تفاؤل وحذر في تركيا بعد دعوة زعيم العمال الكردستاني لإلقاء السلاح

أنقرة - أثارت دعوة عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني من سجنه الجماعة التي يتزعمها لإلقاء السلاح أملا وشكوكا في تركيا، في حين ربطها محللون بمحاولة محتملة من رئيس البلاد للتغلب على قيود دستورية تخص عدد فترات الرئاسة بينما اعتبر العراق الدعوة مهمة للأمن الإقليمي.
وتجمع الآلاف في منطقة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية وسط تركيا الخميس، ولوحوا بالأعلام الكردية بالألوان الحمراء والصفراء والخضراء، ورددوا شعارات وهم يشاهدون على شاشات كبيرة رسالة أوجلان التي قرأها أعضاء الوفد الذي زاره.
وانقسمت ردود الفعل، إذ رحب البعض بالدعوة باعتبارها خطوة نحو السلام، في حين رفضها آخرون باعتبارها خطأ.
وقال محمد قايا وهو صاحب متجر يبلغ 54 عاما من منطقة بطمان "إنها جيدة وقيمة... نأمل أن يأتي معها السلام. نريد السلام والهدوء".
ويرى المتقاعد سعد الله بوزيت (58 عاما) أن الدعوة تشكل إشارة أوسع نطاقا للمنطقة. وقال "ليست هذه الرسالة موجهة للأكراد والأتراك فحسب، وإنما إلى كل شعوب الشرق الأوسط". ورفض آخرون الدعوة رفضا قاطعا.
وقال مصطفى أوت وهو من سكان منطقة نيفشهير وسط تركيا "ليست هذه الخطوة الصحيحة. في السنوات السابقة، أرادوا إلقاء أسلحتهم. وفعلوا ذلك، واكتسبوا قوة مرة أخرى. هذه خطوة خاطئة".
وعبر تكين إرتورك (61 عاما) الذي يعمل في مجال التأمين عن تفاؤل حذر في منطقة قاضي كوي بإسطنبول. وقال "إن شاء الله نتمنى السلام والهدوء والوحدة والأخوة. أتمنى ألا تكون هناك مشكلات إرهابية أخرى في هذا البلد".ولا يزال محللون سياسيون متشككين بشأن نوايا الحكومة التركية.
وقال ولفانجو بيكولي، الرئيس المشارك بشركة تينيو المتخصصة في تقديم الاستشارات المتعلقة بالمخاطر السياسية "أوجلان وجه دعوة تاريخية للسلام، لكن من غير الواضح ما إذا كانت أنقرة تسعى حقا إلى التوصل إلى اتفاق أم أنها تجري مناورة سياسية لخدمة مصالحها".
وأضاف "في أكثر السيناريوهات تفاؤلا، تسوية ذلك الصراع المتعدد الجبهات قد تستغرق سنوات".
وأضاف أن الرئيس رجب طيب أردوغان أمامه خيارات صعبة، فقد يحتاج إلى دعم من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد للحصول على الأصوات المطلوبة لتعديل الدستور وإعادة انتخابه في المستقبل.
ورجح إمري بيكر من مجموعة أوراسيا في مذكرة أن يستغل أردوغان دعوة أوجلان لإشراك الأكراد في تعديل دستوري يمكنه من التغلب على حدود مدة تولي الرئاسة والسعي لإعادة انتخابه في مايو 2028 مع حماية الحقوق الثقافية واللغوية الكردية.
وأضاف "إذا تعثرت المحادثات مع الأكراد، كما حدث خلال الفترة من 2012 إلى 2015، فمن المحتمل أن يصعد أردوغان حملته ضد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد ويشن هجمات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني لتعزيز شرعيته القومية".
ورغم بعض التفاؤل لكن مصادر تحدثت وقوع اشتباكات في منطقة نهيل التابعة لقضاء العمادية في محافظة دهوك شمال العراق حيث شن مقاتلو الحزب هجمات على مواقع الجيش التركي فيما يبدو أنها رسالة شديدة اللهجة بعدم القاء السلاح.
وقد رحّبت وزارة الخارجية العراقية بالدعوة معتبرة إياها "خطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة" حيث مثل إقليم كردستان في شمال البلاد ساحة للمواجهات العنيفة بين تركيا والمتمردين الاكراد.
وقالت الوزارة في بيان في وقت متأخر الخميس إنها "تعتبر هذه الخطوة إيجابية ومهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة وخطوة بالغة الأهمية نحو تعزيز الأمن، ليس فقط في العراق بل في المنطقة بأسرها".
وأكدت أن "الحلول السياسية والحوار هما السبيل الأمثل لمعالجة الخلافات وإنهاء النزاعات".
وأعربت الخارجية العراقية عن أملها "في أن تُترجم هذه الدعوة إلى خطوات عملية وسريعة لإلقاء قوات الحزب سلاحها".
وشدّدت الحكومة العراقية المركزية في الأشهر الأخيرة لهجتها ضد حزب العمال الكردستاني، واعتبرته في مارس 2024 "منظمة محظورة".
وطالبت تركيا بغداد ببذل جهود أكبر في هذه القضية. وفي منتصف أغسطس، وقّع البلدان اتفاق تعاون عسكري يتعلق بإنشاء مراكز قيادة وتدريب مشتركة كجزء من الحرب ضد حزب العمال الكردستاني.
وأكّدت الخارجية العراقية في بيانها التزام الحكومة الاتحادية "بالعلاقات القوية مع الجارة تركيا".
وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني في إقليم كردستان دعا العمال الكردستاني للالتزام بدعوة اوجلان حيث قال عضو الحزب دلشاد شعبان لموقع "بغداد اليوم" "رسالة أوجلان هي بمثابة إعلان تاريخي لحرب طالت لسنوات، والخاسر الأكبر فيها كانوا هم الكرد، وحزب العمال الكردستاني كان يعادي الشعوب الكردي، وخاصة في إقليم كردستان، ولم يقدم أي خدمة للنضال الكردي".
وأضاف أنه "على عناصر حزب العمال الكردستاني تنفيذ دعوة أوجلان وإلقاء السلاح، والبدء بخطوات سريعة، تتمثل بالحوار الدبلوماسي، والتفاوض، لنيل الحقوق الكاملة للكرد في تركيا، كما عليهم الانسحاب من المناطق التي ينتشرون بها في العراق وسوريا".