلال العامين الماضيين”.

ولفتت إلى أن تباطؤ النمو سيكون “ضربة قاسية”، مما يجعل من الصعب على الدول منخفضة الدخل اللحاق بالركب. وقالت “يمكن أن يزداد الفقر والجوع، وهو اتجاه خطير بدأته أزمة كوفيد”.

وتأتي تعليقات جورجيفا بينما يستعد صانعو السياسة المالية والنقدية لمناقشة القضايا الأكثر إلحاحا لتحفيز الاقتصاد العالمي خلال اجتماعات الربيع التي تنطلق الاثنين المقبل وتستمر أسبوعا.

كريستالينا جورجيفا: الاقتصاد العالمي من المتوقع أن ينمو أقل من 3 في المئة هذا العام
كريستالينا جورجيفا: الاقتصاد العالمي من المتوقع أن ينمو أقل من 3 في المئة هذا العام

وسيعقد التجمع السنوي في الوقت الذي تواصل فيه البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم رفع أسعار الفائدة لتهدئة التضخم المستمر، ومع استمرار أزمة الديون في الاقتصادات الناشئة في زيادة أعباء الديون، مما يمنع الدول من التطور.

ووفقا لصندوق النقد، يعاني ما يقرب من 15 في المئة من البلدان منخفضة الدخل من ضائقة ديون، و45 في المئة أخرى تواجه ضعف ديون عالية.

وأكدت جورجيفا أن أسعار الفائدة المرتفعة وسلسلة حالات فشل البنوك في الولايات المتحدة وأوروبا وتعميق الانقسامات الجيوسياسية تهدد الاستقرار المالي العالمي.

وبالنظر إلى التوقعات الاقتصادية، تطالب المنظمات غير الحكومية صندوق النقد بتخصيص المزيد من الأموال للبلدان منخفضة الدخل من خلال حقوق السحب الخاصة، وهي أصول احتياطية دولية للمؤسسة المالية الدولية المانحة يمكن استبدالها بالعملة الصعبة.

وأرسلت أكثر من 50 منظمة غير حكومية ونقابات عمالية رسالة إلى وزارة الخزانة الأميركية والبيت الأبيض الخميس الماضي تدعو ممثل الولايات المتحدة في الصندوق إلى دعم التخصيص الجديد لحقوق السحب الخاصة لتستخدمها البلدان منخفضة الدخل.

وقال مارك وايسبروت المدير المشارك لمركز أبحاث الاقتصاد والسياسة، إن الأموال يمكن أن تستخدم في الغذاء والدواء ولمساعدة البلدان على “تجنب الأزمات الاقتصادية المدمرة”.

10